قال تعالى: (ٱلرَّحۡمَٰنُ ١ عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ ٢ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ ٣ عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ).
في زمن قلت فيه الرحمة ما أحوجنا للرحمة والتعاطف والتراحم، فلنبدأ برحلتنا مع القرآن كتاب المسلمين في ظلال السورة المسماة بالرحمة.
(ٱلرَّحۡمَٰنُ) الآية الأولى من سورة الرحمن كلمة كلها ود ورحمانية وتحنن من الرب على كل العباد على كل البشرية. المطر رحمة الغيم، رحمة الأم أكبر رحمة وحنان الأب أجمل رحمة، المعلم أفضل رحمة، والعالم أكمل رحمة، وغيرها من الأمثلة وكلها تجليات لرحمة الله على الناس.
أما النبي محمد فهو مظهر كل الرحمات صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه.
فالرحيم كما هو معروف كلمة خاصة بالمؤمنين، أما الرحمن فهي كلمة أشمل تعم كل الناس مهما كانت دياناتهم، مذهبهم، أو اعتقاداتهم.
(عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَان) الآية الثانية من سورة الرحمن أيضاً تفضل وتكرم وتحنن من خوفه على عباده بتعليم رسولهم الذي أرسله إليهم ذكراً حكيماً وتعاليم مقدسة وقوانين معرفية مدنية وسلوكية وفقهية كبرى ليحكم البشر بها في مجتمعاتهم، تقيهم شر المفاسد والجنون والجهل والضياع والوباء والمرض المعنوي والجسدي، فالله ينادي عباده أذكركم يا عبادي ببسم الله الرحمن الرحيم أنا الرحمن من رحمتي عليكم أرسلت رسولي ملقناً مسدداً مرحوماً به وبالإنسانية بتعليم أفضل كتاب سماوي بالوجود رحمة للعالمين، لذلك سميت السورة باسم الله الرحمن.
وتشبيه سورة الرحمن بالعروس من حيث الزينة؛ فكما أنّ العروس تتزيّن بالحليّ والملابس الفاخرة، فإنّ القرآن يتزيّن بسورة الرحمن التي ذكرت (خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ) الآية الثالثة من السورة كما تفضلت آنفا، لكل الإنسان هذه الرحمة أينما كان ومهما كان هذا الإنسان، هذه الرحمة مودعة في القلوب وفي قلب النبي والقرآن لتجري الرحمة في العالمين.
(عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ) الآية الرابعة، وبعد هذه الرحمة لك يا رسول الله ولأمتك خلقتكم نطاقين بالحكمة متحدين بأسرار هذا الكتاب وهذه الرحمة وكل المكنون في الصدور، لأنه لولا اللسان لما وصف الإنسان ولما كان الإنسان منيراً مبهراً مميزاً عن الحيوان أجلكم الله، ولما كانت كلمة الله جارية في الحياة علماً وعملاً.
هذه السورة كلها تودد من الله الودود لعباده الناس جميعاً لعلهم يتراحمون.