أوضحَ المهندس المستشار صالح أبو عزيز أنّ اختيار الأرض لبناء بيت العمر يرجع لعددٍ من الأمور، أهمها؛ الجانب العاطفي في الغالب ورغبة الشخص في القرب من أهله وناسهِ، والجانب الثاني هو الجانب المادي الذي يدفعهُ للبعد عن بعض المخططات، منوهًا بأنّ اختيار الأرض سيحدّد عملية التخطيط والبناء.
وذكرَ أنّ اختيارَ الأرض سيترتّب عليهِ نوع التربة، فبعض الأراضي رملية حرة، وبعضها أراضٍ طينية، وفي أسوأ الظروف تكون الأرض لينة أو طينية بحرية، ممّاش يجعل تحمُّل الأرض لحمل المبنى ضعيفًا، لذا من المهم اختيار الأرض بصورة نفسية، ثمّ اختيار التربة ومعالجتها، وإدخالها في التصميم الذي سيؤثر على القيمة التراكمية للمبنى.
وردَّ على الناصحين بالبُعد عن شراء الأراضي القريبة من السواحل أو ما تحتها مياه جوفية، بعدم صواب هذا الأمر، وأنه ينبغي الأخذ بآراء المختصين في اختيار الأراضي؛ لأنّ الأمرَ يتطلّب فحص التربة والتعرُّف على قوّتها من خلال النتائج، حيث إن كلّ الأراضي الساحلية مردومة برمالٍ حرّة، مضيفًا أن ما ينبغي الحذر منه هو الأراضي الزراعية غير المدفونة دفنًا جيدًا، مضيفًا أنّ مسألة تسريب المياه بالإمكان علاجها، لكنّ الأمر يحتاج إلى تكلفة مادية.
وأكدّ أبو عزيز في حديثهِ “بيت العمر كيف أبنيه؟” الذي أقيم على منصة المدرّب والمحاور محمد الخنيزي أنّ عملية الردم فوق القاعدة والتي كانت متبعة قديمًا غير صحيحة، ولا يؤيدها مؤيد، ومن شأنها أن تسبّب مشاكل كبيرة كالهبوط مثلاً إذا كانت التربة طينية، مشيرًا إلى أن أفضل أنواع الردم هو الرمل مع الطين والحصى الصغير؛ لأنهُ يعطي قوة وتماسك أكثر من الرمل الحُرّ.
ونصحَ من يعزم على بناء بيت العمر بأن يقوم بتجميع أفكارهِ الخاصة به قبل إعداد الخريطة، وزيارة الأماكن والمنازل الجديدة، والدخول على الإنترنت؛ لملاقاة الأفضل، فهذا من شأنهِ تسهيل المهمة للمكتب الهندسي وإراحة المصمم والمهندس المعماري، واختصار الطريق عليه، فالزيارات الميدانية تعطيهِ رؤية واضحة لما يريدهُ بالضبط، وأنه بإمكانهِ في فترة التصميم استشارة المهندسين المختصين فيما لا يَقتنع به.
وبيّن أبو عزيز أنّ غالبية ما يتم إنشاؤهُ لا يطابق المخططات الورقية، وذلك يحصل حتى في أكبر المؤسسات، ولذلك فهم يعتمدون على مخططات حسب الإنشاء، وليس مخططات المكتب الهندسي، مؤكدًا على ضرورة مراجعة المخططات قبل التنفيذ وعرضها على المستشار إن تطلّب الأمر؛ لأنّ التغييرات واردة وتتفاوت في ماهيتها، والكثير يطلب التغيير بعد البناء لظهور أفكار جديدة لديه، أو اقتناعهِ بفكرة لم يكن مقتنعًا بها.
وقالَ بأنّ تحديد الارتفاع المناسب للجدران يتمّ وفق علاقة مترابطة بين الطول والعرض والارتفاع، فالارتفاع الصافي بعد الديكور لا يقلّ عن 2.80م إلى 3م، كما يُؤخذ بعين الاعتبار أيضًا نوع التكييف المستخدم.
ونبّه على أنهُ كلما كبُرت المساحة يفضّل أن يكون السقف أعلى، وهذا ما نجدهُ في الحسينيات وصالات الأفراح مثلًا التي يصل الارتفاع فيها لـ6 أمتار، لكنّ أغلب مساحات الغرف في المنازل 3×4، أو 5×6، وهذهِ المساحات لا يزيد ارتفاعها الصافي عن 2.80م.
وأشار إلى أفضلية عدم الإكسار في نوافذ المنزل، والتي تعتبر موصّلة للحرارة، وتكلفتها عالية، وتحتاج للصيانة على المدى الطويل، مضيفًا أن حجم النوافذ المعتادة في كثير من المباني تأخذ عرض 1.60م، وارتفاع
1.20م.
وأرجعَ مسألة تحديد عدد الأعمدة إلى المهندس بناءً على ما يراه من أحمال المبنى وحجم العمود، وأنه بإمكان الباني عرض مسألته على مكتب هندسي آخر غير المنفّذ، في حال لم يكن مقتنعًا بعدد الأعمدة في بيته، كما يتوجب عليه الاستشارة قبل التنفيذ لعمل الحسابات اللازمة.
وأضاف أن من الخطأ وغير اللائق لأي مهندس أن يقول “لا أستطيع فعل هذا” في حال طُلب منه التغيير لأمرٍ ما، فلا يوجد شيء غير ممكن، وفي العمل الهندسي هناك مئات الحلول والطرق، مهما كان أمرها مكلفًا أو صعبًا، مشيرًا إلى أنّ هناك الكثير من المباني الصحيحة التي أبدع فيها المهندسون مهما بدت صعبة كمبنى وزارة الداخلية.
وأكدّ أنّ التكلفة الإنشائية للمنازل تكاد تكون متقاربة في بناء العظم، لكنّ التشطيبات هي ما تحدد التكلفة النهائية، بحسب ما يختارهُ الشخص من ديكورات وسيراميك والأمور التشطيبية الأخرى.
ونصحَ من يبني الاعتماد على المقاول في توفير الحديد والطابوق، إن كان موضع ثقتهِ، حيث إنه قد مرت عليهِ الكثير من المعاملات وبناء المنازل، وبحكم معرفتهِ كذلك بأصحاب المؤسسات والشركات الخاصة بمواد البناء، مؤكدًا على ضرورة وجود مهندس ميداني للموقع، والذي قد يوفرهُ المقاول غالبًا، ممّا يجعل تكلفتهُ أعلى من غيرهِ من المقاولين مثل الذي يعتمد على العمالة أو “القطوعة” المتعارفة للطابوق أو الحديد وصبّ الخرسانة.
وأوضّح المساوئ المترتبة على وضع خزان المياه تحت الأرض، قائلًا: “على الرغم من توفيرهِ للمساحة على الأرض وفي الممرات ناهيك عن مظهرهِ أيضًا، إلا أنّ صيانته وخدمتهُ تتطلّب إيجاد مساحة كافية أيضًا تحت الأرض من أجلها، كما أنّ استبدالهُ بعد زمن من الأمور الصعبة في حين عدم تواجد هذهِ المساحة والاعتماد على فوهتهِ فقط”.
وختم كلامه بالحديث عن المباني المبنية بنظام الحديد البارد، والمباني القائمة على الخرسانية، مؤكدًا أنّ مباني الحديد البارد لها عمرٌ افتراضي يصل فقط لـ25 عامًا، وليس من المعقول أنّ يكون عمر بيت العمر هو هذهِ السنوات فحسب، كما أنّها ليست مرنة لتشكيل بيتك كما تشاء، وبها الكثير من المشاكل.
وأردف قائلًا: “هذهِ البيوت تصلح للشركات، أو المباني التي تتطلّب وقتًا قصيرًا لإنجازها، بينما بيت الخرسانة هو الخيار الأنسب ليكون بيت العمر لك ولأولادك”.