تدفّق نهر عطائه مُبكراً، وحمل في جعبته أجمل معاني الحب والإنسانية، وسلك دروب الخير والبذل اللامحدود، وكان لمشاركاته في الحملات التطوعية صداها، وجعل من العمل التطوعي رسالة حتمية ومن أسمى ما يقدمه الفرد تجاه مجتمعه ووطنه.
يحكي فني المختبرات الطبية ناجي السنان المنحدر من بلدة الأوجام لـ«القطيف اليوم» قصة تطوعه، والتي يدعو فيها إلى الانخراط في المجال التطوعي عن طريق اللجان الرسمية ولجان التنمية الاجتماعية الأهلية قائلاً: “لقد كانت البداية عندما كنت في الخامسة عشرة من عمري حيث كان لعمي الشيخ “مالك السنان” دور كبير في غرس بذرة حب التطوع والمشاركة بتغليف صفحات “القرآن الكريم” والاعتناء بالمساجد، والمغتسل والمقبرة وكذلك التجديدات المتتالية والصيانة مع مجموعة شباب كانوا يتواجدون في مجلس السادة كما يعرفه الكثير بالبلدة”.
وتابع: “لقد ولدت وتربيت في منزل كان فيه والديّ يعملان بتغسيل الموتى، وقمت بتغسيل الموتى عندما كان عمري تسعة عشر عاماً، وهو يعتبر عمرًا صغيرًا لحمل مسمى مغسل الموتى وأنا الآن بعمر 47 عاماً ومستمر في مسيرة هذا العمل التطوعي”.
وأكمل: “في مجال عملي بدأت العمل التطوعي وأنا بعمر 22 عاماً والتحقت لدراسة تخصص مختبرات طبية في كلية العلوم الصحية وكان عن طريق حملات التبرع بالدم ،حيث شاركت في أول حملة تبرع في القطيف بجوار حسينية العوامي قبل 25 عاماً، ومنها حتى هذه اللحظة وأنا أشارك في حملات التبرع بالدم”.
وأكد السنان أن المشاركة في حملات التبرع بالدم لها فوائد عديدة ودعم لروافد المستشفيات من أكياس الدم لعلاج المرضى، مشيراً إلى أنه شارك في ما يقارب 150 حملة تبرع بالدم .
وأشار إلى أنه قبل 20 عاماً كانت تُقام حملات التبرع بالدم وكان عدد المتبرعين قليلاً جداً ولكن في الوقت الحاضر يكاد لا يمر شهر إلا وأُقيمت حملة أو أكثر ومع وجود وسائل التواصل الاجتماعي وتطورها وزيادة الوعي الثقافي لفوائد التبرع بالدم بالنسبة للمتبرع في الدرجة الأولى وحب مجتمعاتنا لعمل الخير، مؤكداً أنه ليس هناك أجمل من إنقاذ حياة إنسان.
وذكر أنه يتمنى أن يكثف عدد حملات التبرع بالدم ويكون التبرع من قبل الفرد قدر الإمكان كل 8 أسابيع لتغطية حاجة المستشفيات ولا تكون هناك حاجة لإرسال نداءات.
وعّرف العمل التطوعي بأنه تقديم المساعدة والعون والجهود من أجل عمل الخير للمجتمع وللفرد ولا يكون إجبارياً والأغلب دون مردود مادي ولكن يجب أن يكون نابعاً من قلب صادق لتقديم ذلك ونحن بحاجة إلى أعداد كبيرة من المتطوعين لسد الحاجة.
واستطرد: “لقد كنت أحد أعضاء جمعية الأوجام الخيرية مما ساهم في فتح أبواب واسعة لي لزيادة رصيدي التطوعي وهذا كان هدفي، كما كنت مسؤولاً عن لجنة التوظيف وعضواً في لجنة كافل اليتيم وهو ما أعطاني الفرصة لأتوسع كثيراً وأصل إلى الخدمة على مستوى المنطقة وبعد انتهاء عضويتي في مجلس جمعية الأوجام الخيرية وحتى هذه اللحظة لم أترك العمل التطوعي”.
وعبر “السنان” عن رأيه بالمجال التطوعي قائلاً: “لقد أُغرمت بالعمل التطوعي فهو بحر واسع وحبه يسري بدمي ولا أستطيع تركه فهو خدمة إنسانية للمجتمع والوطن”، لافتاً إلى أن مشاركاته في بعض برامج لجنة التنمية الأهلية بالأوجام ومركز القرآن الكريم، إضافةً لمشاركات متفرقة على مستوى المنطقة الشرقية والمشاركة المميزة في فرقة تطوعية والتي صقلت الكثير من جوانب شخصيته التطوعية في برنامج “مبادرون” الذي يهتم بفئة معينة من طلبة المدارس لقضاء أوقات الفراغ بما يعود عليهم بالنفع والفائدة وممارسة أنشطة تنمي مواهبهم وتطويرهم معتقداً أن هذا البرنامج وحسب خبرته التطوعية بداية الطريق لتربية جيل يسير بثبات إلى عمل تطوعي باهر.
وذكر “السنان” أن العمل التطوعي ساعده في اكتساب مهارات جديدة وتطوير خبراته وزيادة التواصل الفعال مع أفراد المجتمع، مشيراً إلى أن الثقة المتبادلة بين المتطوع وجهة العمل التطوعي وتقدير الجهود التي يبذلها المتطوع من أهم الحقوق التي تجعله يستمر.
وقال: “إذا كانت هناك بالفعل صعوبة فهي تكمن بالوقت فقد يتعارض مع عملي، وبالنسبة لأهم الشروط التي يجب أن يلتزم بها المتطوع فهي إتقان العمل والقيام به للنهاية”، منوهاً بأن العمل التطوعي له أثر واضح ومؤثر في محيط عائلته وعمله ويدعو للفخر والاعتزاز.
وأوضح “السنان” أنه في بداية عمله بالمجال التطوعي واجه صعوبة في فهم ماهية العمل التطوعي المراد القيام به، معقباً: “مهما كانت هناك صعوبات ففي الأخير أنت تقدم خدمة تطوعية إنسانية تجاه مجتمعك وعليك الاستمرار للنهاية”.
وذكر أن العمل التطوعي أضاف له رصيداً من التعارف مع أبناء المجمتع من ناحية الاحتكاك بأشخاص مختلفين في كل عمل تطوعي وزيادة المعرفة فالأعمال التطوعية متنوعة، لافتاً إلى أنه لا توجد مرحلة عمرية معينة للخدمة التطوعية ولكنه يرى أن العمر الأنسب لذلك؛ من بداية المرحلة الثانوية حيث إن مرحلة المراهقة تتطلب استغلال أوقات الفراغ في أنشطة تطوعية مفيدة واكتساب مهارة التواصل الفعال مع أفراد المجتمع والخبرات وصقل شخصيات المتطوعين من الشباب.
وواصل: “أغلب الأعمال التطوعية إن لم تكن جميعها لا تُمحى من الذاكرة لأن فيها دمعة فرح بعد نهاية كل عمل تطوعي، وفي أثناء تواجدي كعضو في جمعية الأوجام الخيرية وقد كنت مسؤولاً عن مهام لجنة التوظيف وكنا وقتها نُسابق الزمن لتوظيف عدد كبير من أبناء بلدتي فهذا الموقف بحد ذاته موقف لن أنساه في مسيرتي التطوعية”.
وأجاب عند سؤاله عن سبب اختياره لدراسة تخصص “مختبرات طبية” قائلاً: “لم تكن رغبتي الأولى أن أدرس مختبرات طبية ولكن كما تعلمون أن السنة الأولى في الكلية الصحية تكون سنة تحضيرية وبعد نهايتها تحدد الرغبات وكانت رغبتي حينها “الصيدلة”،وكان من ضمن الطلبة خريجو معاهد وتخصصات متنوعة لإكمال دراستهم معنا والأولوية كانت من نصيبهم، ولذلك درست مختبرات طبية والحمد لله تأقلمت مع مجال تخصصي وأكملت دراستي”.
وأوضح أن عدد المتطوعين في ازدياد مع الجائحة، وأن هناك منصة تطوعية أقامتها المملكة منوهاً بأن هناك تطوراً ملحوظاً في الوقت الحاضر وبالإمكان التطوع حتى وإن كان عن بُعد وفي مجالات عدة.
واختتم “السنان” حديثه بالتأكيد على أن العمل التطوعي يحتاج إلى همة عملاقة، وعمل لا يتوقف، داعياً إلى الانخراط في العمل التطوعي عن طريق الجمعيات الخيرية ولجان التنمية الاجتماعية.