تربية الأمل في النفس هو مشروع بحاجة لأن ينال الأولوية لدى النفس التي تبحث عن الإنجاز، بدءًا من مرحلة الرعاية مروراً بمرحلة النضج لحين مرحلة قطف الثمار، تلك المرحلة التي تكون عالية البصيرة قادرة على رؤية ما لا يراه الآخرون متهيئة متسلحة لسلك طريق الإنجاز.
للأمل تقنيات وقواعد نحتاج أن نستزرعها ونوطنها في النفس، فالأمل هو مدد سماوي وإن اتحد مع نواميس الحياة وسنن الكون إلا أنه لا يأتي دون مقدمات أو دون عناء وتنشئة، فلا ينشأ أو يظهر الأمل في النفوس فجأة -كما الفقع مثلا- بل يحتاج إلى تنشئة وتربية وتعاهد حتى يصبح سلوكًا لا ينفك عن صاحبه، وعنوانًا يستدل به عليه وهي ممارسة مستمرة لا نهاية لها. نستشعر هذا المعنى أكثر عندما نسمع مقولة أحدهم وهو يقول “اللهم ارزقني اليأس حتى أستريح”، فهو يسير بصاحبه الذي جُبل عليه، لأنه هو الباعث على استقرار النفس والمدد الإلهي للمثابرة وتحقيق الإنجازات.
الأمل هو بوصلة الحياة وبوليصة تأمين أخرى نحتاج أن نحصل عليها قبل أن يقع المحظور، الفرق بينها وبين بوليصة التأمين العادية هو أن فوائد بوليصة الأمل تبدأ بمجرد توقيع البوليصة، وتعويضات الأمل تصل قيمتها عادة إلى أكثر من قيمة الأصل المؤمن عليها، أن تعويض الأمل لا يتأخر ولا يحتمل التأخير كما يحدث مع تعويضات التأمين العادي، بل إنها تأتي بمعية العسر نفسه دون انفصال ويستمر إلى ما شاء الله. فكلما زادت المحن أو قست التحديات ظهرت قيمة الأمل كسلاح ومدد ممتد من السماء للأرض.
الأمل هو كجذور الشجر البري الذي يستطيع الوصول إلى أي ماء أو رطوبة في جوف الأرض القاحلة، فكل حركة أن نسمة هواء تستطيع إعادة تنشيط طاقة الأمل لدى ملًاك الأمل فيستطيعون تحريك العوالم المجهولة لإنتاج الأمل وبعث الحياة من جديد، وتبدد اليأس الذي يسرق من العمر أجلَه.
أخيراً، لكل من يشعر أن قطار الأمل قد فاته، أو أن فرص الأمل قد تقلصت لديه، فلينظر في عيون الذين يمتلكون الأمل.