أحبتي!
هذا المقال كتبته لنفسي أحدثها بكل ما أريد أن يحدثني به الصديق عند الضيق، كتبته وقت سعادة وراحة متنفس في وقتها كل حريتي وبطاقاتي الإيجابية، لأن التجرد من الحزن والضغط النفسي يمنحك الحكمة والتدبر والتناغم مع كل كلمة وتفتح لك آفاقًا سعيدة وتدلك على نور الهداية والقوة والإرادة الذي يعجز عن رؤيته المرهق في ظُلْمَة أول النفق، كتبته بذات الحماس الذي ينتابني حين يلجأ قريب أو صديق حزين محتاج من يفتح له أبواب قلبه، فتفاجأت بقدرتي واستعدادي على بث السرور الذي عَجَزَت عن بثه لنفسي، قررت أن أدون ما أوجه لغيري، ثم أقرأه على ذاتي وأهديه للجميع.
أتمنى أن يكون للكلمات وقعُ يدِ حانية وُضِعَت على كتفك الْمُثْقَل بهموم لا ينبغي أن تسيطر عليك، وتخيل أن هذه الْكلمات يداً افتراضية ترتدي قفازا أبيض كالذي يرتديه الطبيب الحنون على مرضاه يداعبك الأمل، فمشاعرك تلك ستمنحك القوة في مواجهة الأثقال التي على كتفك وتمنحك التفكير الإيجابي، وربما أستطيع أن أسندك قليلاً بأحرفي البسيطة المتواضعة لعلها تُضِيء لك بعض ملامح الطريق إلى الصبر والتفاؤل والقوة. تلك التي ستسير عليها وحدَك لتصل بنفسك إلى الراحة النفسية.
أنظر للوردة كرمز:
كلنا في الحياة نتعرض لمشاكل نسبية، فيها الخير وفيها الشر، فيها الظلام وفيها النور، ولكن القاعدة الرئيسية أن ننظر للوردة كرمز، تعلم كيف تتعاطى مع الشوك لكي تعرف كيف تستخدم عطر الوردة، كلنا نتعرض لأزمات ونتعرض لجراح.
ولكن أقول دَع الجرح يلتئم، حاول أن تخرج من تكرار الحدث ولا تستغرق في الماضي لأنه انتهى بكل ما فيه؛ طبعاً تبقى آثاره في شخصية الإنسان.
ولكن نحن أمام خيارين إما أن نبقى مستغرقين في الماضي أو نستنهض ونستنفر ونتابع التقدم إلى الأمام.
المُهِمّ لا تجلد نفسك، كثيراً. مُهِمّ أن تعمل الضبط الذاتي والمراجعة النفسية والمحاسبة على كل خطأ، وكذلك مُهِمّ أن تتحمل المسؤولية وتعترف بخطأك بهذا الموضوع أو تلك المشكلة فهي شجاعة، ولكن وأنت تعترف بخطأك لا تجلد نفسك، والحياة تفسح المجال أمام الإصلاح والتهذيب وأمام استئناف العمل.
كلنا نتعرض لمثل هذه الجراح؛ والذكاء فينا كيف نتجاوزها؛ نستخدم الإرادة.
كيف يكون ذلك؟
مثال:
اسْتَحْضَر ذكرى إيجابية وركز عليها، تجنب الوحدة، عاشر الناس الإيجابيين، استفد من التجارب المشابهة التي تعطيك بعض الأساليب وتفتح لك بعض الآفاق التي تساعدك على قضية مماثلة، واستعن بالله واعلم أن كلّه بعين الله تعالى.
اعلم أن الأزمات لا تنهي حياتك، فمازلت حياً تتنفس بحرية، جسدك لم يستسلم؛ إنًه يريد الحياة، يطلب النًوم والطَعام، يجب أن تعيش باقي هذا العمر وأنت قوي.
هل يعقل أن تعلن الانسحاب من الحياة كلها، فقط لأن أحدهم خذلك أو ظلمك أو ضايقك بأيَ شكل من الأشكال؟!
لا أحد يستحقٌ أن تخسر كلً شيء من أجله؟ اعلم أن الأمر ليس سهلاً؛ إنه صعب جداً، لكنًك تستطيع تجاوزه بعد أن تتجاوز حالة الصًدمة وبعد أن تستقر روحك وَيُصَفَّى عقلك من تلك المشكلة، ستستطيع أن تتحدث مع
نفسك بعقلانية وهدوء، وتلملم بقايا روحك من بين أقدامهم، وتقف على قدميك من جديد.
هناك مثال لذلك هو النبي يوسف (عليه السلام) لم يكن رميه في البئر نهايةَ المطاف، ولم يكن بيعٌه بثمن بخس حٌكماً بالبؤس، ولا سجنه سنوات طوال يعد فشلاً، لم يمنعه كل ذلك من الاستمرار في تحقيق الإنجازات، لم يدمره الظلم، بل خرج من بين القضبان بعزم.
مهما كانت قوة المشاكل سبب تعاسة الإنسان. فالحياة أغنى من أن تتمحور حول شخص، فلن يتوقف الزمن عنده. تأمل في جسدك، فستراه يدعوك للحياة مهما تقًدمت بك السًن، الأنفاس التي يلفظها تعني أن رئتيك لم تستلما بعد، النبضات التي يعزفها قلبك تؤكد لك أنًه يريد الحياة.
فلا تغلق نافدة روحك ما لم يتوقف جسدك.
من الآن ستترفع عما يؤذي نفسك ويحطم مجاديفك وقرارتك، من اليوم لَا تَدَعْ دُمُوعِك تنزل على مِن لا يستحقها، توقف عن إيذاء نفسك أو جلدها بأي فكرة مزعجة كالمقارنة بالآخرين، اجْتَهَد لتصبح أفضل ما يمكن أن تصبح حسب ظروفك وقدراتك، متع نفسك ودللها وسامحها.
أي خطوة تخطوها في سبيل حب النفس ستمنحك المزيد من الثقة والأمان والقوة الإيجابية، وتجعل الآخرين يقدرونك، لا تقدم التنازلات الفادحة على حساب نفسك، لَا تضحِّ من أجل من لا يستحق التضحية، تنفس الحرية من أجل راحتك، لَا تضحِّ بصحتك، ترفق بمشاعرك وأوجد لنفسك الْعُذْر كلما تعثرت، أنفض غبار الماضي وقف على قدميك، من حق نفسك أن تختلي بها، وتتصالح معها حتى تصل لمرحلة السلام الداخلي الجميل، وتخلص من الماضي ومشاكله التي تزعجك، وابدأ بصحبة النفس، ولن تصبح بعدها وحيداً، فالآخرون هم إضافات لحياتك السعيدة، وليسوا السبب الرئيسي لسعادتك أنت من تَسْعَد نفسك بنفسك وامنحها الوقت الكافي لإصلاح كل شيء.
وكما قال الشاعر:
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
وأخيراً بين موجات البلاء والحزن الشديد والاختناق والاكتئاب هناك شرفة من نور تُشِعّ بالأمل والفرج والسرور واللطف فيما اختاره الله تعالى لعباده من خير دائم فإن الخير فيما اختاره الله.
فلا تتجول في ذكريات الماضي الأليمة ولا تَبْكِ ولا تحزن مهما تكالب الناس ضدك، ولا تَتاسف على خير قدمته وما جنيت من ورائه سوى الْجُحُود والنكران، ولا تندم على رقي وَخَلْقٌ تعاملت به مع الآخرين وما كان ثمرته سوى الصُّدُود وَالْجُحُود. وفي قوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ{ [الطور آية 48].
فاصبر وافْتَح نوافذ الأمل؛ فثمة ضوء ترى خفة القلب والأمل والثقة والفرج؛ فلا تشغل تفكيرك وارحم قلبك وانتصر لنفسك؛وافتح نوافذ قلبك في ربيع تشرق فيه شمس المحبة، واستقبل نسمات الرياح التي تحمل عطر الياسمين في كل صباح وَارْوِ عطش القلب بالدعاء، وَدَع نوره يلامس قلبك وروحك ويحيي فطرتك فالقلوب على أشباهها تتعارف وتتآلف. ولابدً أن يسامح الإنسان نفسه على الماضي كي يستطيع الاستمرار في الحياة.