اختار لنفسه رفيقًا يلازمه في مشوار حياته، رفيقًا ينطق حقًا وصدقًا وجمالًا، أسرته حلاوة كلامه منذ طفولته، فقرر أن يكون حديثه مع ذلك الرفيق بصوت يليق به، حاول أن يكون في البدء قارئًا، ثم مرتّلًا، وبعد رحلة سنوات بصحبة القرآن الكريم وجد نفسه محكمًا دوليًا لمسابقاته، ومجيزًا لقرائه.
لم تمنعه وظيفته السابقة كمسؤول قسم صيانة سيارات ومشتريات قطع غيار ولا وظيفته الحالية كموظف علاقات عامة بشركة أهلية بالدمام أن يطوّر علاقته بكتاب الله، فبين وظيفتيه كان يزاحم وقته ويقتطع منه جزءًا كبيرًا من أجل القرآن، متقلدًا عددًا من المناصب لخدمته، وها هو اليوم عضو في اللجنة الإشرافية بمركز القرآن الكريم بأم الحمام.
في بيت رفيقه القرآن
ولد محمد مهدي منصور آل منصور، وسط أسرةٍ كان القرآن رفيقها، فقد فُتِحت عيناه على صورة والده وهو يمسك المصحف بين يديه، وشق سمعه صوت ذلك الوالد وهو يتلو آياته في أغلب وقته، كما أنه لم يضع شهر الصيام في حياته حتى يومنا هذا دون أن يشرّف بيته بمجلس قرآني يختم فيه كتاب الله بصوته.
وبرز اهتمام تلك الأسرة في دفع ولدها محمد ليكون رفيقًا للقرآن، فألحقته وهو طفل صغير في السابعة من عمره بـ”المعلّم” ليتعلم قراءة كتاب الله، وبقي ملتحقًا به لخمس سنوات، يمضي جزءًا من يومه وهو يردد آياته خلف المعَلمة أم محمد آل عباس – رحمها الله.
على تراتيل عبدالباسط
استمرت نشأة المنصور في تلك البيئة القرآنية، فتعلق قلبه بحب آيات الله، ولم يكتفِ بالتلاوة كما تعلمها وهو طفل بل حاول أن يطوّر من صوته ويحسّنه، ولأن أساس حبه لكتاب الله كان منبعه أسرته، ففي تطوير صوته كانت هي منبعه أيضًا، يقول لـ«القطيف اليوم»: كان راديو المنزل يصدح بصوت القارئ عبدالباسط عبدالصمد؛ ذلك القارئ الذي كان لصوته وقع المغناطيس عليّ وأنا طفل، فكان يشدني إليه كلما سمعته مرتلًا، حتى بدأت محاولة تقليده وأنا في الصف الخامس الابتدائي.
برزت موهبة محمد في التلاوة والترتيل وهو طالب في جميع مراحله الدراسية، حتى التفت أغلب معلميه لموهبته، فكان أكثر الطلاب تلاوة في حصص القرآن الكريم وكثيرًا ما حصل على تشجيع معلميه، أما في المرحلة الثانوية فكان هو قارئ القرآن الكريم في الإذاعة المدرسية طوال سنوات الدراسة.
بحثًا عن التطور
سعى محمد المنصور لأن يطوّر نفسه، سيما بعد تأثره الكبير بملهمه الأول والمشجع الدائم قارئ المنطقة الأول وأستاذ القراءة مهدي رضا البوري (أبو عبد الباري)، حفظه الله، فالتحق بمركز القرآن الكريم ببلدته أم الحمام عام 1417هـ.
بعد ثلاث سنوات من التحاقه بمركز القرآن الكريم، ارتحل خارج الوطن ليطوّر من نفسه أكثر وأكثر، فالتحق بدورة إجازة في رواية حفص عن عاصم في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان على يد الدكتور مخلص الجدة عام 1420هـ.
ولم يقف عند ذلك، بل حصل أيضًا على شهادة إنهاء دورة تجويدية لعام 1427هـ من دار القرآن بحرم السيدة المعصومة، ومن حرم السيدة المعصومة عليها السلام أيضًا حاز شهادة إنهاء دورة إعداد المعلمين في الصوت والنغم وطرق تدريس التجويد والتحكيم بتقدير ممتاز من دار القرآن الكريم، وحصل على شهادة دبلوم علوم القرآن الكريم للمعلمين عام 1430هـ.
وتمكن أيضًا من الحصول على إجازة القراءة والإقراء في القراءات العشر الصغرى على يد الشيخ مهدي المصلي عام 1434هـ، وبعد عام حصل على إجازة القراءة والإقراء في القراءات العشر الكبرى على يد الشيخ عبدالقوي العيسوي، كما حاز في نفس العام على شهادة أستاذ في المقامات القرآنية وتسجيل كامل المقامات بالصوت على يد خبير الأصوات والمقامات الدكتور طه عبدالوهاب، ولديه أيضًا إجازة في الوقف والابتداء على يد الشيخ عبدالقوي العيسوي الأزهري.
منافسات تلاوة.. ومراكز أولى
شارك القارئ المنصور في عدد من المسابقات، وتصدر بعضها بمراكز متقدمة، فقد حصل على المركز الأول في مسابقة التلاوة المجودة لعام 1421هـ في صفوى، وحصل على المركز الأول أيضًا في مسابقة التلاوة المجودة الخامسة لعام 1429هـ في القطيف – تاروت، وتكرر حصوله على المركز الأول عام 1432هـ في تخصص التلاوة المجودة والقراءات حسب المعلمين في أم الحمام.
ومثّل المنصور المجلس القرآني المشترك بالقطيف والدمام في مسابقة التلاوة المجودة في طهران عام 1433هـ، وقد حصل على المركز الرابع بالتصفيات والسادس على العالم في النهائيات.
وحصد وسام التميز بمهرجان تكريم المشايع القرآنية المتميزة على مستوى الخليج لعام 1436هـ والمنعقد بمركز القرآن الكريم بأم الحمام، كما فاز بجائزة الأمين للتميز القرآني على مستوى المنطقة لعام 1440هـ.
رئاسات وعضويات قرآنية
تقلّد محمد المنصور عددًا من المناصب في تعليم القرآن، فهو رئيس سابق لمركز القرآن بأم الحمام، كما أنه كان عضوًا بلجنة المجتبى للموشحات الإسلامية في الفترة من عام 1420 حتى 1424هـ، وهو رئيس فرقة النور للموشحات الإسلامية منذ عام 1424 حتى تاريخه، وعضو في اللجنة الإشرافية في مركز القرآن الكريم بأم الحمام منذ عام 1430هـ، حتى تاريخه، وقد كان نائب رئيس سابقًا لمؤسسة الثقلين لعلوم القرآن الكريم والحديث منذ عام 1433هـ وحتى شوال 1437هـ.
خادم القرآن وقارئيه
قدم القارئ المنصور الكثير من الدورات، منها دورات المقامات القرآنية لمدة خمس سنوات في مركز القرآن الكريم بصفوى، حيث بدأ في تقديمها منذ عام 1427 وحتى عام 1432هـ، كما قدم دورات المقامات أيضًا في الأحساء في عدة أماكن وأعوام مختلفة، فقد قدمها بمركز دار الرحمن عام 1432هـ، وعاد ليقدمها مرتين في مسجد بهبهاني؛ الأولى في عام 1433هـ، والثانية في عام 1434هـ، وفي دار الذاكرين للقرآن الكريم بقرية الفضول عام 1435هـ، وكذلك بقرية الخرس بالأحساء عام 1433هـ، وقدمها أيضًا بالتنسيق مع المجلس القرآني المشترك بالأحساء، فانعقدت الأولى في دار حلقات الثقلين بقرية الطرف والثانية في دار القرآن الكريم بالرميلة عام 1437هـ.
وكما خدم محبي كتاب الله بدوراته في الأحساء، خدم أبناء مجتمعه في القطيف بدورات المقامات التي قدمها في مؤسسة الثقلين لعلوم للقرآن الكريم بالقطيف من عام 1431هـ حتى عام 1437هـ، وكذلك في مركز القرآن الكريم بأم الحمام وهي مستمرة طوال العام.
وأجاز محمد المنصور الكثير من القراء ومعلمي المراكز القرآنية في القطيف والدمام والأحساء والكويت (الإجازة رواية حفص عن عاصم).
تحيكم في المسابقات
لم يقف محمد المنصور في علاقته بالقرآن الكريم على سلّم القرّاء ومقدمي الدورات، بل ارتقى درجات أبعد من ذلك، بعد أن شارك في تحكيم عدد من المسابقات القرآنية، بدأها بمسابقة الشيخ الدكتور عبد الفتاح علي الطاروطي الرابعة للتلاوة المجودة لعام 1435هـ بجمهورية مصر العربية.
وشهد عام 1436هـ مشاركتين له في المسابقات، حيث كان مُنظمًا ونائب رئيس لجنة التحكيم في مسابقة المجلس القرآني المشترك في ذلك العام، كما كان مُحكمًا بمسابقة الذكر الحكيم بمملكة البحرين الشقيقة في ذات العام.
وشارك العام الماضي كمحكم لمسابقة جمعية اقرأ بمملكة البحرين، فيما شهد هذا العام -1442هـ- مشاركته كمحكم دولي في مسابقة التلاوة المجودة الدولية الأولى بأفغانستان.
بصوته: