مائدة أمي والدهشة ١٦

كنت بجانبها ذات هنيئة، لأرتشف من يديها فنجان قهوة، وبعضًا من حبيبات التمر، أبصر ملامح وجهها، كالعادة، لأستمد من وجنتيها، وعينيها الأمل، نظرت باتجاه ملامح وجهي في هدوء.

قالت أمي بعض كلمات، هي: كُن إيجابيًا، وانظر إلى الحياة بكل بشر، وتفاؤل، ولا يصيبك الإحباط، والقلق، فإدن دقائقه، ستمضي على أية حال، إذًا، لتمضي، وأنت في سعادة، تتعلم منها، تُفيد الآخرين، وتستفيد منهم.

وبعد ارتشاف القهوة، أخذتني الخطوات إلى حجرتي، إلى القرطاس واليراع، لأكتب عن الإيجابية، ما أريد أن أعيشه في حيثيات حياتي، لأكون إيجابيًا، كما قالت أمي.

“كُن إيجابيًا”، لم تكن هي الأحرف العابرة، بلا دلالة حياتية، لكنها منهج حياة، أن تنظر إلى كل شيء من خلالها، لتعيشها، تُمارسها، تبعثها في ذاتك، وفي الآخرين من حولك، تكون إيجابيًا.

الآن، قد أكون قلقًا، وقد تكون أنت، قلقًا، لأمر ما، افتح نافذة حجرتك، اجعل خيوط الشمس، تُعانق جدرانها، تسقط على الأشياء فيها، لتُهديها نبضات الحياة.

قم بالاتصال إلى أحدهم، من تعرف بأنه، سيمنحك الكلمات الدفء، سيبعث في ذاتك الاستئناس، إن كنت مهتمًا بالثقافة والأدب -على سبيل المثال لا الحصر- ناقشه في موضوع ما.

الآن، قد تكون، مع أسرتك في ليلة الجمعة، افتح قلبك لهم، كُن بلسمًا، أصغي إلى أحاديثهم، لتعرف أخبارهم، تناول معهم بعض الفواكه، شاركهم كل شيء، لتشعر بقيمة هذه اللحظات، كل هذا، وغيره، سيُجدد ذاتك، يُعطيك طاقة إيجابية، تجعلك إيجابيًا.

الإيجابية، أن لا نقلل من عنصر التحفيز، من التشجيع، من بث التفاؤل، قل لأبنائك وبناتك، وهم الآن على مشارف اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول، بأن يجتهدوا، بأن يكون الأمل بوصلتهم، بأنهم المُستقبل، الذي نتطلع إليه.

نحن، كأولياء أمور، علينا أن نحتضنهم، أن نهتم بالجانب المعنوي لهم، فبعد الجد والاجتهاد، ينبغي أن تكون أنفسهم، كذلك، تتسم بكل عنفوان الحضور.

إن الكلمة الطيبة لها فاعليتها في ذات الإنسان، وعلينا أن نهتم بجعلها من الأمور الأساسية في حياتنا.

شكرًا أمي، حقًا، إن الإيجابية منبع عطاء، لا ينضب معينه.



error: المحتوي محمي