“حياكم العين أوسع لكم من المكان” “إذا ماشالكم المكان تشيلكم عيوننا”، حقيقة هالكلمات تخترق القلب بسرعة وينها الحين مانلاقيها!!
واقعنا الحالي مختلف، فالقلوب صارت ضيقة ولا تسع أحداً، فعندما تبحث عن أي فرصة لترى فيها أغلى الناس ربما يتعذر لك بكلمة “مشغول” أو يعطيك أي تصريفة أخرى، كما أن البعض معتمد السوشيال ميديا وسيلة للسؤال عن أحوال أقرب المقربين وصار بعض الأقارب يكتفون فقط بإرسال الرسائل في حالات المرض أو لمشاركة الآخرين أفراحهم وأحزانهم، وهذا كان من قبل الجائحة وقبل فرض التباعد الاجتماعي حيث فرضتها التكنولوجيا.
والنتيجة هنا تباعد القلوب، فبالرغم من كل التطورات التي نراها في التكنولوجيا، ها نحن نفتقد رنين الهاتف سواء المنزل أو المحمول، مع أن شبكة النت أصبحت متوفرة في كل منزل، كما توفرت الكثير من برامج الاتصال المجانية في الهواتف المحمولة، ومع ذلك فنحن لا نجد تواصل كما في السابق (زمن الطيبين).
جملة سمعتها من أحد الأقارب: “من لا يقدرني فهو لا يستحق العطاء”، بمعنى أن هذا الشخص قرر أنه سوف يبتعد عن كل قريب لم يهتم به أو لم يسأل عنه ويؤكد أنه استحالة أن يعطيه جزءاً من وقته لأنه لا يستحق كما يقول حتى لو كان عزيزاً ومن أقرب المقربين، وبالواقع كل مرة يود ذلك القريب أن يزوره فإن هذا الشخص يتعذر بانشغاله بالرغم من ان انشغاله ليس حقيقياً.
حقيقة أتألم وأنا أسرد لكم محتوى الموضوع، فقد بات الأغلبية مشغولين وراء مصالحهم الخاصة وفي معتقدي علاقة المصالح لن تدوم وستختفي بعد انتهاء المصلحة، وبهذا المبدأ ربما سيعيش كل واحد منا مستقلاً، فكل شخص سينظر فقط لتحقيق مصالحه الشخصية دون الحاجة للآخر، مما سيؤدي للقطيعة بدل التواصل وتفشى الأنا بدلاً من مبدأ حب الخير للغير و لن تتحقق بعد ذلك الوحدة الاجتماعية ولا صلة الأرحام.
ليس من المعقول أن نتحامل على بعضنا ونجمد قلوبنا أو نعامل من حولنا مثل معاملتهم، فالمعاملة يجب أن تكون بأخلاقنا نحن وليست بأخلاقهم، كما أن المعاملة الحسنة ستفتح القلوب المقفلة وفعل الخير لابد أن يبدأ من داخلنا نحن وأن لا ننتظر أحداً يبدأ به وأن يكون دائماً لوجه الله تعالى وهذا هو العطاء الحقيقي وهو صفة مشرفة للإنسان، ويأتي بمعنى البذل والتضحية.
فالعطاء لا يكون بالمادة فقط أو بالمال كما يعتقد البعض، فالعطاء المعنوي أيضاً قيمته أعلى وأسهل وله الأثر البليغ، فمن باب حب الآخرين وترك الأنا نكسب القلوب، فالتواصل مع المقربين والاهتمام بهم أكبر عطاء والكلمة الطيبة تسحر القلوب المثقلة بالآهات، فلنفتح قلوبنا فإنها حتماً ستسع الجميع ولنبدأ بتفقد أحوال الآخرين بأنفسنا والسؤال عنهم، فالأثر الطيب يفوح في الأرجاء بسرعة البرق، وهذا ما يحتاجه الكل بنهاية الأمر.