شاي على الجمر

حالما تجد مواطنا يبيع الشاي على الجمر في لهيب الصيف الحارق أو برودة الشتاء القارسة، وحالما تجد آخر يعمل في بقالته الصغيرة أو مطعمه أو ما شابه، فاعلم أنَّ هؤلاء لم تُسعفهم الظروف في الغالب للحصول على فرص عمل أفضل مما هم عليه، أو ربما فضَّل السيد «بابو» والسيد «جوزيف» رميهم في الشارع تحت ذريعة إعادة هيكلة الشركة وتخفيض التكاليف، التي عادة ما تطال المواطن دون غيره.

حالما تجد هؤلاء فاعلم أنَّهم في أمس الحاجة لمن يمد لهم يد العون عن طريق شراء سلعهم، لأنَّ مشروعاتهم الصغيرة إن فشلت فلن تجد هذه الأُسر قوت يومها، حينذاك يمكن أن تتكون لدينا عوائل فقيرة قد يدفعها الفقر إلى مشاعر من النقمة التي تحولهم في لحظات الضعف لبؤر فساد اجتماعي وأخلاقي مرعبة للمجتمع.

الحقيقة أنَّ نسبة من الشباب والشابات السعوديين ألجأتهم الظروف العصيبة وقلة الفرص الوظيفية إلى الأعمال الحرة، هناك على قارعة طريق تجد بنتا تعمل في سيارة طعام «Truck food» وهناك في مكان آخر شاب أمامه «قدر بليلة» وآخر يلبس «مريلة الطبخ» ليقوم بنفسه بإعداد الطعام في مطعمه الصغير، هؤلاء إن لم تشترِ منهم أيها المواطن المقتدر فإنَّ الظروف العصيبة ستلتهمهم، ذلك أنَّ لديهم عوائل لربما هي في أمس الحاجة للقليل من الدخل، إذا فشل هذا الشاب أو هذه الشابة في هذا المشروع الصغير فهناك عائلة ستضرر وتتجه لمستويات قد تكون خطيرة من الفقر، وهكذا أمر يمكن أن يجعل الألم الذي يعيشونه سببا في تحولهم إلى قنابل موقوتة في المجتمع.

ومن جانب آخر، هناك عدد ليس بالقليل من هؤلاء أصحاب شهادات قد تكون من أفضل جامعات العالم، هكذا تشاء الصدف أحيانا للاستطراد في حديث مع شاب يمارس هذه المهن، لتكتشف أنه متخرج من جامعة لها قيمتها وفي تخصص ينبغي أن يكون مصير صاحبه أفضل من طباخ أو بائع بليلة، لذا ينبغي أن تحفظ كرامة هؤلاء، ولا يتم التعامل معهم كمتسولين وإعابتهم أو الإساءة لهم، حتى وإن كانوا في حقيقتهم ليسوا أصحاب شهادات أو مستويات علمية جيدة.

في تصوري أنَّ حملة شعبية لو توجهت لدعم المواطنين أصحاب المشروعات الصغيرة، والشراء منهم، وتقديمهم على ما سواهم، في اعتقادي أنَّ حملةً كذلك لو حدثت لاستطعنا النهوض بهذه الشريحة وإنقاذها من الأزمة الحقيقية التي تعيشها، أما تجاهل هؤلاء وعدم الاكتراث بهم فلربما يقود مشروعاتهم الصغيرة إلى الفشل، حينذاك ستكون الأضرار وخيمة جدا على المجتمع، ليس أقلها ارتفاع عدد الجرائم وتدني مستوى الأمن.


المصدر: آراء سعودية.



error: المحتوي محمي