الشيخ أحمد سلمان: العمل المؤسسي يدفع عجلة الإنتاج في المنبر الحسيني والرقابة أمر ضروري

ذكر سماحة الشيخ أحمد سلمان أن مفهوم المنبر الحسيني للشيخ مرتضى المطهري وهو رجل مفكر له باع طويل في إصلاح الحالة الدينية في ذاك الزمان عندما تحدث عن منبر سيد الشهداء بتعبير عجيب بقوله “إن كل من أسس مؤسسة موجودة لها ناطق رسمي” والناطق الرسمي باسم الإسلام هو الخطيب الذي يتولى مهمة تعريف الإسلام للآخرين وهذه قضية خطيرة.

وتابع: “أما التعبير الثاني للمرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني والذي قال فيه المنبر هو الوجه الإعلامي للحركة الحسينية، نحن نتحدث عن شيء من خلاله أولاً نعلم المجتمع الشيعي ونغرس فيه قيم الإمام الحسين عليه السلام وقيم الدين الأصيلة، وثانياً: نعرض الدين ونهضة الإمام الحسين عليه السلام لعامة الناس من جميع الأديان والمذاهب ولغير المسلمين”.

وأكد أن المنبر واجهة المذهب والدين ولا يمكن إنكار ذلك، ومن المفترض أن يكون مصدر فخر للمذهب والدين ولابد أن يُلبي جميع حاجات المجتمع والشباب، فالجيل الجديد لديه أسئلة قد تكون فكرية أو عقدية أو فلسفية أو اجتماعية أو فقهية، لافتاً إلى أن دور المنبر يكون متنوعاً.

وقال: “أنا مع الإتقان بكل شيء، أتقن التاريخ وتحدث عنه، منبرك فقهي أتقنه وتحدث عنه، يجب أن يقدم المنبر معلومة صحيحة ويضيف شيئًا للمتلقي، فالمنبر اليوم ليس محصورًا بين أربعة جدران”، مشيرًا إلى بعض القصص التي حصلت بسبب أخطاء ومعلومات غير مثبتة لخطباء وتعرضوا للمشاكل.

وأكمل: “نحن لا نمتلك قاعدة بيانات ترتبط بالمذهب ولا نعرف عدد المنابر ولا عدد الخطباء الموجودين ولا نستطيع التحدث بلغة الأرقام، فأي مشروع يفقد هذا الأمر تطوره يُصبح مستحيلاً”.

وناقش مشكلة في المجتمع وهي قضية “من قال لا إلى من قيل”، قائلاً: “لو طرحت فكرة فلنناقش هذه الفكرة إذا كانت صادقة أو لا، لا يهم من عقب عليها وما خلفياته”.

وواصل: السيد السيستاني أصدر بيانًا يتضمن نصائح وتوجيهات للخطباء والذي احتوى على 12 بندًا ودستورًا كاملًا تنظيميًا للمنبر وما يطرح عليه، وبعض الخطباء يُخالفون هذا، مشددًا على ضرورة تحري الدقة في نقل الآيات القرآنية والروايات حتى لا يفقد المنبر الحسيني ثقته”.

وبيّن أن الروايات على ثلاثة أقسام: روايات صحيحة وثابتة، وروايات مكذوبة المعلومة، وروايات ضعيفة يجوز أن تنقل الضعيفة لا بعنوان الإثبات والإخبار إنما بعنوان الحكاية حتى لا يرسخ في ذهن المستمع ويتوهم أن القضية حقيقية.

واستطرد قائلاً: “في قضايا المواعظ قصص موجودة في الكتب غرضك من نقلها هو موعظة لا أكثر ولا أكثر مثل قضية “أن حبيب بن مظاهر يُسجل الزوار” وسئل أحد مشايخ البحرين عن هذه القضية وأجاب: للتوحد لدينا رواية تُثبت ذلك مما أدى إلى غضب المستمعين، وأصبحت لدى الناس حقيقة ليس لديها ميزان فقهي كقضية عرس القاسم من سكينة بنت الإمام الحسين عليه السلام هل حقيقة أم رواية؟”.

ونوه بأن المنبر مرتبط بالتغيير لتغيير احتياجاتنا ولا داعي للتحسس من النقد، فالنقد أمر ضروري إذا أردنا أن نتطور، وعدم طرح معلومة لا يستطيع الخطيب إثبات صحتها.

وأشار إلى أن الشيخ الخطيب الدكتور الوائلي هو الذي سن أن تبدأ الخطبة بآية قرآنية وأقوال المفسرين والشواهد والأدلة وربطها بالمصيبة ولا تقتصر خطبته على الجانب التاريخي والنعي فقط لذلك فرض نفسه، وكذلك سماحة الشيخ السيد منير الخباز مرحلة أخرى لم يسبقه لها أحد فهو يناقش الفكرة من جميع المحطات

ودعا إلى أهمية وجود مؤسسة للخطباء ورقابة تضع لها ضوابط ومعايير يمكن أن نقف عندها لكل شخص يصعد للمنبر، فالعمل المؤسسي يدفع عجلة الإنتاج كثيراً وتقييم الخطيب وتقويمه، مشيراً إلى أن السيد محمد باقر الصدر قبل أربعين عاماً تناول في إحدى مؤلفاته عن فنيات الخطيب وآداب المنبر الحسيني والعمل المؤسسي.

وأوضح أن السيد السيستاني في آخر وصايا له كانت في السنة الماضية تعرض لهذه القضية وتحديدًا في “الوعظ” قائلًا: “على المبلغ أن يهتم بنقد نفسه بنفسه ممحصًا لأقواله قبل الناس متجنبًا تزكية النفس، كما ذكر قضية أدوات النصيحة وكيف توجه وما هي الألفاظ التي تُنتقى، مؤكداً أن المراجع قدموا وصايا للناس ومجموعة من الحلول لكن لا يُلتزم بها.

واستطرد: “يجب أن تُساير الخطابة للتطور واختيار النصوص والأحاديث التي تشكل جاذبية لعموم الشعوب على مختلف مشارعهم وعولمة المنبر، ويعزو ذلك أن المنبر يستهدف كل شخص على هذا الكون ويستفيد به”.

وذكر أن العالم “مطهري” أكد على أن يكون الخطيب صاحب شهادة أكاديمية ثم يلتحق بالحوزة ويكون جامعًا بين أدوات البحث الأكاديمي وأدوات البحث الحوزي، وهذا يطبق أيضًا عند كبار مراجع النجف الشريف، موضحاً ذلك بسرد موقف سماحة الشيخ المرجع إسحاق فياض عندما أراد حفيده أن يلتحق بالحوزة أمره بإكمال المرحلة الثانوية للدراسة وبعدها المرحلة الجامعية قبل دخوله للحوزة وعندما قال له أريد أن أبدأ صغيراً مثلك كي أطوي المراحل بسرعة، قال: “في هذا الزمن نحتاج كيفاً ولا كماً”.

وبيّن أن المادة التي تُطرح على المنبر عملية توافق وامتزاج بين الحوزة وكفاءات المجتمع لأنها صوت له، منوهاً بأنه يؤمن بالعمل الجماعي المؤسساتي.

ومن جانب آخر، وجّه المحاور محمد الخنيزي سؤالاً للحديث عن قدوته بالخطابة فأجابه: “سماحة الشيخ منير الخباز وكذلك الشيخ علي المحسن فأنا أعتبره الأب الروحي ونصائحه أتخذتها منهجًا لحياتي”.

واختتم اللقاء بقوله: “لا بد ألا نتحسس من النقد فهو أمر جيد وضروري إذا أردنا أن نتقدم وهو مرتبط بحاجات الناس، وعند انتقاد بعض الخطابات الحسينية بغرض أن نُظهر الدين بصورة جميلة، فالكثير يتأثر بالمنبر الحسيني فهو يعتبر واجهة للتشيع ويستفيد منه جميع الطوائف والأديان والملحدين والمسيح ولابد أن نعرف قيمة هذا المذهب، بالإصافةً إلى أنه إذا كان الخطيب مقتنعًا بفكرة فعليه استخدام كل الوسائل المتاحة لإقناع المستمع والتأثير عليه من لغة جسد وغيرها”.


error: المحتوي محمي