قال تعالى: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
يبدو أن الآية تعبر عن أجمل ما فيها هذه اللحظات الإبداعية التي تصف فيها أروع ما صنع الله في الأرض وأبهاه وأكثر قربًا من الذائقة الشعورية الراقية عند بني آدم المفطور على رؤيه الجمال بعين تسبح الله وتقدسه.
فحينما يعطف الله في قوله مبتدئًا بواو العطف فهو يشعرك بأنه مرافق لك في النظر إلى التألق الكوني بالحب الذي يغدو لذة الناظر بصفرته وتميزه. الذي تعصف به الرياح فيهب نسيم التسبيح فالحب كما تعرفون هو أساس تغذية الإنسان ومصدر قوته الأول على مر السنين.
ففي زمن النبي يوسف كانت آيته في كيف يدخر الحنطة أي الحب بتفسيره لحلم الملك وتصرفه الحكيم الذي نم عن قدرته على إدارة الجمال بجماله اليوسفي الداخلي والخارجي.
اكتشف الطب حديثًا روائع علاجية في الحب فهو يحتوي على فيتامين B ويحارب تقدم السن. كما أنه عيش الشعوب فلا يمكن لشعب أن يحيا وينهض ويشبع إلا بمصدر القوت الأزلي القمح والحنطة أي الحب الذي أوجده الله شعاعًا شمسيًا بلونه الأصفر الذهبي الجذاب.
اسأل المصورين والمصورات للطبيعة التي هي أساس فنهم ومنبع لوحاته الجميلة والرسامين والرسامات الفنانين والفنانات هل يمكن أن يجدوا أجمل من حقول القمح والحب ملاذا فنيا واسع المساحات يمرحون فيه بنظرهم ويبدعون فيه بتصويراتهم أينما حلوا ونزلوا إنها صحراء ذهبية ولكنها من حب جميل وغذاء ثمين.
وبينما تسرح في لون الحب ياتيك الله بعدها باللون الأخضر والرائحة الذكية رائحة الجنة إنه الريحان دعوة منه للراحة النفسية لعبده الذي يحبه برحمته نعم فنحن ما زلنا في سورة الرحمن واللون الأخضر أكثره راحة للعين ومن مطلعها يتبين أن الله يكتنز الكثير لعبده من الجمال والخير والحب والعطاء.
فالقلائد تصنع من هذا الريحان والعطور أضف إلي ذلك الشكل الجميل كفاك برسول الله قولًا الحسن والحسين ريحانتا رسول الله تشبيه بلاغي جميل يربطنا بالأخضر بالقبة الخضراء بالشذى والعبق النبوي المنعش الصحو.
اجعل الأصفر الحب والأخضر الريحان بجانب بعضهما وسافر بنظرك في مفرق اللونين شأن كبير من الراحة كله لك أيها الإنسان لتستريح من أعباء طريق الدنيا الموحشة.
العين أجمل ما في الإنسان وإذا خلق الله هذه المساحة من جميل النظر وبديع الأثر فهذا مسرح للتأمل والشكر.
وبعدها يقول: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} بعد أن يضع الله الحروف على نقاط الكون الذي خلقه ويقيم الحجة على عباده بما أعطاهم يسألهم: هل يمكن أن تكذبني أيها العبد أو تكذب خلقي لهذا الكون؟ اختر بعد أن حيرت نظرك في الجمال هل يمكن أن تختار الكفر والإلحاد والتكذيب اختر ما شئت، الطريق مفتوح لكني أخاف عليك أيها العبد لهذا أعطيتك الإملاء لتنقذك بشكوى واللجوء لجنتي هل ستكذبني؛ لا لا أعتقد يا عبدي أنك تستطيع التكذيب بآلائي اي نعمي فأنت حبيبي والقريب مني هيهات منك الانصراف عني.
بعد الانبهار بالآلاء يأتي الإصرار، وتأتي نتيجة التأمل والسفر في الحب والريحان هل أنت مصدق أو مكذب بالحياة بالجمال بالله في خلقه هل يعقل أن تختار فطرتك التكذيب؟!
أنت المحور فاصنع طريق الصدق بالآلاء.