تظل الموهبة التي غرسها الله داخل شخص ما تؤرق صاحبها فلا يهنأ بالعيش في حياة روتينية مهما أجبرته الظروف على ذلك فتلك الموهبة تدفعه دائمًا للسير نحو الإبداع ليترجمها ويدمجها في الطبيعة من حوله ويحولها إلى واقع تدركه الحواس وتلمسه العيون، وفي القطيف وتحديدًا في التوبي زرع الله داخل الفنانة التشكيلية أميرة علي البري حب الرسم والتراث فقيّدتها الظروف عن سطوع هوايتها ولكن بالعزيمة والإرادة القوية تغلبت على جميع الصعاب التي واجهتها حتى أصبحت فنانة تشكيلية ومدربة فنون جميلة معروفة.
ذكرت الفنانة التشكيلية البري لـ«القطيف اليوم»، أنها تعشق فن الرسم منذ الطفولة فكان الرسم هوايتها التي عززتها بدعم من أسرتها وبأخذ عدة دورات في مركز الخدمة الاجتماعية.
عقبات وتحدٍ
ولفتت إلى أنها بعد إنهاء المرحلة الثانوية وحصولها على الشهادة الثانوية في عام 1411هـ، اصطدمت بعدم إمكانية إكمال دراستها الجامعية حيث لم تتح لها الدراسة إلا في مدينة الأحساء وهي تسكن في القطيف، مشيرة إلى أنه نظرًا لصعوبة الذهاب إلى هناك كونها زوجة وأمًا لبنتين وولد، كرست حياتها لبيتها وأولادها واستعاضت عن ممارسة فن الرسم بإدارة مشغل نسائي تتفنن فيه بعمل المكياج والتسريحات للحسناوات.
وبيّنت أنها لم تستسلم لذلك الوضع كثيرًا فبعد أن كبر الأولاد قررت ألا يقف طموحها عند هذا الحد، وأن تمارس هوايتها المفضلة بعد توقف عن الرسم دام خمس سنوات بسبب انشغالها بالأولاد ومرورها بأزمة صحية بسبب ولادتها القيصرية، فبادرت بتحقيق حلمها، ورجعت بقوة للرسم بالزيت والفحم، وإعطاء دورات في الرسم بكثافة، حيث بلغ عدد الدورات التي أقامتها نحو ثلاثين دورة.
ونوهت “البري” بأنها وجدت صعوبة في بادئ الأمر ولكنها سرعان ما أتقنت العمل، وتذكرت أول لوحة رسمتها بالألوان الزيتية والتي حملت اسم “غروب الشمس” حيث كانت وقتها مستجدة في استخدام هذه الألوان.
وتذكرت فوزها بلوحة “الحصان”، التي كانت بتنظيم مركز الخدمة الاجتماعية مع معرض بالرياض منذ ما يقارب خمس عشرة سنة والذي تم على أثره اقتناء لوحتها الفائزة بمبلغ 3000 ريال، مبدية حزنها لفقدها تلك اللوحة بسبب كسر الجوال، منوهةً إلى أن ما أهّلها لذلك الفوز هو عشقها لرسم الحصان واقتنائها في البدايات لوحة حصان؛ للتدريب على طريقة رسمه.
طقوس ريشة
وأوضحت أنها تمارس هوايتها وترسم لوحاتها في مكان بلا سقف، حيث تصعد إلى سطح المنزل من وقت غروب الشمس إلى وقت متأخر من الليل، فترسم النخيل الذي بجانبه والطبيعة من حولها.
إلى الاحتراف
وبينت أنها تنتمي للمدرسة الواقعية، وتجد نفسها في الرسم بالفحم لأنه يناسبها أكثر من الزيتي، وحول حجم إنتاجها ذكرت أن عدد اللوحات الزيتية وصل إلى 33 لوحة، فيما وصل عدد لوحاتها الرسم بالفحم إلى أكثر من 90 لوحة متنوعة، ملفتة إلى أنها لديها في الرسم بالباستيل بعض التجارب عليه؛ نحو تسع لوحات، بالإضافة إلى البورتريهات الكثيرة التي رسمتها إلى الزبائن.
وذكرت أنها شاركت محليًا في معارض القطيف، والدمام، والرياض، وأشارت إلى أنها بصدد تجميع أعمالها، والتوسع في عالم الفن بالرسم الزيتي والفحم والباستيل، وإقامة معرضها الشخصي المؤجل، منوهة بأنها لن تقدم على هذه الخطوة إلا عندما تشعر أنها وصلت للاحتراف.
وبالنسبة للدروس، لفتت إلى أنها تفضّل إعطاء الدروس الخاصة المفردة كي تأخذ كل متدربة حقها، مؤكدةً استمرارها في الرسم للحسينيات لفترة طويلة وصلت لأكثر من سبع سنوات، ثم عادت لرسم بورتريهات إلى الزبائن إلى أن عرف اسمها وكثر المتابعون لصفحتها على تطبيق “إنستجرام”.
وفي النهاية وجهت نصيحة للموهوبين المبتدئين بالتحلي بالعزيمة والإرادة القوية، وألا يسمحوا لأحد بأن يقلل من قيمة أعمالهم.
وفي ختام حديثها، شكرت زوجها وأبناءها لأنهم أول من ينتقد أعمالها، كما شكرت كل من ساندها ودعمها في مشوارها.