يُعد عبدالعزيز حسن آل زايد (ولد عام 1979م)، من الكتاب والروائيين السعوديين، وهو حاصل على (جائزة الإبداع) في يوليو 2020م، من مؤسسة ناجي نعمان العالميّة في بيروت في دورتها الـ18، بروايته (الأمل الأبيض)، والتي تعتزم مؤسسة ناجي نعمان الثقافية نشرها ضمن سلسلة (الثقافة بالمجان) في سبتمبر 2020م، آل زايد يحمل درجة البكالوريوس من جامعة الملك فيصل في الأحساء، ودبلوم عالي من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل. بدأ الكتابة بالقصص القصيرة ثم اتجه للرواية.
الروائي آل زايد مهتم بالسّرديات التاريخيّة التخيليّة، يعمل معلمًا في إدارة التعليم بالمنطقة الشرقية، له العديد من الكتابات على الصحف والمجلات الإلكترونية ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. يقول الكاتب عن نفسه: ” عشقي الكتابة ونفسي الشعر، أبعثر الحروف فيكتمل السرد، ومع كل ذلك أبقى أحمل بيرقًا مشتعلًا لإنارة الجيل الصاعد، أليس المعلم يوشك أن يكون نبيًا ورسولًا”. ويقول عنه الكاتب حسن حسين العوامي: “أنا فخور للغاية بموهبتك الفذّة، كَأنّي أرى اسمك يَتَرَدّد في فضاء الأدب العربيّ ويُنقّش في سجل عمالقة الرّوائيّين العرب في بضع سنوات، أنت مشروع ثقافي كبير، كم أنا فخور بك”.
أهلا و سهلا بكم ضيف كريم
-من هو عبد العزيز آل زايد الانسان بعيدًا عن الرواية، والمقالات؟
هو طفل بريء يحلم بالسّعادة في الحياة رغم قساوتها، صبيّ يسعى للانطلاقة كالفراش، شاب متطلع يرنو للصّعود ويتطلع للقمم، رجل يعشق العطاء كالشّموع حين يحرقها اللّهب. هو إنسان يحترم ما يعتقده الآخرون وإن عبدوا العجل والبقر، وإن عبدوا (اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ)، هو إنسان يفتح ذراعيه للمختلف عنه ويرجو أن يعم في الأرض السّلام. هو إنسان يحلم بالأرض الخضراء التّي لا تراق فيها الدّماء، ولا تندلع فيها ألسّنة الحروب، إنّه يمقت البغضاء والكراهيّة التّي تحتقر الآخرين، هو رجل طموح يعشق النّجوم ويرى أنّ في الحياة أمل، هو شاب يُفْتتن بالزّهور ويعشق الأحلام والأمنيات، صبيّ يُحِبّ اللّهو وطفل يتيم فقد أمه.
-ما هو سبب الاهتمام بالرواية السعودية في السنوات الأخيرة؟، و ما هي قراءتك للمشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية اليوم؟
لماذا الرّواية دون غيرها؟، هذا السّؤال الذّي ينبغي أن يطرح، بالأمس كانت في يدي مجموعة قصصيّة جميلة لكنّها لم ترق لي رغم جمالها، السّبب أنّ سطورها تنتهي بسرعة، والأنفاس لم ترتوِ منها بعد، أظنّ أنّ الرّواية لها جاذبيتها في النّفوس لكونها تخطف القراء من عالمهم إلى عالم آخر يحتاجون للعيش فيه، وتمتد بهم السّطور لدرجة الإشباع، في السّنوات الأخيرة برزت الرّواية السّعوديّة، لكونها قفزت لتحتلّ مكانتها في العالم العربيّ، عبر هواة متمكنين استطاعوا تخليد أسمائهم، مثل: (القصيبي غازي، وتركي الحمد)، لم يرحل السّفير المبدع عن الحياة حَتّى اسلم الرّاية لشقيقه في الإبداع (عبده خال)، ومن خَلْفِهِ رجال، وأمام الرّجال نساء يقدنّ المسيرة ويقتفينّ الأثر، الخلاصة تميّزت الرّواية السّعوديّة وبلغت شأْوها، وهذا ما يضع الجيل الجديد أمام تحدّي جديد، باعتبار أنّ الزّمن اختلف وللإبداع فيه يحتاج للمسة موهبة لا محاباة فيها، ولا تثبتها إلا الجدارة والمكنة الحقيقيّة.
وقبل أن أضع تصوري للمشهد السّعوديّ المقبل، أرى أن المبدع في الجوار يحتاج لوقفة صادقة معه ليتمكن من تقديم ما لديه، وخاصة في هذا الزّمن الصّعب، فأنا رغم سعوديتي الفاقعة أحُنّ للتسامر مع أصدقائي الأدباء في الجوار وأن أعيش معاناتهم، ولهذا نرجو من السّادة الزّعماء مَدّ يد المعونة للوقوف مع المبدعين في أيّ مكان كانوا وفي أيّ زمان، (فالجار ثُمّ الدّار).
لقد كسبت الرّواية السّعوديّة عِدّة جوائز بارزة، وهذا دليل على تميّزها، إلا أنّ الرّهان اليوم أصبح صعبًا، والتّنافس في أشده، وأعرف أنّ السّعوديون الرّواة قادمون وسيصلون إلى الصّدارة وسيتوّجون بالذّهب، رغم أنّ أصدقائي الأدباء في دول الجوار يغرقون في الإبداع، القلم المبدع في كلّ مكان، ولكنّ المملكة اليوم تختلف عن الأمس، والتّوجه الثّقافيّ في هذه اللّحظات ترعاه عيون، وهناك نظرة رعاية فائقة أرجو أن ينال منها كلّ المبدعين، فليس للإبداع حدود، ولا يأطره إطار حَتّى بالمعنى السّياسيّ، والمملكة سيدة العرب وشهامتها العربيّة كالشّمس في رائعتها، ومن غير المستغرب أن تَمُدّ يدها البيضاء لكلّ المبدعين العرب، ففي أراضيها خيمة عكاظ وذي المجاز، المشهد الثّقافيّ سيكون مثلجًا للسّعوديين، وما أتمناه بحق أن يعم جميع الأقطار، بحجم سخاء ولاة الأمر الذّين يحق للجميع انتظار سخائهم بشوق.
-هل تعتقد بأن الرواية العربية وصلت للعالمية، و كيف يمكن السيطرة على عالم الثقافة والإبداع؟
الرّواية العربيّة وصلت للعالميّة، وهذه فرصة لأغازل بعضهم، أمثال: أحلام وزيدان، ونجيب والغيطاني، والطّيب صالح وكنفاني، ومنيف ومحمد شكري، وغادة السّمان ورجاء الصّانع، وسواهم، السّؤال الأولى: بماذا امتازت الرّواية العربيّة التّي بلغت المرتبة العالميّة؟، وهذا السّؤال يحتاج لورشة نقديّة متخصّصة تُعْمِل العصف الذّهنيّ لتكشف السّر وراء هذا التّميز الذّي أوصل التّحف الأدبيّة لمقامها السّامق، فمثلًا: هل تفوق محفوظ في ثلاثيته للنّمط الإنسانيّ الذّي يبحر فيه؟ أم للتّحليل النّفسيّ الذّي يغرق معه؟ أم هو لنقده الاجتماعيّ دون أن يَرّف له جفن؟!، إننا نحتاج من النّقاد مَدّ يد العون للمساهمة في تبديع الجيل المقبل، ما هو سر: “الزّيني بركات، وموسم الهجرة إلى الشّمال”؟، ما أوجه الإبداع في كلًا من: “ذاكرة الجسد، رجال في الشّمس، الخبز الحافيّ، كوابيس بيروت، عزازيل”؟.
لو كانت هناك دراسة تستخلص أوجه الإبداع في هذه الرّوايات، لكانت دراسة قيّمة، ولا أنسى في الأخير ذكر روايات سعوديّة بلغت العالميّة كذلك، مثل: “مدن الملح، وبنات الرّياض”. هذا بالنّسبة للشّطر الأول، أما السّؤال الذّي يبدأ بـ “كيف”، فأدع الإجابة عنه، وأحيله إلى منهم أكثر إبداعًا مني، فأنا أتعلم منهم، فإذا بلغت مرتبتهم وتجاوزتها حق لي حينها الإجابة، أما الآن أمتنع. ولمن يلحّ في السّؤال: هناك محاولات جادة في المكتبة العربيّة للإجابة، مع العلم أنّ التّنظير لا يعني الاتقان بالضّرورة.
-ما رأيكم بالمفاهيم الآتية: المرأة، الوفاء، الوطن ،الخذلان، الشوق
المرأة: هي الرّحمة والعقاب، رحمة بعطفها إذا كانت أمًا رؤومًا، وعقابًا ممضًا إذا جافت الحبيب بكلّ قسوتها. الوفاء: لا يكون إلا في الأصفياء، الوفاء ليس غولًا ولا عنقاء، هو خُلْق كريم يتحلى به ملائكة البشر. الوطن: ليس حدودًا تُنقط به خارطة ما، إنّما هو انتماء يشدّنا إليه، فيه تنغرس جذورنا وله تذوب ذواتنا. الخذلان: صفة ذميمة تشرب بها البشر، وداء تشبع به من طمع بالدّنيا التّي هو زائل عنها. الشوق: مغناطيس الرّوح، يقتلع القلب من أجل الحبيب، يطير به إلى معشوقه وإن كان بينهما سبعة أبحر.
-الرواية في دول الخليج العربي أصبحت منتشرة و مبدعة، ما هي الأسماء التي لفتت نظرك للروائيين من الخليج؟
إذا تجاوزنا الأسماء الرّوائيّة اللامعة أمثال: “عبدالرحمن منيف، غازي القصيبي، تركي الحمد، عبده خال”، فإننا نرى كوكبة أخرى لا تقل عنها تألقًا، فلقد قرأت للبعض منهم والبعض الآخر ضمن خطة القراءة، علمًا أنّ الإجابة على هذا السّؤال قد يكون صعبًا لكونه يصرّح بأسماء ويطوي آخرين، وهذا ما لا أرغب به، إلا أننا نستطيع ذكر بعضهم على سبيل المثال لا الحصر، منهم: “أميمة الخميس، محمد حسن علوان، جوخة الحارثي، بثينة العيسى، أثير النّشمي، سعود السّنعوسي”.
ولنبدأ من الأخير فالكويتي سعود السّنعوسي الفائز بالبوكر، له عِدّة روايات شهيرة منها: “ساق البامبو، فئران أمي حصة، ناقة صالحة”، أما السّعوديّة النّشمي فلها عِدّة روايات متميزة، منها: “فلتغفري، في ديسمبر تنتهي كلّ الأحلام، أحببتك أكثر مما ينبغي”، بثينة العيسى أديبة وروائيّة كويتيّة حازت على جائزة الدّولة التّشجيعية لها عِدّة روايات متميزة منها: “خرائط التيه، عائشة تنزل إلى العالم السّفليّ، ارتطامٌ .. لم يسمع له دوي، تحت أقدام الأمهات، سعار، كبرت ونسيت أن أنسى”.
أما العمانيّة جوخة الحارثي فهي حاصلة على جائزة السّلطان قابوس للثّقافة والفنون والآداب، ولها ثلاث روايات هي: (منامات – سيدات القمر – نارنجة)، أما السّعوديّ محمد حسن علوان الفائز بالبوكر، له عِدّة أعمال روائيّة منها: “موت صغير، طوق الطّهارة، صوفيا، سقف الكفاية، القندس”، أما الرّوائيّة السّعوديّة أميمة الخميس الفائزة بجائزة نجيب محفوظ في الأدب لها جملة من الرّوايات، منها: “مسرى الغرانيق في مدن العقيق، البحريات، زيارة سجى، الوارفة”.
-الأمل الأبيض، هذه الرواية التي فزت بها بجائزة ناجي نعمان الأدبية 2020م، كان فيها سرديات تاريخية تخيلية مميزة، هل كنت متوقع الفوز، وما هو شعورك عند معرفتكم بالفوز؟
نعم، المعلومة صحيحة أني فوزت برواية الأمل الأبيض في جائزة الإبداع عن مؤسّسة ناجي نعمان الأدبيّة العالميّة في يوليو 2020م، وهذا ما صَرّحت لي به المؤسّسة وتناقلته الصّحف، بينما المعلومة التّي تليها خاطئة، فالرّواية ليست من السّرديات التّاريخيّة، وليس لها علاقة بالتّاريخ مطلقًا !!، لهذا نصحح بالقول: أنّ الرّواية خياليّة وتسير في أروقة اجتماعيّة. أما عن توقع الفوز فأقول بتواضع لم أتوقع الفوز، ولو قيل لي أنني سأنافس متسابقين من 78 دولة من دول العالم، يكتبون بـ 47 لغة ولهجة، وأنّهم أكثر من ثلاثة آلاف مرشح، وأن مؤسّسة الجائزة أخفضت نسبة الفائزين إلى أقل من 3%، لكان الفوز غير متوقع حَتّى في الحُلم.
فما هو شعوري حين فزت بها؟، الحقيقة أنّي لم أفرح ولم استشعر الفوز، رغم هذا النّجاح الكبير، لم أجد له أيّ صدى، وإنّه لمن المؤلم أن أفوز بجائزة كبيرة دون أن أستشعرها، إنّه لمن المؤلم أن لا نشارك الآخرين أفراحهم، إلا أنّ نشوة السّعادة بدأت حين نشرت الخبر على صفحتي فتسابق الأحبة برش الورد وإلقاء التّهاني، حينها بدأتُ أفيق من غيبوبتي ونومي العميق، وأني بالفعل فزت وتحقق الأمل برواية الأمل الأبيض التّي أقول عنها: “أنّها لم تُخَيّبُ صاحبها”.
-هل تقبل النقد، و ما موقفك منه؟
أمام النّقد فريقان، فريق لا يقبل النّقد وآخر يقبله، فإذا عرفنا أنّ وظيفة النّاقد: (كشف مواطن الجودة والضّعف)، فإننا سنعلم أنّ البعض لا يقبل أن تذكر سلبيات ما وقع فيه، وعدم ذكرها يعني الاستمرار فيها، وهذا الاستمرار خاطئ ويجب أن يصحح إلى ما هو صائب. الحديث عن النّقد حساس جدًا، خاصة إذا أدركنا أنّ الرّوائي جلس ساعات طوال ليقدم انتاجه، ثُمّ في هبة ريح تدمر قلاع أحلامه بجرة قلم أو لقلقة لسان، لهذا تَمّ تصنيف النّقد إلى صنفين النّقد الهدام والنّقد البناء، وحَتّى الأخير لا يقبله كلّ أحد حين تحين ساعة تبيين العوار والمأزق والإخفاق، لهذا يستحسن أن تصل حروف النّقد برهافة الورد، لعلّ الأديب الأريب يقبل ما يُقال فيه فتصحح المسيرة، هذا عن ذكر المثالب، فماذا عن الغوص في المناقب؟
الحديث عن النّقد يجرنا لمقالة النّاقد الفرنسيّ (رولان بارت) الشّهيرة: “موت المؤلف وميلاد القارئ”، فهل نحتاج إلى إزهاق روح المؤلف لتبدأ حياة القارئ الرغيدة؟، القراء على وجوه ودرجات فمنهم من يحطم الخليّة لنيل العسل، ومنهم من يبالغ في جودة العسل فيصف فيه ما ليس فيه، حَتّى أن المتنبي أشار للصّنف الأخير بقوله:
أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ
وإذا صادف الحال أن يكون قارئ أبيات المتنبي عالم النّحو البارز (ابن جنّي)، فإنّه سيكون أعلم بشعر المتنبي منه!!، بالنّسبة لي أرى أنّه لا يوجد أدب بل نقد، ولا نقد بلا أدب، فعلاقتهما متزامنة، وفرق بين أن نصحح مسار اللّوحة أو نخربشها؟، فالنّقاد يختلفون كما الأدباء، فالرّوائي يمارس مهنته وعلى النّاقد بطبيعة الحال أن يزاول وظيفته، على الرّوائي أنّ يطور أدواته، وهذا ما يحتاجه النّاقد كذلك، كما أنّه من الجميل أن نرى نقد النّقد، فـ “موت المؤلف” لا يرتبط بالرّوائي والأديب فقط، بل يتعداه ليصل الموج للنّاقد أيضًا، وهذا ما أشار إليه الناقد رونان ما كدونالد في كتاب “موت الناقد”، حينها سيخلص النّاقد العمل لأنّ النّاقد التّالي بصير. الأمور ليست بهذه السّوداويّة ولا ينبغي لها أن تعقد حَتّى يعيش الرّوائي كوابيس النّقاد، وعليه أرى أنّ على الرّوائي أن يضع سطوره التّي يراها، “فمن يريد إدارة الأوركسترا، لا بُدّ أن يدير ظهره للجمهور”، وكذا بالنّسبة للناقد، وبين هذا وذاك تحلو المقاربة والتّسديد.
-هل يمكن للرواية أن تعيش بعيدًا عن الأيديولوجيا؟
الجواب نعم، ولهذا تصنف الرّواية إلى أصناف، فهناك الرّواية الموجهة (المؤدلجة) وفق أيديولوجيات معينة، وهناك (المتمردة) التّي تصارع هذا الاتجاه وذاك، وتسير في دنيا غريبة (فطُوبى للغرباء!!)، ولأجب عن السّؤال بسؤال: هل سمعنا بمحرقة الكتب؟، هل سمعنا بما فعلته الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى؟، ماذا فعلت؟، الأمر ليس وقفًا على هذا التّوجه أو ذاك، كلّ الأيديولوجيات تحرق ما لا تتوافق معها، ومن الطّريف أنّي أحرقتُ رواية قبل أيام الصّحوة الثّقافيّة وألقيتها في البحر ونسفتها في اليم نسفًا، لكونها لم تتوافق مع أيديولوجياتي، ولا أتعجب الآن حين تحرق رواية من رواياتي بيد أحدهم، لكونها لم تتوافق مع أيديولوجياته هو الآخر، الجميع يُحِبّ هزهزة الرّؤوس التّي تتوافق مع الهوى، سواء كان الهوى إيجابيًا أو سلبيًا، رغم اللّغط الدّائر في تصنيف ما هو سلبي وايجابي؟، إلا أنني أرى أنّ هناك بعض الأيديولوجيات من الجيد الإبقاء عليها، خاصة إذا كانت الرّواية (عائليّة) ستقع في يد طفل أو ستؤثر سلبًا على سلوك، لهذا اقترح أن تتدخل الحكومات بإلزام دور النّشر بوضع العمر المخصص لاقتناء الكتاب على الغلاف، وإلا فإن المَدّ سيجرف من يسيء الاستخدام.
-كلمة شكرًا لمن سوف توجهها؟، كلمة عتاب سوف تقولها لمن؟، كلمة آسف سوف تقولها لمن؟
القارئ يعلم لمن سأقول كلمة (شكرًا) إذا علم أن كاتب هذه السّطور طفل يتيم فقد أمه، فكيف إذا كشفنا عن سر؟ أنّ موهبة السّرد أخذتها من أمي، التّي كانت تعرف كيف تسرد الحكايا؟؛ فتجتذب القلوب إليها، لهذا أقول: “ومن شابه أمه فما ظلم!!”، كلمة العتاب مؤلمة ولا أحِبّ أن أجرح بها أحدًا، ولهذا أتمنى أن لا نقولها ابدًا، وخاصة لأولئك الذّين تسببوا في آلام الآخرين، لن أذكر أحدًا، حَتّى لا نسبب الألم لمن سببه للغير، فالله يُحِبّ الصّفح عن الآخرين، ليس عيبًا أن نقول كلمة الأسف، فلا يعتذر إلا الشّخص الكبير، شجاع ذلك الذّي يعتذر ويوزع الورود لمن أخطأ في حقهم، إننا في حاجة ماسة لممارسة عادة الاعتذار، لهذا أدعو الشّيطان أن يقول كلمة الأسف ويتوب ليغفر الله له، أليس الله أرحم الراحمين؟!، فلمن سأقول كلمة الاعتذار، أقولها لكلّ من خيبتُ ظنه، أقولها لكلّ من جرحته، أقولها لكلّ زَلّة وقعت مني بقصد أو بغير قصد، لكلّ أولئك ولغيرهم أقول: “أنا آسف”.