ذكريات مع محمد علي

مر نحو أسبوع منذ غمرني إحساس متدفِّقٌ بالحزن والألم لرحيل الصديق محمد علي آل ربح، ليس وكأنني كنتُ أقابله بشكلٍ يومي، بل لأنني وجدته المثال الحقيقي لمعنى الصداقة، إنه صديق طيب القلب، وجدته أخًا صادقًا دومًا يذكرني بالله، وإذا مَرِضتُ يُخبرني بأنه كفارة لذنوبي، ويُبشرني بقول رب العباد: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾.

مات محمد ولم يمت، مات شكلًا ولم يمت معنى، لأنه رحمه الله أدرك أن الحياة غير مأمونة العاقبة فبادر في حياته إلى غرس الكثير من الأنشطة النافعة، خصوصًا الاجتماعي منها والديني، وغاية ما يقال إن شخص محمد علي لم يختفِ وإنما توزع على أشخاص بنوره يعملون، فمنهم من حمل على عاتقه تصميم الجداول، والآخر في خدمة التواصل مع المجتمع برقم الجمعية، وغيرها من الأمور التي ربما أنا غافل عنها.

كان محمد علي آل ربح أو كما ينادى (محمد علي) سمح الوجه، كثير الابتسام، بدأت صداقتي معه عام 2015 إذ عرف عني أن ليّ في الأنشطة الاجتماعية، فطلب لقائي في مقر الجمعية السابق، وكانت هناك فعالية في الروضة، وطلب مني قائلًا: “إذا أمكن أخي مسلم تغطي الفعالية صور وتكتب عنها مقالًا” فوافقت ومن هنا بدأت معه.

من صفاته الحسنه هي المحافظة على النعمة، فأتذكر في إحدى المرات أنه طلب مني مرافقته إلى الزيارة، ولكنني اعتذرت له لانشغالي بالدراسة، ألا أنه أصر على خروجي معه قبل سفره بليلة لنتناول وجبة العشاء سويًا، وفعلًا ذهبت معه واشترى أنواعًا مختلفة من اللحوم المشوية، وفي كل مرة كنت أخبره عن شبعي يردد: (استر على النعمة).

كان محمد علي هو السبب في تعريفي على أعضاء الجمعية، وشيوخ العوامية، بل وحتى الأخذ بي لمرافقته لصلاة الجماعة وخصوصًا في العيدين، وكانت كلماته المواسية بالغة التأثير فقد نقلتني في لحظات سريعة إلى أجواء أخرى أكثر عمقًا حيث أحسست الوجع والألم في نبراته وتنهداته فحين أفتح عيناي في المستشفى بعد مخدر قوي، أجده جالسًا بجواري ينتظرني أن أفيق، بل وأحيانًا يغضب بسبب أنني لم أخبره بتنويمي، فأقول له: (ما وددنا أن نكلف عليك ونتعبك معانا)، فيرد: (لا تحرمني ثواب زيارة المريض).

فبفقده فقدنا أخًا وصديقًا وفيًا مخلصًا، وفقدت العوامية فارسًا عظيمًا من فرسانها الذي كثيرًا ما صال وجال لتنميتها وتفعيل أنشطتها، كان رحمه الله متواضعًا جدًا محبًا للصغار قبل الكبار، أنعم الله عليه بتوفيق فياض، والمسارعة لخدمة المؤمنين، والساعي لإقامة مجالس أهل البيت -عليهم السلام-، فيا أيها الأعزاء، تمسكوا بأخلاقه وأفعاله، ليس الإرث المال والجاه، بل الباقيات الصالحات، خصاله وقيمه ومسلكه، رحم الله محمد وأسكنه فسيح جناته.



error: المحتوي محمي