موعد بلا محطة

أخذت تحدق في الأفق البعيد وكأنها تنظر إلى نفسها في مرآة ولكنها وجدت صورتها تبلورت في منشور. صورتها تختلف باختلاف ملامحها ألوانها تتكسر: ترتعش: تتبعثر: تكتمل صورتها الحقيقية في عيونها فقط. تسترخي وتطلق تنهيدة تتراقص في سماء رمادية من عذابات طفلة تحتضن جدائل الفجر. تتساءل لماذا أنا السفر الممنوع والوجه المفقود والوجع اللا منتهي في زوزنامة التاريخ؟ إحساس بالضياع بمحطة الحياة وأنا محصورة في دهليز الغربة والظلام! غربة وظلام طريق طويل، أحلام متكسرة، مستقبل ضائع وآمالنا محطمة تائهة. وارتجافة صقيع الغربة تطارد أحلامي الباردة.

رحلت أبحث عن المنى بخطوات منهزمة متعثرة لم أركب سفينة السندباد بل بقدمي وبنور البصيرة في قلبي قاومت إيقاعات الحياة الصاخبة وشبح الأحزان الذي أصبح ظلًا يلازمني.
وبلا موعد وإذا بأجنحة النوارس ترمي لي عصاة بيضاء (عصاتي خطوات دربي ومعنى صحبتي شمعة أضاءت دروب حياتي بنور البصيرة وهي معي تعلمت كيف أقاوم الجفاف وإن كان الربيع سرابا يتراءى في صحراء المبصرين تعلمت وهي معي أن العجز لا يكون إلا عن مقاومة تيارات الجهل والخوف والهزيمة. ويصبح العلو سرابًا يتراءى في عيون المبصرين. فجرت في داخلي براكين الصمود والاستمرار والتأمل من أجل إثبات الذات بالذات. وكأن الظلام والغربة انتهت خطواته وهي تقودني في فصل الربيع بين لون وآخر بحذو عواصف شتائية من القوة والإصرار والتحدي لبث السعادة. وها أنا اليوم أدير مؤشر الزمن وأعود بكِ (عصاتي البيضاء) إلى الورى ليتعرف عليك الجميع كاللغز محيرًا غامضًا وصرحًا شامخًا من العطاء لأجدد عهدي مع الله عز وجل بالشكر والصبر.

إلهي تصاغر عند تعاظم آلائك شكري وتضآءل في جنبِ إكرامك إياي ثنائي، جللتني نعمك من أنوار الإيمان حللاً، وقلدتني منك قلأئد لا تحل فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إياك يفتقر إلى شكر.


بمناسبة يوم العصا البيضاء 15 أكتوبر



error: المحتوي محمي