إمامي

إن العبر المستفادة من نهضة الإمام الحسين -عليه السلام- كثيرة، ولكن أهمها أن الإمام -عليه السلام- كان قائد سلام، وحتى في حربه كان يستخدم الإنسانية والمبادئ في قتالهم، ولكن هناك البعض من الشيعة دائمًا ما يرددون أن الإمام الحسين ثوري والإمام الحسن مسالم، ويميزون بين موقف الإمام الحسن -عليه السلام- وجعله رمزاً للصلح والسلم واللاحرب واللاعنف، وبين موقف الإمام الحسين -عليه السلام- وجعله رمزاً للثورة والمقاومة والبسالة والتضحية وسفك الدم والحرب، وهذا مفهوم خاطئ.

إن الإمام -عليه السلام- حدّد الهدف من خروجه، وهو إصلاح المجتمع في أُمّة جدّه، بقوله: «وإنِّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً، وإنَّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمَّة جَدِّي صلى الله عليه وآله، أُريدُ أنْ آمُرَ بالمعروفِ وأنْهَى عنِ المنكر، وأسيرَ بِسيرَةِ جَدِّي وأبي علي بن أبي طَالِب، فمَن قبلني بقبول الحق فالله أوْلى بالحق، ومَن ردّ عليّ أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق»، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل الجوانب: الاجتماعية، والاقتصادية، والحقوقية، والإرشادية، والوسيلة التي اعتمدها وهي السلم والسلام.

لقد خرج الإمام الحسين من أجل الدين الإسلامي الذي يدعو إلى السلام، فحين أراد مسلم بن عوسجة أن يرميهم بسهم منعه الإمام -عليه السلام- من ذلك وقال له: (لا ترمه! فإني أكره أن أبدأهم بقتال) فقد كان الإمام يعمل بإتقان وحنكة سياسية ويعاملهم بكل دبلوماسية، وذلك يلخص أنه حينما أجمع القوم على قتاله وقتله، خطب فيهم خطبتين اعتمد فيهما على الحوار والمنطق والحجّة والنصيحة، كأداة سلمية، فيسألهم إذا قتل منهم أحد؟ أو إذا يطالبونه بدين؟ أو يريدون منه شيئًا، وهم يقولون: (ما تقول يا ابن فاطمة؟) فيجيبهم بصوت حزين: (ملئت بطونكم من الحرام)، بل ناشدهم بتركه يذهب ويرتحل إلى أرض الله الواسعة (أيّها النّاس، إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض).

هذه كانت سيرة الإمام الحسين -عليه السلام- الأخلاقيّة في الحرب مستنبطة من منظومة الأخلاق الإسلاميّة التي تربّى عليها من والده علي ابن ابي طالب وجده رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقد شهد حرب صفين كيف أعطى أمير المؤمنين الماء للأعداء، وحين صار الماء في يده الأعداء منعوه عنه، ولو كان الإمام الحسين -عليه السلام- في زمننا لكانت وسائل الإعلام تصفه بأبشع الأمور، وأن نهضته كانت بالسيف وليست سلمية، وغيرها من الأمور؛ إلا أن سبب قتاله كان للدفاع وليس للهجوم، وكما كان جده يدافع ولا يهاجم، فالبعض يطلق مسمى “غزوات” على أحد وبدر والخندق وكان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مشابهًا لصدام حسين في غزو الدول والبلدان، فلو استمررنا بالمنهج الإسلامي الحقيقي بمبدأ ”السلام عليكم” و”عليكم السلام” لاختفت جميع الآلام والحروب فالإسلام دين سلام وهو يدعو لصفقة السلام.

وأختم كلامي بالجملة التي نرددها في الصلاة وهي: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).



error: المحتوي محمي