التقاعد.. المرحلة الأكثر دراماتيكية في حياتنا

اليوم حين تلفّتّ يمنة وأحيانًا يسرة، تجد الساحة الاجتماعية وقد امتلأت بالعديد من المتقاعدين والمتقاعدات، فالتقاعد كمرحلة حتمية لكل موظف وموظفة آتية بقوة النظام، هذا إن لم تأت كرغبة ذاتية تسبق المرحلة الإجبارية.
وسواء جاءت هذه المرحلة كارهة أو طائعة، ستكون جميلة وأنيقة محتوية على جماليات الحياة ورونقها وخلابتها.

الذي يعنيني في هذه المرحلة الحياتية حين نصل لها وجميعنا سيصل لها رغم الأنف الشامخ والرأس المرفوع والنفس العليا والأنا المتضخمة، وقتها، يهمني ويعنيني أن تكون النفس متألقة تحيا أفضل وأجمل مراحل العمر حيوية وكبرياء أمام المجتمع وكذلك أمام الذات، لا ينتابها شعور بالنقص والتقصير وجلد الذات، وعمري إن لم تكن كذلك فأقم عليها مأتمًا وعويلًا، وأنا أصدق معكم في هذا الأمر.

يستمد الإنسان قوته وعنفوانه وألقه وشجاعته وصموده أمام المتغيرات المتلاحقة وكذلك أمام غوائل الدهر وتقلباته وأمام  الخذلان الإنساني، يستمد ويواجه كل هذا الطوفان من خلال صمود وقوة وجبروت النفس الداخلية وتدبيرها وموازنتها وتصديها للانتهاكات الخارجية، وهي بهذا ستنتصر وتتألق ثم ينعكس ذلك على المظهر الهش الخارجي لهذا الجسد المادي.

قد يتساءل أحدنا عن سبب الإتيان بالفقرة السابقة، أقول لأنها مقدمة للإجابة عن سؤال دائمًا يرافق هذه المرحلة الحياتية وذلك أن حياة المتقاعدين ستكون سعيدة ثم مستندة على المقومات الجالبة للسعادة، ليصل إلى وجود ما يشغل فراغ المتقاعد ويسليه عن الفراغ الموهوم والمزروع في العقول بأن سعادة المتقاعد ستكون في ممارسة الرياضات المختلفة ولعل أفضلها وأنسبها  رياضة المشي الصباحية، ثم الذهاب للأماكن التي لم يستطع إعطاءها حقها أثناء العمل وكأنها غدت ديونًا تلاحقه ويجب عليه سدادها هروبًا من عتاب الضمير الإنساني وهكذا حتى يصل إلى خدمة الأهل والأبناء ثم يعرج على وجوب الخدمة الاجتماعية التي هي أيضًا دين متعلق به.

أصل إلى الفقرة الأخيرة وأؤكد احترامي وتفهمي لوجهات النظر المختلفة وأقول مع عدم استبعاد عامل المقدرة المالية والتي تعتبر مفصلًا رئيسًا في حياة المتقاعد، إذ مع اختلالها ستصبح الحياة مؤلمة جدًا للمتقاعد، وبها من المستحسن للمتقاعدين العيش وفق مبدأ التصالح مع الذات. وحينها اعمل ما تشاء مع مراعاة من هم أوجب بالمراعاة، وبعدها عش كما يحلو لك ويسعدك، فإن رأيت سعادتك بالسفر أو ممارسة الرياضات المختلفة أو الخدمة الاجتماعية فافعل حرسك الله، وأخيرًا إن رأيتها في شأن آخر أتحفظ في ذكره لحساسيته فافعل أيضًا مع مراعاة الحقوق للآخر.



error: المحتوي محمي