وقفت شهادة الخبرة عائقًا بين أحلام أحمد الضامن وبين نيلها وظيفة تتناسب مع تخصصها، إلا أنها تجاوزت ذلك بتطوير موهبتها وصقلها، واتخاذها حرفة ومصدر دخل.
تخرجت “الضامن” في جامعة الملك سعود بالرياض عام 1424هـ، تخصص تغذية واقتصاد منزلي، وجاء سر إعجابها بهذا التخصص لما له من علاقة بالأسرة والتغذية والصحة، ولكن للأسف لم يحالفها الحظ في الوظيفة التي تخصصت من أجلها، لشرط شهادة خبرة لا تقلِّ عن سنتين لم تتوفر لديها لأنها حديثة تخرج.
عائق وطموح
شعرت بأنّ هذا الأمر كأنما هو عائق يحول بينها وبين العمل في تخصصها الذي خاضت فيه غِمار العلم والسهر والتعب، وتوضح: “كنت أطمح أن أكون مسؤولة تغذية تخدم المجتمع بالمعلومات الصحية المفيدة، ولكن، لعل الذي أبطأ عني هو خيرٌ لي، لم أخضع للهزيمة والهروب عن طموحي أبدًا بل زادني ذلك إصرارًا، ودفعني لأن أقدِّم دروس تقوية للأطفال، ومنها أخذت دورات ميكروسوفت أوفيس، ودورة تريكو أساسيات”.
وتؤكد أن وراء كل نجاح في الحياة طموح، ووراء كل طموح قصة يكتبها صاحبها بجمال أفكاره وإنجازاته، وعلى الإنسان أن يسعى لطلب رزقه في هذه الحياة لا أن يعيش التسويف والكسل، بل عليه أن يجعل اهتمامه بالفرصة التي يصنعها لنفسه، وليس في الفرصة التي تمنح له.
وتقول “الضامن” لـ«القطيف اليوم»: “كانت لديَّ هوايات متعددة كالقراءة، والرسم، والحياكة اليدوية، وكثيرًا ما كانت تجذبني الألوان عندما كنت صغيرة، فالرسم والخياطة يشتركان في الألوان ونسج الخيال ولكلٍ منهما أدواته”.
شغف الطفولة
وتذكر أحلام، المنحدرة من الدوبج بالقطيف أن والدتها هي من أهدتها هذه الموهبة والهواية الجميلة، فقد كانت تحيك ملابس للدمى والمفارش والليف، ولكنها لم تتعمق كثيرًا في هذا المجال لأسباب خاصة، ولا تزال تمارس عمل “المفارك” حتى الآن.
سر الاختيار
كان سر اختيار “الضامن” لهذا الفن هو تعلقها الكبير بالأطفال وربما لأنها حُرِمت منهم في فترة من حياتها، مما زاد تعلقها بالدمى فهي قريبة بشكلها لجسم الإنسان وتمثل طفلًا لكنها بلا روح، مشيرة إلى أن لكل هاوٍ عمل وفن سر بينه وبين هواياته التي يعشقها ويُعطيها اهتمامه.
بداية عمل
وأوضحت: “بدايتي في العمل كانت بسيطة بعمل الشنط وعلب المناديل والقبعات، بعد ذلك أصبحت أبحث في الإنترنت عن كل ما يخص هذا المجال، وتابعت المدربة المبدعة أبرار مهدي حتى أصبح لديَّ شغف أقوى من السابق في عمل المشغولات اليدوية، ثم اتجهت لعمل المفارش العادية وثلاثية الأبعاد (3D)، وبعدها تصميم الدمى بجميع أشكالها، ولكل دمية طابع خاص، ولكل مصمم حس فني يختلف عن الآخرين يستوحي منه أفكاره للحفاظ على لمساته”.
الإنجاز الأول
أول عمل فني بالكروشيه أنجزته أحلام كان قبعة ومفرشًا بغرزة رجل الغراب على قماش الايتامي، وسرت كثيرًا بهذا الإنجاز البسيط لأنه كان تحديًا بينها وبين نفسها من أجل طموحها الذي تصبو لتحقيقه.
نصيحة زوج
وتابعت قائلة: “نصحني زوجي بفتح هذا المشروع، وبرغم بعض الخوف من إضافة مسؤولية أخرى إلى مسؤولياتي الخاصة، لكنه دعمني كثيرًا ماديًا ومعنويًا وشجعني حتى تمكنت من فتح المحل وعرض مشغولاتي بعد التوكل على الله، تم اختيار المحل وكان مناسبًا لي وقريبًا من محل زوجي وأطلقت عليه اسم (نخ) بالفارسي ويعني الخيط”.
فن محبوب
وترى “الضامن” أن الإقبال على فن الكروشيه في القطيف بشكل عام جيد، خصوصًا الدمى فكثيرًا ما ينجذب إليها الأطفال والكبار، وهناك أيدٍ مبدعة في أعمال الكروشيه، ولكن هناك حقيقة واحدة وهي عدم تقدير العمل اليدوي للأسف رغم أنه يستهلك وقتًا وجهدًا في التصميم.
وتبين: “من جهة أخرى، عندما تدخل المنافسة والتحدي في صنع المنتج تُعطي حافزًا قويًا للإنجاز، وأنا أسميها منافسة المبدعين، أصحابها يحملون قلوبًا بيضاء معطاءة ويستحقون التقدير، خصوصًا إذا كان هذا العمل مصدر رزقهم”.
خبرة وثقة
زادتها ممارستها للعمل خبرة وأعطتها ثقة عالية بقدراتها لكي تقوم بتوظيفها في خدمة العملاء، لافتة إلى أنه كلما تعامل الإنسان بجودة الأخلاق مع الآخرين كلما فتح الله له بابًا للرزق.
ألوان يعشقها الأطفال
وتكشف الألوان المحببة لدى الأطفال وهي؛ الأصفر والبرتقالي والأحمر والوردي والأزرق والأخضر والأبيض، وتقول: “أفضل التصاميم عندي الدمية الممتلئة والكبيرة فهي تُعطي بروزًا وجمالًا في الشكل، وأنا دائمًا أسعى لخدمة وإرضاء أحبتي الأطفال”.
هواية وحلم
وتضيف: “عندما يهبك الله نعمة اشكر الله عليها، ليس هناك أجمل من التأمل في جمال الطبيعة فهي مصدر الإلهام الذي يمدنا بالأفكار والخيال الذي من خلاله نمارس هواياتنا بحب وشغف وعطاء وهدوء، وأسأل الله أن يكون لديّ بيت ألون جدرانه بألوان الطبيعة فهذا حلمي”.
نصيحة من القلب
ووجهت نصيحة لكل من يترسمون خطواتها في أعمال الكروشيه: “ثقوا بقدراتكم واجعلوا طموحكم هو الدافع للدخول في هذا العالم والمضي قدمًا حتى يتحقق، إن هذا الفن هو عالم جميل وتراث تتناقله الأجيال وإبداع لا محدود بأفكاركم، وعليكم بالمثابرة وعدم فقد الأمل في الوصول، مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة”.