لو سألتَ متزوجين عن أجمل فقرةٍ في حياتهم الزوجية، فلا تعجب إن رأيتَ أغلبهم يتأوهون على فترة الخطوبة التي تسبق السكنى والعيش معًا، ويحنّون لها. وعندما تغوص في الذكريات تكتشف أنَّ الحماس الذي خفَّ قليلًا أو كثيرًا، هو سارق ولِصّ المتعة!
بعد دقائق فقط من كَتابة عقد الزواج يهرول الشابُّ نحو منزل خطيبته، يودّ لو أنه كان قطعةَ أثاث لا يمكن اقتلاعه من منزلها، يلبس أجمل اللباس من الجوارب حتى قمة رأسه، يعتني بكلّ تفاصيل الهندام والرائحة، وكل يوم يبدو في طلَّة وشكلٍ مختلف. تلاقيه في الدار عروسٌ جميلة في أبهى حلتها، لابسةً أجملَ الملابس وأقوى الروائح. وكلاهما يغدق على الآخر في طيبِ الكلام والكرم والبذخ، والحديث الكذب يبدو أصدق الأحاديث، ثمَّ ماذا؟
ينتقل الزوجان ليعيشا في منزلٍ واحد، وبدلًا من استمرار التغيير في الشكل والاعتناء بالمظهر، تختفي أغلب الزينة في المنزل وتظهر في الخارج مع الناس. يلبس الزوجُ أجمل الملابس والروائح حين يخرج مع الأصدقاء. وتضع الزوجة كاملَ الزينة لتلاقي صديقاتها في الأفراح والمسرّات، وهكذا تموت العلاقة الحميميّة شيئًا فشيئًا!
نحتاج قليلًا من الواقعية في الحياة، فليست كلها زينة، عندما تحتاج المرأة أن تعمل منذ الساعات الأولى من النهار وحتى العصر، وتعود لتعتني بأشغالٍ لا تنتهي من خدمةِ الأبناء والمنزل، وعلى الخصوص إن كان الزوج قليل المعونة، والرجل يكافح طول النهار ويقاسي ضغوط الحياة. لكن مع هذه الواقعية هناك فرصة لتجديد وتحديث العاطفة. فلا شيء جيِّد يمكن أن يأتي من الجمودِ والسكون، لا في الأجساد ولا في الأفكار ولا في العلاقات. بينما الكثير من الخير في التغيير، وإن في المظهر.
عدم الاعتناء بالمظهر واحدٌ من الأسباب التي تخرب العلاقات الزوجية والأسرية. إذ أنه من كيد الشيطان أن يلقي في روعِ الزوج ويقول له: إنَّ تلك المرأة أجمل من زوجتك وأكثر زينة، ويحدث المرأةَ قائلًا: إن ذلك الرجل أكثر اعتناءً بمظهره ولياقته من زوجك، وما يعدهم الشيطانُ إلا غرورًا!
أحلى الحبّ بين الأزواج ما دام مع فترة الخطوبة وبعدها حتى يصبح معتَّقًا قديمًا، كالذي وصفه مجنون ليلى:
وَيا ريحُ مُرّي بِالدِيارِ فَخَبِّري
أَباقِيَةٌ أَم قَد تَعَفَّت رُسومُها
أَلا إِنَّ أَدوائي بِلَيلى قَديمَةٌ
وَأَقتَلُ داءِ العاشِقينَ قَديمُها