يعتبر المعلم بمثابة المزود والناقل الأول للمعرفة وهو الذي يضمن عملية تلقي المعلومات المُختلفة بالشكل الصحيح، وذلك بالاستعانة بالكثير من المصادر والوسائل مثل: المناهج الدراسيّة، وإرشادات التعليم، بالإضافة إلى حضور المحاضرات ذات الصلة.
وتتنوع أساليبه في التعليم لتشمل التعليم القائم على المشاريع والتجارب العلميّة، والتعليم من خلال المجموعات، والتعليم الجماعي في غرفة الصف أو خارجها، ولا يختلف عاقلان فيما يخص دور هذا المعلم العظيم بما يقدمه من خدمات جليلة بل تكاد تكون مقدسة في العطاء والبذل والتضحية، وفي حقيقة الأمر لن يستطيع أحد أن يشعر أو يحس بالمعاناة التي يعانيها المعلمون من جهد وتعب وما يقومون به من عمل ومثابرة منقطعة النظير.
وأنا بدوري وبما أنني أحد العاملين بهذا الحقل التربوي والذي يشرفني خدمة أبناء الوطن وهو شرف لا يضاهيه شرف، لذا من واجبي ومن منطلق مهنتي ارتأيت أن أكتب هذه الكلمات البسيطة في حق كل معلم ومعلمة من معلمي الوطن الأشراف، بل من خلالها أردت التعبير عما يكنه قلبي من أحاسيس ومشاعر وخصوصًا في هذه الظروف التي تمر على البشرية جمعاء من هذا الوباء، أجارنا الله وإياكم من كل مكروه! فبعد أن أغلقت المدارس وتعطلت العملية التربوية والتعليمية وأصبحت الوزارة الموقرة تبذل قصارى جهدها لإيجاد البديل من وسائل تقنية حديثة والدعم اللامحدود من قبل حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله ورعاه – وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان آل سعود – حفظه الله – وقد تحقق ذلك بطبيعة الحال بوجود تلك القنوات التابعة لوزارة التعليم كقناة عين وقنوات منظومة التعليم الموحدة وغيرها ونرى المحاولات الجادة والحثيثة لتذليل الصعاب؛ خدمة للأعزاء الأبناء.
للحق نقول ماذا شاهدنا بعد تعطل المدارس، أعتقد وكما هو واضح وجلي للأذهان ولكل متابع من طلاب وآباء وأمهات؛ رأينا الارتباك الحاصل لكل أسرة من مجتمعنا الغالي؛ وذلك لغياب دور المعلم بشكله المباشر والفاعل من خلال عدم تواجده في مملكته الصغيرة وهي مدرسته وصفه وإعاقته عن ممارسة دوره العظيم مع طلابه وأحبابه؛ وذلك بسبب ما تعرضنا له كمجتمع من هذا الفيروس المقيت، وأنا كمتابع وبصفتي معلم خادما لبلدي شاهدت كبقية الآباء والأمهات ماذا حصل بعد تغييب دور المعلم بشكله المباشر.
وانتقلنا للعملية البديلة فوجدناها عملية مرهقة وتستهلك الكثير من الوقت والجهد، وكل هذا ما كان ليحصل بوجود المعلم لوكان في موقعه بشكل مباشر ولكن قدر الله وما شاء فعل، ومن هنا أفرزت تلك المحنة أمرين مهمين للغاية هما:
– أولًا
معرفة قيمة المعلم بغياب دوره والذي لا يعرفه الكثيرون، والذي تبين ما له من أهمية كبيرة بعد هذا الحدث الأليم والارتباك الحاصل في العملية التعليمية برمتها مع وجود عدة بدائل، إلا أنها لم تستطع فرض نفسها كبديل عن دور المعلم وتواجده داخل الصف الدراسي.
– ثانيًا
إظهار الشعور بالمسؤولية الكبيرة من قبل المشرفين والمشرفات والمدراء والمديرات والمعلمين والمعلمات تجاه الوطن، وأن هذا الظرف الاستثنائي ما هو إلا دافع لنا جميعًا للوقوف صفًا واحدًا خلف قيادتنا الرشيدة للوصول بالأبناء إلى بر الأمان من خلال العمل الدؤوب والمتواصل فمهما عملنا وقدمنا من جهد؛ فهو قليل في حق هذا الوطن المعطاء وحق الأبناء فهم عماد البلاد ونور المستقبل بهم نرتقي وبهم نفاخر الأمم من حولنا.
فشكرًا لكم، إخواني المعلمين وأخواتي المعلمات على كل ما اظهرتموه في جميع أنحاء الوطن من جهد وتكاتف وعمل يستحق التقدير والاحترام نابع من حبكم لبلدكم الأم وهذا لاريب واجبنا الشرعي والأخلاقي والإنساني تجاه وطننا المعطاء ومليكنا الغالي ومملكتنا الحبيبة ومن خلاله تستحقون فعلًا تقبيل الرؤوس وأن نقف بكل إجلال وتقدير، فيشهد الله أنكم أبليتم حسنا؛ فجزاكم الله خير الجزاء وأثقل به ميزان أعمالكم، وأن يعينكم على كل خير قال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة التوبة (١٠٥).
إذًا يتبين من الآية الكريمة أن الإخلاص للوطن من صدق الإيمان وطهارة النفس ثبتنا الله وإياكم على ذلك.
وختامًا إخواني وأخواتي أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، كما أسأله جلا في علاه أن يجعلنا جنودًا مجندة لخدمة ولاة الأمر، وأن يحمي البلاد والعباد من كل مكروه وأن يوفق فلذات الأكباد، إنه سميع مجيب الدعاء.