تصطدم في الغالب قرارات وزارة الموارد البشرية، بالكثير من سبل التلاعب، التي تنتهجها نسبة من الشركات، للالتفاف على القانون ومخالفة أهدافه، هكذا أصبح برنامج نطاقات مثلا طريقا للتوطين الوهمي، والآن بعدما قررت وزارة الموارد البشرية توطين 20 في المئة من المهندسين.
وعلى الرغم من أن هذا القرار يبدو في ظاهره قرارا تاريخيا مهما، إلا إن نسبة من الشركات التي اعتادت التلاعب ستجتهد -بلا شك- في البحث عن سبل لممارسة هوايتها.
من هنا فهذا القرار ومجمل القرارات المشابهة تبدو دائما مهددة بالفشل، ما لم يتم سد الثغرات بمواد وتشريعات تقف في وجه المتلاعبين.
في اعتقادي، أن أحد أهم القرارات التي يمكن لها خلق توطين حقيقي في كل المهن، هو وضع سلم أجور موحد، يتضمن الحدود الدنيا لأجور المهن وقيم سنوات الخبرة وقيم الدورات والشهادات التدريبية المعترف بها، يعني ذلك بمثال أنَّ مهنة مهندس مدني ينبغي أن يحدد لها حد أدنى للأجر وليكن 10000 ريال مثلا للأجر الكلي، وبموازاته قيمة لسنة الخبرة تبلغ 750 ريالا، وقيمة لكل شهادة علمية مطلوبة تبلغ ألف ريال.
هذا الأمر يجعل راتب المهندس يختلف في حدوده الدنيا بحسب سنوات الخبرة والشهادات العلمية، وبالنتيجة ينتفي احتمال أن تجد إعلان للطلب على مهندس مدني بخبرة ثلاثين سنة وراتب 7100 ريال.
يعني ذلك بمثال أنَّ مهندسا مدنيا لو كانت لديه خبرة عشر سنوات وشهادة علمية مهنية معترف بها، فسيتم حساب راتبه بمجموع راتبه الأدنى للدرجة وهو 10000 ريال مضافا إليه 1000 ريال للشهادة ومضافا إليه قيمة سنوات الخبرة البالغة «750 × 10=7500» ريال ليصبح المجموع 18500 ريال.
أهمية هذه النقطة، هي أنَّ صاحب العمل بطبعه ميال لجلب المنفعة إلى نفسه، وحالما لا تكون هناك تشريعات تقف في وجه رغباته، في ترجيح توظيف غير السعوديين على السعوديين دون وجه حق، أو منح السعوديين أسوأ الأجور وأقلها، فإنَّ امتلاك النظام لقبضة التشريعات القانونية والمنطقية، سيمنع هكذا أمر ويحقق مستويات جيدة من العدالة.
في اعتقادي أنَّ سلم الأجور الموحد، وما يتضمنه من حدود دنيا لكل مهنة وقيم منطقية لسنوات الخبرة والشهادات العلمية، يمكن أن يقف في وجه التلاعب في عمليات التوطين، ويحقق للعامل السعودي أمله في الوظيفة الحقيقية والأجر العادل، ودون ذلك أعتقد أنَّ الثغرات ستكون أكثر من أن تحقق الأهداف الحقيقية للتقليل من نسب البطالة وإنهاء البطالة المقنعة، التي تمتلئ بها نسب قد لا تكون قليلة من الشركات، وسيبقى الأمر دائما عرضة للتلاعب ولن تعكس الأرقام أي واقع حقيقي على أرض الواقع.