هنالك عدة معادلات رياضية تحكم هذا العالم الذي نعيش فيه، الخوارزميات التي يستخدمها غوغل ويوتيوب وتويتر وفيسبوك أحدها؛ ماذا تعني كلمة خوارزميات أي نظام معقد للغاية يستخدم لاستيراد البيانات من جدول الفهرسة الخاص بمحرك البحث بحسب الاستعلام الوارد إليه ثم تقديم أفضل النتائج الممكنة للمستخدم، بالتالي فإن هذه التقنيات (الذكاء الإصطناعي) تعلم كيف تقسم وترتب كل ما نراه على الإنترنت، لقد أصبحت قوية إلى درجة أنها تعرض النتائج التي تهم المستخدم طبقًا لاهتماماته في حدود معينة حتى إنها يمكن أن تضع حدوداً أولية من خلال ما تبحث عنه ولكن ما يفعله الذكاء الاصطناعي هو خارج عن إرادتنا كليًا حيث يعلم الكثير عنا وما نشاهده من كثرة الإعلانات لمنتجات قد بحثنا عنها من قبل لكننا لم نقم بشرائها.
أكبر دليل على ذلك والمخيف في هذه الخوارزميات والذكاء الاصطناعي أنهما لن يطلعانا على قوتهما الموجودة خلف الكواليس وعلى الرغم من بعض محاسنهما إلا أنهما يسلبانا الحق في اختيار ما نريد رؤيته لأن الآلة هي التي تختار لنا الخيارات الأولى التي نراها ولا نستبعد أن تحصر تلك الآلة الخيارات مستقبلًا بخيار واحد، عندها سنمضي حياتنا على طريق ذلك الخيار الذي يقدمه لنا الذكاء الاصطناعي، بالتالي علينا أن نكون مدركين أن كل حركاتنا وسكناتنا على الإنترنت مراقبة ومتتبعة من قبل المنتجين الذين يريدون توجيه وتمرير إعلاناتهم للأشخاص الذين يرجح أن يبتاعوا على المنصات الكبيرة كغوغل أو يوتيوب أو فيسبوك أو أي منصة أخرى، إن هذا التتبع في الحقيقة أصبح بمثابة عرف طبيعي تسير وفقه التجارة في هذا العصر الرقمي وكلما راقبنا عن كثب سنلاحظ تفاصيل إضافية وسنكتشف كم هو مزعج هذا التتبع على سبيل المثال عندما تبحث عن زوج من الأحدية الثلجية في أمازون في ليلة ما لتستيقظ وتشاهد كمًا هائلًا من الإعلانات في صباح اليوم التالي عن هذا الشيء الذي بحثت عنه هذا هو عمل تقنيات الذكاء الاصطناعي إنها تعمل خلف الكواليس.
هنالك ملاحظتان مخيفتان وجديرتان بالذكر هنا:
أ/ الواقع الافتراضي سيصبح مرغوبًا ومحبوبًا أكثر من الواقع الحقيقي والتواصل الفيزيائي الذي نعهده الآن وهذا سيخلف الكثير ممن هم تحت الإقامة الجبرية لهذا العالم الافتراضي وسيصبح كل شيء متقنًا ومثاليًا على شبكة الإنترنت.
ب/ أن المعلومات التي نحصل عليها من قبل آلات الذكاء الاجتماعي تحاول جاهدة توقع ما نريده بدلًا مما نريده بالفعل لأنها لا تستطيع معرفة ما نفكر به في هذه اللحظة، فكل ما تستطيعه هو تقدير اهتماماتنا بالاستناد إلى نشاطاتنا السابقة.
إن النقطة الجوهرية التي أود الإشارة إليها هي أن الحيادية أصبحت معدومة بالنسبة لمواقع مؤثرة مثل غوغل أو فيسبوك وغيرها والتي يفترض بها أن تكون حيادية وتقدم المعلومة ذاتها للجميع، وبالتالي يجب أن نضع نصب أعيننا أن كل ما نراه ملطخ بنسب متفاوتة من الانحياز لذلك وجب علينا تعليم أطفالنا كيفية التمييز بين ما هو حيادي وما هو منحاز لكي يتمكنوا من اتخاذ قرارات حكيمة من خلال تنمية مهارة التفكير الناقد التي ستكون مفيدة جداً لهم لأنها تساعدهم على اتخاذ القرار الأفضل سواء كان ذلك في العالم الرقمي أو الحقيقي.