من علماء القطيف.. آية الله آل نمر بعد أن أثرى الساحة العلمية 71 عامًا.. تراثه يتلف في البحر

كشف المدرب محمد الخنيزي الستار عن حياة العلامة الراحل آية الله الشيخ محمد بن ناصر آل نمر عبر منصته الإلكترونية على برنامج “إنستغرام” في الحلقة الرابعة من برنامج “قل كيف عاش” الذي يسلّط الضوء على رموز منطقة القطيف العلمية والثقافية والاجتماعية عبر استضافته الدكتور المهندس عبدالله علي آل نمر للحديث حول سيرته التي تمثل حركة المجتمع في ذلك الوقت، باعتبار أن البحث في سيرة وتسليط الضوء على الشخصيات العظيمة والتي تحمل صفات عبقرية وإحياء الإرث الثقافي للمنطقة تسهم في عملية التطوير ونهوض المجتمع حيث إن عظماء المنطقة هم نبراس المجتمع لدى الأجيال.

ولادته
أوضح المهندس آل نمر أن الشيخ محمد آل نمر يعود نسبه إلى آل أعفيصان من سكنة الإسلمية من قرى الخرج من نجد بالجزيرة العربية حيث إن جده قدم إلى العوامية وتزوج منها، وبذلك يكون نسب الشيخ هو “سماحة آية الله الإمام الشيخ محمد بن الحاج ناصر بن الحاج علي بن علي بن أحمد بن علي بن حسين بن عبدالله بن نمر بن عائد آل أعفيصان”.

وولد سماحته سنة (1277هـ) في بلدة العوامية من أم عراقية من البصرة وهي ابنة سماحة السيد علي الحكاك.

دراسته
تعلم في بداية طريقه الدراسي في “الكتاتيب” وبعد أن لمس منه سماحة العلامة الشيخ أحمد آل طعان الذكاء والفراسة وسرعة البديهية عرض على والده أن يرسله للتعلم في الحوزة العلمية في القديح التي أسسها الشيخ آل طعان، لكن والده تعذر عن ذلك كون الشيخ محمد كفيف البصر، وبعدها قرر والده أن يتكفل بشخص ودابة لتوصيل ابنه الشيخ محمد للدراسة في الحوزة من العوامية إلى القديح وكان آن ذاك يبلغ 10 أو 12 عامًا، وهناك درس على يد سماحة العلامة الحجة الشيخ أحمد آل طعان والعلامة الشيخ علي البلادي، وبعد أن أنهى المقدمات توجه إلى النجف الأشرف لدراسة السطوح والبحث الخارج.

التعلم دون لغة برايل
رغم أن الشيخ محمد كان كفيف البصر وفي تلك الحقبة الزمنية التي كانت تفتقد للغة برايل التي يستخدمها المكفوفون وضعاف البصر للقراءة، وتعتمد على فكرة النقاط الست البارزة، إلا أن الشيخ لم يستسلم لذلك حيث كان يستخدم عجين الخبز لتجسيد الحروف عليه حتى يستطيع حفظها وتذكرها كما أنه كان شديد الحب للاستماع ويتلقى المعلومة عن طريق السمع.

الدراسة في النجف
حينما اعتزم التوجه نحو النجف الأشرف اقترح والده على سماحة الشيخ علي بن حسان التاروتي -والذي كان حينها غير متوجه لطلب العلم- أن يتكفل به وبعائلته على أن يذهب مع ابنه إلى النجف للدراسة كونه ضريرًا ويستوجب أن يلازمه أحد، وقد وافق على طلبه وذهب مع ابنه للنجف وتوجه الشيخ علي بن حسان هو أيضًا للدراسة الحوزوية وأصبح من العلماء، فيما أقام الشيخ محمد في النجف مدة 15 عامًا وقد استأجر دارًا قريبة من الحوزة.

وتتلمذ على يد عدد من العلماء العظماء قدست أنفسهم وهم؛ العلامة الشيخ محمود ذهب، والعلامة ملا مهدي الطهراني، والعلامة المرجع الشيخ محمد طه نجف.

وحصل على إجازات اجتهاد عديدة منها حصوله على إجازة من السيد محمد الهندي الذي اشتهر بدراسة الطب في النجف، كما درس على يد المتبحر في الطب العلامة الشيخ محمد باقر الطهراني، كما تتلمذ على يد الشيخ آغا رضا الأصفهاني المشهور بتضلعه في الرياضيات.

عودة للقطيف
بعد عودته من التحصيل العلمي حوّل سماحة الشيخ مجلسه إلى حوزة للتفقه في الدين وتبليغ رسالته للناس، كما كان يحدد يومًا في الأسبوع ليجلس مع الناس في السوق ليجيبهم عن المسائل الشرعية والعقائدية وكانت الناس تحبه لتواضعه.

مناظرات
بيّن المهندس عبدالله آل نمر أن سماحة الشيخ خلال فترة وجوده في المنطقة كانت فترة انتشار الهيئات التنصيرية وكانت ترسل بعثات على شكل هيئات طبية لتقديم العلاج للمرضى وعلى أثرها طالبوا بعض علمائهم بإجراء مناظرة لمعرفة المستوى العلمي الذي يحمله علماء القطيف، وطلبوا منهم المناظرة وإجراء الحوارات الفكرية العلمية، وقد تصدى لهم العلاّمة الشيخ محمد آل نمر وأقحمهم حيث ما حاجج أحداً إلاّ وانتصر عليه، وأدحض كلامه بقوة الاستدلال واستقامة البراهين.

الدور الاجتماعي
وذكر المهندس آل نمر أن سماحة الشيخ قد تكفل بعمل حوزات علمية متفرقة في القطيف في 3 مناطق وهي القديح والدبيبية والعوامية وكان يتنقل بينها وبين قرى القطيف ليمكث مع أهالي المنطقة ويجيب عن أسئلتهم الشرعية.

وبين أنه قد تتلمذ على يديه العديد من العلماء الذين برزوا في المنطقة، كما أنه أوقف للحوزات العلمية وطلبة العلوم الدينية خمسة من النخيل للصرف عليهم من جيبه الخاص، بالإضافة إلى أنه أوقف عددًا من النخيل للصرف على المحتاجين ومعاونتهم أيضًا حيث إن الأعمال التي تقوم بها الجمعيات الخيرية حاليًا كان يقوم بها الشيخ بنفسه في ذلك الوقت.

وذكر أن سماحة الشيخ النمر تزوج خمس زوجات، إلا أنه لم ينجب أولادًا.

طبه وعلاجه
امتازت شخصية العلامة آية الله الشيخ محمد بجوانب متعددة فهو إلى جانب إلمامه العميق في علم الفقه والأصول والهندسة والرياضيات وغيرها، فإنه لديه مهارة طبية فهو يعرف مرض المريض بواسطة جس النبض، وكان يعالج بالأعشاب الطبيعية ولم تقتصر سمعته في العلاج على أبناء بلدته بل كان يعالج أبناء البادية أيضًا.

مؤلفاته
وأشار المهندس آل نمر إلى أن الشيخ له عدة مؤلفات وقصائد إلا أن كل ما يملكه الشيخ قد تبعثر حيث إن هناك من تعدى عليها بعد وفاته ووضعها في كيس وألقى بها في البحر. ويقول آل نمر: “إنه يعتقد أنه مازالت هناك نسخ محفوظة أو مخبوءة للشيخ في بطون المكتبات”.

وفاته
بعد أن عاش عمرًا حافلًا بالعلم والعمل توفي في 29 شوال من عام 1348هـ، وفاة طبيعية بعمر ناهز الـ71 عامًا وقد شيع تشيعًا مهيبًا وصلى المشيعون عليه أكثر من صلاة ودفن في مقبرة العوامية.


error: المحتوي محمي