رسالة شكر لعابِرَيْ سبيل

في تمام الساعة العاشرة عشيةَ عيد الأضحى ٢٠٢٠/٧/٣١، بينما أنا ذاهبة لاصطحاب إحدى أخواتي إلى المنزل حيث خرجت إلى الطريق العام من مدينة صفوى تحديداً وقبل مفترق طرق (الجبيل _القطيف) باغتني شخصٌ لا أعلم حقيقةً بماذا أصفه.

حيث أخذ مساري عنوةً وبسرعةٍ جنونية لم أعهدها في تاريخ قيادتي على مر سنوات وفي جميع الدول، ضايقني في سيري برغم عدم ازدحام الشارع نهائياً.

لم أجد نفسي إلا وكأنني أعيش رعباً، انحرفت سيارتي وفقدت السيطرة تماماً على مقودها، أخذت تدور يمنةً ويسرة إلى أن اصطدمت بإحدى السيارات المارة ثم أكملت الالتفاف وسط الشارع.

ولا تزال لحظات الرعب تجثم على صدري خشية الموت، وفراق ابنتي الوحيدة والتي تحبني جداً جداً، حيث تركتها نائمه مع أبيها في أمان الله.

وبسبب من؟ طائش لم يفكر ماذا ترك خلف تهوره، ماذا لو تركت ضحايا خلفك؟ أتظن أن الله سيتركك حتى وإن استطعت أن تفلت من يد القانون لن تفلت من يد قاضي السماء.

توقفت بعد الارتطام بالحاجز الفاصل بين الشارعي، نعم توقفت وبفضل من الله لم أُصب بأيّ أذى، خرجت من المركبة وكأن ملائكة الله مسحت على قلبي.

رأيت شابين ترجلا من مركبتهما وقَدِما لنجدتي وأسقياني جرعة ماء وتأكدا أنّي بخير، كانا شاهدي عيان والمركبة التي أصيبت معي تقف جانباً أمامنا.

أما هذان الرجلان فقد بقيا ملازمين لي إلى أن أتى أخي والمسؤولون عن تقييم الحوادث.

لم تتح لي فرصة حينها لأثني عليهما برغم أنهما عابرا سبيل فقط، وشتّان بين عابرُ السبيل ذاك الذي لم ينظر ماذا ترك خلفه وبين هذين العابرين اللذين أضاعا وقتهما وبقيا واقفين وقاما بأكثر من واجبهما، وهذا ليس بغريبٍ عن أبناء وطني الكِرام.

فمن هذا المنبر الكريم أبعث بخالص شكري وامتناني واحترامي لهما.

أما العبرة من هذا، ليت كل عابرو السبيل يحملون خيراً لكانت الدنيا جنةً ونعيماً، فلا تستهن بأي معروفٍ وإن كان مثقال ذرةٍ.

قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.. سورة الزلزلة.


error: المحتوي محمي