أزمة أخلاق

مهما يتغير الزمن وتداهمنا الحداثة وتتغير وتتطور أدوات التربية والتوجيه، فإن القيم الأخلاقية تبقى راسخة وقواعدها ثابتة، وهي جزء لا يتجزأ من حياتنا، وكل فرد منا يسعى إلى تحقيقها في مسيرته الحياتية بكل أبعادها.

لعلنا نشعر باليأس والإحباط كثيراً عندما نرى الجيل الصاعد من شبابنا وهم أمل الأمة ورجال وآباء المستقبل غير مراعين لقيم المجتمع الأخلاقية ويمارسون سلوكاً مضاداً لمبدأ الالتزام الاجتماعي وحقوق الآخرين، فسيتضح لنا أن هناك أزمة أخلاقية عند بعضهم من حيث لا يشعرون.

وربما ظنوا أنهم يصنعون شيئاً حسناً كجزء من حريتهم الفردية، وهم بذلك يرتكبون خطأ في حق أنفسهم قبل مجتمعهم، وفي النهاية كل فرد سيحصد ما زرعه.

ولنأخذ مثالاً عملياً على ذلك وهو  طاعة الوالدين وهو من الواجبات التي فرضها علينا الشرع الحنيف، فخدمتهم ورعايتهم وقبل ذلك طاعتهم قربى إلى الله تعالى.

أصبحنا نرى العقوق و اللامبالاة في ذلك من خلال الألفاظ النابية والتعامل القاسي، بحيث أصبحت سمة طاغية في تعامل هؤلاء مع والديهم.

فهل يمكن تهذيب هذا السلوك السلبي وتوجيه طاقته وشحناته بطريقة إيجابية قادرة على سد هذه الفجوة قبل أن تزداد وتتسبب في خلق مسار خطير يؤدي إلى صراع قائم بين الأجيال من الأبناء وبين الآباء والأجداد، مؤدياً إلى قطع الصلة بينهم ومؤثراً على النسيج الاجتماعي قبل أن نفقد البوصلة، وحينها لن يكون هناك أي تأثير للمواعظ وستكون القواعد التربوية الأساسية لدينا ضعيفة وبعيدة عن القيم الروحية والاجتماعية.

نحن بحاجة إلى توجيه مؤثر للجيل الجديد بأسلوب يتناسب وطبيعة المرحلة والمتغيرات مع تعزيز القيم  والثوابت الأخلاقية والاجتماعية كجزء من منهج التوجيه.

نحن بأمس الحاجة لمنهج متكامل يقلص الفجوة بين الأجيال الصاعدة والجيل السابق لهم ضمن منظومة فكرية وثقافية قادرة على محاكاة المجتمعات المتطورة مع الحفاظ على الثوابت القيمية والتربوية ومراعاة حقوقهم ورغبتهم في الاستقلال واتخاذ القرارات وبناء شخصياتهم دون أي قمع أو وصاية أو تسلط على شخصياتهم حتى نعزز من بوصلة الثقافة التربوية بين أفراد المجتمع.



error: المحتوي محمي