من صفوى.. الطفلة جود الكاظم تعيد غموض الموناليزا بـ10 آلاف غطاء بلاستيكي.. ومنير الحجي: ذكّرتني بصبر صناعة السجاد

وسط العديد من اللوحات وقفت الموناليزا شامخة بوشاحها ونظراتها التي ترقب بجمودها زوار المعرض الفني “الريشة الذهبية”، والذي افتتح يوم الجمعة 1 يناير 2021، بالدمام، متخذةً لنفسها مساحةً تقارب مساحة جدار بأكمله، ورغم أنها كعادتها سحرت الكثيرين من الزوار للمعرض، إلا أن سحرها يزداد كلما اقتربوا منها، وتكشف لهم أن اللوحة ما هي إلا مجموعة أغطية بلاستيكية لقارورات المياه، جمعتها طفلة لم يتجاوز عمرها 13 عامًا، وقامت بتلوينها وصفها بعناية فائقة، لتحاكي بها رائعة “دا فينشي”.

الطفلة جود خضر عبدالكريم الكاظم، جمعت 10000 غطاء بلاستيكي، لتثبت لنفسها أنها قادرة على ممارسة فن “البيكسل”، كممارستها للفن التشكيلي بكل جدارة.

موناليزا صفوى
بدأت ابنة صفوى في عملها “بكسيليزا” الذي أجمع الكثيرون ممن شاهدوه على روعته وإتقانه، في غرة شهر شعبان الفائت، مستغلةً فترة الحجر الصحي في شغلها بهواية تقطع عليها الوقت، إلا أن الوقت هذا لم يقطع إلا في يوم عيد الأضحى الفائت أي 10 ذي الحجة.

تروي حكايتها لـ«القطيف اليوم» قائلة: “انبثقت لدي فكرة عمل فني، أحاول من خلاله المحافظة على البيئة، ولأثبت لنفسي أنني قادرة على إنجاز فن “البيكسل”، فبدأت في جمع الأغطية وساعدني في ذلك أهلي وأقاربي”.

وتضيف: “بدأت في تاريخ 1 شعبان 1441هـ، بإعداد اللوحة بالفوتوشوب، ثم جاءت مرحلة تلوين الأغطية حسب درجات لونية خاصة بكل جزء وزاوية في اللوحة، وهو الجزء الأصعب فيها كلوحة، وبعد ذلك أخذت في لصقها على الفلين، إلى هنا والعمل بجميع مراحله كنت أؤديه بمفردي، إلا أنني احتجت مساعدة أبي لعرضها على اللوحة الخشبية”.

وتمضي في حديثها: “شعرت بالفخر وأنا أرى اللوحة في نهايتها بعد 4 أشهر، وتحديدًا بعد 250 ساعة عمل، وقد تنامى طولها وعرضها، لتصبح بمقاس 3,30×3,30، وكل ذلك بأغطية كان مصيرها أن ترمى، وقطع فلين ولوح خشبي، وما إن سمعت عن معرض الريشة الذهبية حتى قررت المشاركة فيه بموناليزاي البلاستيكية”.

ريشة في يد طفلة
ولدت جود وفي يديها ريشة فنية، فهي كطفلة لم تكن تلهو بالدمى والألعاب فقط، بل كانت تشاغب الأوراق البيضاء بألوانها، وحتى جدران المنزل، سيما الجدار الذي يقرب من سريرها.

يقول والدها خضر الكاظم: “أنا كوالد طفلة موهوبة ووالدتها، لاحظا اهتمامها بالرسم منذ بداية طفولتها، وبدء تفهمها للخربشات بالألوان، حتى إنها حولت أحد جدارن غرفتها إلى لوحة خاصة تمارس فيها هوايتها كطفلة، مما اضطرنا لإعادة صبغه بالأسود ليتسنى لها إعادة الرسم عليه”.

ويضيف: “هنا جاء دورنا كأسرة مهتمة بتطوير مهارة صغيرتها، فقد بدأت أوفر لها الأدوات الفنية والألوان على اختلاف أنواعها، كما كنت أشاركها الرسم للتشجيع، محاولًا بذلك أن أجعلها تكتسي الصبر أمام موهبتها، لأن الوصول للقمة يحتاج صبرًا ومثابرة، كما قمت بإشراكها في دورات فنية لتطوير موهبتها”.

ولا يغفل الكاظم دور زوجته “والدة جود” في استمرار موهبة ابنته، قائلًا: “أجد أن الدور الكبير يعود لوالدتها، فقد كانت تتحمل تبعات رسم الأطفال وما تخلفه تلك الهواية في المنزل، خصوصًا أنها أم لثلاث بنات”.

لوحات على جدران المدرسة
واصلت الطفلة الكاظم تعلقها بموهبتها، حتى بدأت في سن الخامسة تهتم أكثر وتتعلم الرسم بصورة تتناسب مع عمرها، حتى بدأت موهبتها تكبر معها، وأصبحت تبهر معلماتها في المدرسة، وتحظى بتشجيعهن، وفي عمر العاشرة تركت بصمتها الخاصة عند والديها وتحديدًا حين رسمت نصف برتقالة، بصورة متقنة جدًا مقارنةً بعمرها -حسب وصف أبيها-.

وكما أن في مشوارها من آمن بموهبتها، هناك أيضًا من لم يستطع أن يصدق أن تكون هذه الموهبة في يد فتاة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، تقول: “في العام الماضي وتحديدًا في الصف الثاني متوسط قررت أن أقيم معرضًا فنيًا في المدرسة أعرض فيه رسوماتي، وتفاجأت أثناء تجول البعض في المعرض بإحدى المعلمات تقول لي بأن اللوحات ليست من رسمي، وعللت ذلك بأنه يستحيل أن تنتج فتاة في مثل عمري مثل هذه الرسومات”.

عائلة ملونة
وتعتبر جود نفسها من أسرة تنتج الفنانين، فوالدها يمتلك موهبة الخط، وابنة عمها التي تكبرها في العمر تمارس الرسم، أما أختها الوسطى فتمتلك موهبة الإلقاء وخصوصًا للشعر وقد فازت في أحد المحافل المحلية، وتشاطرها أختها الصغرى موهبة الرسم إلا أنها تحتاج إلى صقلها.

بعين فنان
وكان من بين المتجولين في معرض الريشة الذهبية، الفنان التشكيلي منير الحجي، والذي أجاب عند سؤال «القطيف اليوم» حول رؤيته تجاه اللوحة قائلًا: “هو عمل جميل، ومبهر ينم عن صبر كبير، وإتقان رائع، ونمنمة تسمو لدرجة نسيان الوقت، وقد ذكرني بالصبر على صناعة السجاد، خاصة أنه من فنانة صغيرة السن، لم تتعود بعد على إنتاج لوحات كبيرة”.

وأضاف: “اللوحة عمل كمبيوتري حديث وممكن أن يندرج تحت مسمى رقمي وليس عملًا تشكيليًا، والجيد أنه مطّبق على أرض الواقع بأغطية قارورات المياه، وهذا يدل على قناعة ومثابرة وسعي دؤوب للوصول إلى الهدف”.

واختتم الحجي بقوله: “أتمنى أن تكون هذه اللوحة الكبيرة دافعًا للبحث والعمل الجاد للتوجه التشكيلي الصحيح، كما أتمنى كل التوفيق للفنانة الصغيرة”.


من رسومات الطفلة جود الكاظم

 


error: المحتوي محمي