معلوم أن العلاقة بين البلدية ولجنة “كل من عليها فان” بالقطيف ساءت قبل عدة شهور من هذا العام حتى انتهت باستغناء البلدية عن الخدمات التطوعية للجنة، وحاولت الجمعية التي تندرج اللجنة تحت مظلتها أن تمسك العصا من الوسط وتقرب وجهات النظر بين الطرفين المهتمين بخدمات المقابر لكن لم توفق لأن الخلاف شخصيٌ في بداية الأمر بين رئيس اللجنة، والمسؤول في البلدية سرعان ما أتسع وكبر حتى استخدم كل شخص أوراقه لكي يثبت صحة موقفه، انتهت للأسف الشديد إلى الطلاق البائن. والقرآن الكريم يدعو المسلمين في حالة الطلاق إلى {… تسريحٌ بإحسان} فهل تم ذلك بإحسان مع هذه اللجنة المحترمة؟ للأسف لا.
ولئلا يتخلق المجتمع بنكران الجميل ونسيان المعروف وحتى لا تموت المروءة في الناس لذلك حث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: “… من أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه”. وقال: “من لا يشكر الناس لا يشكر رب الناس”. لو كنت مسؤولًا في البلدية أو الجمعية الخيرية لدعوت أعضاء اللجنة في حفل صغير -مع الاحترازات الصحية- وقمت بتقديم كلمة طيبة بحق كل فرد منهم وقدمت شهادات شكر على العشر سنوات من العطاء وأبلغتهم بإنهاء عمل اللجنة حسب طلب المسؤولين . هذه الطريقة تبقي على العلاقة الودية وتشجع ربما شبابًا آخرين ليقوموا مقامهم في خدمة المقابر.
الطريقة التي تم إنهاء عمل اللجنة بها والاستغناء عنها من قبل البلدية لم تكن موفقة في وجهة نظري واتهام اللجنة بعدم الالتزام بالأنظمة واللوائح مبالغٌ فيها.
دعونا نسرد ما قامت به اللجنة منذ تأسيسها عام 1430هـ على يد عضو المجلس البلدي فاضل بن الحاج رضي علي الدهان لكي يطلع عليها الجميع ويحكم بنفسه على صدق ما قيل في حقها:
• طلبت اللجنة من جمعية مضر الخيرية تقديم أكثر من ست دورات في “تغسيل وتكفين الموتى” والمسائل الشرعية المتعلقة بها وألزمت أعضاءها بحضور تلك الدورات واستطاعت من خلالها أن تؤهل بعض المؤمنين لغسل الموتى.
• تأهيل الغاسلين بأخذ دورات وحضور ورش عمل في كيفية تعقيم وتطهير الجنائز والوقاية من العدوى المصاب بها بعض الجثامين قدمها مجموعة من الممرضين والممرضات عام 2015 وذلك بالتنسيق مع مستشفى البرج بالدمام.
• من أعمال الصيانة:
• صيانة المغتسلات ـ تعديل “دكة” الموتى في مغتسل البستان والدبابية بما يتناسب وطبيعة غسل الموتى.
• تعديل مجلس النساء في مغتسل الدبابية بحيث لا يكشف النساء أثناء فتح الباب الفاصل بين مجلسي الرجال والنساء عند نقل الجثمان.
• صيانة جميع دورات المياه.
• تركيب مراوح لخزانات المياه، لأنه يكره تغسيل الميت بالماء الحار وخاصة في الصيف الشديد الحرارة.
• تركيب سخانات مركزية لاستخدام الماء الدافئ في فترة الشتاء.
• تركيب مكيفات سبلت ودواليب في مجلسي الرجال والنساء وعمل عقود صيانة لها.
• تغيير وإصلاح أنوار الإضاءة.
• تركيب أجهزة صوتية للتبليغ عن الوفاة وأداء صلاة الجنائز.
• تقوية عداد كهرباء مغتسل الدبابية بالتعاون المشترك مع شؤون الموتى بالبلدية.
• ربط مجرى الصرف الصحي لمغتسل الدبابية بالشبكة الرئيسية بالتعاون مع شؤون الموتى.
• وضع لوحات خارجية بأسماء المغتسلات “مغتسل الدبابية – مغتسل البستان”.
• وضع لوحات في مقبرتي الخباقة والدبابية بمنع بناء القبور لعدم اتساع المقبرة للموتى، وهو قرار ليس بالسهل اليسير أن تجابه الجمهور وتمنعهم من ممارسة هذه العادة التي بسببها امتلأت المقبرة ولم يعد مكان لمرور الجنائز ولا الدفن كما حصل في مقبرة الدبابية بالخصوص بالإضافة إلى تواجد البنائين في مقبرة الخباقة بشكل دائم وكأنها مقر مؤسساتهم.
• قامت اللجنة بتوفير بديل عن البناء وهو إحضار إطار من الفيبرجلاس بمقاس 70سم * 165 سم.
• التنسيق مع منشأة خاصة لعمل شواهد للقبور بمقاسات محددة، بحيث يتضمن الشاهد اسم المتوفى وتاريخ الوفاة.
• توفير الحصر والجذوع “جذوع النخل” لتسقيف اللحد. وقد لاحظت اللجنة أن معظم القبور تهوي بسبب تآكل الجذوع في التربة وسكب الكثير من المياه على القبر، لذلك توصلت اللجنة إلى نوعين بديلين عن الجذوع وهما: الفلين سمك 15 سم الذي يتحمل ضغط التربة لكنه عالي التكلفة فعدلت للنوع الثاني وهو الخشب. وهو قوي ويتحمل ضغط التربة ولا يتآكل بسرعة لذلك توقفت اللجنة عن استخدام الجذوع واستخدمت الخشب وهذا يحتاج إلى ميزانية ولو أنه في الآونة الآخيرة وفرت البلدية جزءًا منه.
• استئجار حفار آلي لتجهيز عدد من القبور استعدادًا لاستقبال حالات الوفاة وبالذات في الليل.
• ترتيب مواقع حفر القبور بحيث تكون بشكل منظم يسهل للزائرين التنقل بينها دون عوائق، والتفكير لعمل خارطة رقمية لكل قبر بحيث يسهل على الزائر الوصول إلى قبر من يرغب من خلال هذه الخارطة لكنها للأسف لم تر النور بسبب الظروف الأخيرة.
• قبل أربع سنوات تقريبًا انهارت قبور الخباقة بسبب غزارة الأمطار مما حمّل اللجنة أعباء إضافية بالعمل ليل نهار والاستعانة بالمتطوعين لإصلاح الأضرار المترتبة على انهيار القبور، وقد استغرقت هذه العملية أكثر من شهرين تقريبًا لمعالجة القبور المتهدمة بسبب المطر المتواصل ونقل مخلفات بناء القبور من الطابوق والحصى واستبدلت تلك القبور من البناء إلى الإطار بعد موافقة مسؤول صحة البيئة وقتئذ بالبلدية وعلى حساب اللجنة.
• وفرت اللجنة نعوشًا جديدة مناسبة وملائمة للجثامين من الرجال والنساء.
• عمل إطار حديدي بطول وعرض القبر كمقاس لتحديد مساحة القبر قبل البدء في الحفر.
• تعيين منطقة خاصة لدفن الموتى من الأطفال نظرًا لنبش تلك القبور للأجساد الطرية والتي لم يمض عليها إلا أيام وهو هتك لحرمة الميت.
• تزيين جدران المقبرتين الخباقة والدبابية بالآيات القرانية بدلًا من العبارات التي لا تناسب ومقام المقبرتين.
• توفير أجهزة صوتية تساعد المشيعين أثناء تشييع الجنائز بذكر الله ووحدانيته.
• قامت اللجنة بوضع كشافات ضوئية على جدران المقبرة لتسهيل الدفن ليلًا. وهنا نطلب من البلدية وضع كشافات ضوئية كبيرة تحول الليل إلى نهار وتسهل على الناس تشييع موتاهم وتساعد الحفارين أثناء الحفر ودفن الميت في ملحودته. أما هذه الكشافات البسيطة في إضاءتها فلا تصلح ولا تغطي مناطق الدفن.
• وضع مسجلة صوت القرآن الكريم يعمل فترة زيارة القبور مما يجعل الأجواء أكثر روحانيةً.
• قامت اللجنة بعمل أرصفة وممرات من الإنترلوك لتسهيل مرور الجنائز إلى منطقة الدفن واستخدامه للمشاة والصيانة.
• عمل مظلات عند مدخل المقبرتين كمنطقة لتقديم العزاء لأهل المتوفى بعد الدفن.
• توفير مضخات المياه وإصلاحها وتركيب خزانات المياه للمقبرتين وعمل دورات مياه لمقبرة الدبابية ومستودع لحفظ الخشب.
• التعاون مع مقاولي الحفريات العامة لإحضار “الرجم” تراب الحفر النظيف إلى المقبرتين.
• كانت المقبرتان مفتوحتين طوال الوقت مما يجعلهما عرضة لأصحاب النفوس المريضة وما أشبه. فقامت اللجنة بغلق الأبواب وفتحها في أوقات الدفن والزيارة مما ساعد كثيرًا على حفظ أمن المقبرة من العبث وذلك بالتنسيق مع المدير السابق لصحة البيئة بالبلدية.
• توفير ما يحتاجه المغتسل من “أكفان وسدر وكافور وقطن ومطهرات ومعقمات وقفازات ويكفي أن اللجنة كان لها الدور الفاعل والمشهود له منذ جائحة كورونا كوفيد 19 ولا ينبغي إنكاره.
• مُغسل الموتى الحاج مهدي سلمان المدن أبو صالح وهو عضو في لجنة “كل من عليها فان” ويعمل ليلًا ونهارًا دون كلل ولا ملل ومتعاون جدًا مع جميع منسوبي البلدية ومع أهل المتوفى. لو لم يكن للجنة “كل من عليها فان” إلا عمل هذا الرجل لكفى بها فخرًا، فهو يقوم بتغسيل الموتى المصابين بالكورونا دون خوف أو وجل متوكلًا على الله وحده ومتخذًا الاحتياطات والاحترازات اللازمة وهو ممن قامت اللجنة بتدريبه وتأهيله بالدورات الشرعية والصحية فحري بها أن تفخر به.
إزالة قبور البناء التي تنهار عند نزول الأمطار وتأخذ مساحة كبيرة من الأرض وتترك مخلفات البناء واستبدالها بإطار الفيبرجلاس الذي يسهل تركيبه وإزالته دون ترك مخلفات وقد أُخذ رأي بعض العلماء الأفاضل حوله وأبدوا عدم الاعتراض عليه. وقد تعاون وتعاضد المجتمع القطيفي مع اللجنة في مسعاها هذا وطالبوا اللجنة بتركيب الإطارات وإزالة البناء لقبور آبائهم ويمكن لكل زائر أن يرى بصمات هذا العمل على الواقع.
فشكرًا جزيلًا لمؤسس اللجنة ورئيسها وكل عضو فيها عمل بالمهمة الموكلة إليه. ونشجع شباب القطيف الغيور على الانخراط في عمل خدمات المقابر بالتعاون الجاد والمثمر مع البلدية ومسؤولي شؤون الموتى لما له من الأجر والثواب العظيم والابتعاد عن الأنا لأنها مهلكة للعمل التطوعي.