أم البنين وأثر الدموع في النهضة الحسينية

تخرج إلى البقيع تبكي حسينًا وأبناءها الأربعة ولما لفقد أمٍ لأولادها جميعًا من أثر نفسي حزين ومستوى المؤثرات النفسية على أهل المدينة واجترار عطفهم وكان مروان يراقب جمع النساء مع أم البنين وربما تظاهر بالبكاء وهو الذي شد على والي المدينة (الوليد بن عتبة) من أخذ البيعة من الحسين قبل خروجه أو ضرب عنقه (ع).

كان لتلك المسيرة البكائية النسائية من حث النفوس وإثارة القضية التي اختلجت بنفوسهم خوفًا من بطش الأمويين بعد استشهاد أبي عبدالله سلام الله عليه، والمدينة بها ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله وعترته.

الحركة الإعلامية العاطفية التي انطلقت من الدموع كان لها الأثر الكبير على مسيرة النهضة الحسينية مما أشعل حجم الحقد على بني أمية والمروانيين ولذا حينما ثار أهل المدينة على يزيد وأخرجوا عماله فاستجار مروان بالإمام زين العابدين (ع) لضم عائلته إلى عائلة الإمام لئلا يصابوا بمكروه فأجارهم حين رفضهم آخرون.

من صفات هذه العظيمة الوفاء وهي صفة تعني الوفاء بالعهد والالتزام به وحفظ العهود والقيام بها {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}، وهي ابنة قبيلة شجاعة وكريمة وأديبة فعمها لبيد بن ربيعة الشاعر العربي المعروف وأخوها مالك بن حزام أحد انصار المختار والذي قتل معه لأخذ الثأر للإمام الحسين (ع).

ولو فرعنا قليلًا عن معنى الوفاء بجوانبه الأخرى فسنجد بعض الفروع المهمة كالوفاء العاطفي نتيجة المحبة والمودة والوفاء الأخلاقي نتيجة القيم والمبادئ والوفاء العقدي نتيجة المعرفة والعلم بما يستحقها الموفى له سواء كان الدين أو من ينتمي له، وهذه الفروع يمكننا تطبيقها على أم البنين (سلام الله عليها) حينما قدمت أبناءها الأربعة وهم كل ما بيدها فداءا لأبي عبدالله الحسين (سلام الله عليه) ونجدهم أعظم عضد لأخيهم فلم يتوانوا ورفضوا صك أمان الشمر لهم فضربوا أعلى وأسمى وأعظم صفات الإخلاص.

وتقف على قمة الوفاء حينما تقول لابن حذلم أخبرني عن الحسين هو حي أم لا فما عن العباس وإخوته سألت وكيف تتحقق معاني العظمة ونسيان عطف الأمومة وحزنه وشدته بفقد أربعة إلى عطف يظهر قيمته بنفسها أعظم وهو حسين الشهيد المظلوم فشاركت الحوراء زينب (سلام الله عليها) بالمدينة وهي تبكي حسينًا وشهداء الطف تندبهم وتواسي العترة الطاهرة في هذه المصائب العظيمة.

لتعود إلى البقيع حاملة بيدها حفيدها عبيد الله ابن العباس وتنشد بشعرها:

لا تدعوني ويك أم البنين
تذكريني بليوث العرين

فسلام الله عليها يوم ولدت ويوم وقفت ويوم بكت ويوم رحلت إلى ربها راضية مرضية مع العترة الطاهرة (سلام الله عليهم).



error: المحتوي محمي