أدمن كثيرٌ من الناس حضورَ الحج فتراهم محرمينَ غدًا يوم التاسع في كلِّ عام لكنهم في هذه السنة سيكونون من المفقودين الذين تسأل عنهم الملائكة وتبحث عنهم في الجبالِ والوديان. طوبى لهم، فلعلها تكون من أسهل حجاتهم وأقلها عبئًا وتعبًا، وأكثرها ثوابًا!
عن الإمامِ الصادق (ع): (إذا كان الرجل من شأنه الحجّ كلَّ سنة، ثمّ تخلف سنةً فلم يخرج، قالت الملائكة الذين على الأرض للذين على الجبال: لقد فقدنا صوتَ فلان، فيقولون: اطلبوه فيطلبوه فلا يصيبونه، فيقولون: اللّهم إن كان حبسه دينٌ فأدّ عنه، أو مرض فأشفه، أو فقر فأغنه، أو حبس ففرّج عنه، أو فعل فافعل به، والناس يدعون لأنفسهم وهم يدعون لمن تخلّف).
أكاد أجزم أن في البشر كثيرٌ من الناس يكرمونَ الوفاد في كل السنوات ولا يرتاح لهم بال إلا إذا ما أتى الضيف وحلَّ في رحالهم. فمن ذا أكرم من الله في إكرامه الوافدين لدياره المقدسة وبيته المعظم؟ وليس من سنةٌ نحتاج فيها دعاءَ الملائكة أكثر من هذه السنة التي نحن فيها أن يقضي الله دينَ كل مدين ويشفي كلَّ مريض ويغني كلَّ فقير ويخفف العناءَ عن كلِّ العباد.
قريبًا تنتهي هذه السنة التي وإن مرت علينا مثل ظلِّ الطائر في سرعتها إلا أنها كانت ولا تزال محملةً بأنواع المتاعب والشدائد وأصابت الكثير بالجراحات التي لا يستطيع برءها إلا الله. فلعل دعوات الداعين في الأودية والجبال غدًا وما بعده من أيام الحج تشفعها وتقويها الملائكة، حيث نحن البشر لا ندري ماذا اقترفنا من ذنب فاستحققنا به ما حلَّ بنا!
بعد غدٍ يأتي العيد فليس ممتنعًا على الله أن يجعلَ من هذا العيد الذي جعله للمسلمين عيدا ولمحمد صلى اللهُ عليه وآلهِ ذخرًا وشرفًا وكرامةً ومزيدً، أن يجعل فيه مخرجًا وفرجًا من كل الأزمات.
في هذا العيد وفي كلِّ عيد لكم مني أبرك التهاني وخالص الدعوات بأن تكون أيامكم بيضاء مليئة بالأفراح وصحائفكم نقية من الذنوب. وأن يأتي العيد القادم وكلكم أصحاء وفي قيد الأحياء.