أكد الاختصاصي النفسي والعلاج السلوكي أحمد آل سعيد على أهمية أخذ تحذيرات الاختصاصيين من خطر الأجهزة والألعاب الإلكترونية على محمل الجد ولا توصف على أنها مجرد كلام عابر لا يخرج بطائل أًو هدف يتم نشره بين الناس يطلق عليه بالعامية “هربدة”، مع أنها حقائق بنيت وفق مشاهدات ودراسات علمية من ذوي الاختصاص، حيث بينوا من خلالها أن الألعاب الإلكترونية سلاح ذو حدين يجب الوعي بالجانب السلبي والإيجابي لها، ومعرفة متى وكيف تقدم للأبناء.
وحذر الاختصاصي من استخدام الطفل الذي يقل عمره عن السنتين للأجهزة الذكية لما لها من أثر سلبي على عدم اكتساب المهارات النمائية والعقلية، ورأسها تأخير مهارة النطق والتواصل مع المحيط الاجتماعي، كما أنها عامل مساعد لقلة وتشتت الانتباه، بالإضافة إلى أثره السلبي على حاسة النظر والجهاز العصبي بشكل عام.
وألقى آل سعيد اللوم على الوالدين لما يقع على عاتقهما من مسؤولية وضرورة سد فجوة الشغف عند الطفل واستكشاف مهاراته وتنميتها لاكتساب السلوك المفيد، وإيجاد بدائل للاستفادة من أوقات الفراغ وتعلم كيفية إدارة الوقت وتقسيم المهام اليومية، معتبرًا ترك الطفل منذ الصغر حبيس الأجهزة الإلكترونية دون رقابة والديه كسل من الوالدين، مع ما يواجه من هجمات قوية قد تعرضه إلى التحرش والابتزاز من الآخرين.
وتطرق إلى الأثر الذي تتركه الأجهزة الذكية ومتابعة المشاهدة من خلالها على المراهقين من شعور بالقلق والخوف والعصبية وعدم النوم، معتبرًا مشاهدته ليست من باب الفضول لأنه أصبح يدرك ما يشاهده منذ عمر ١١ سنة، إذ تكون المشاهدة بشكل مقصود متعمدًا.
جاء حديث الاختصاصي آل سعيد في لقائه مع الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي هاني المعاتيق في صفحته على منصة الإنستقرام، يوم الأربعاء ٢٢ يوليو ٢٠٢٠، وسط معدل مشاهدة تجاوز ٢٥٠ شخصًا.
واتجه المعاتيق في بداية اللقاء إلى طرح تساؤلات حول كيفية التعامل مع الأبناء وسط ما يجده من مشاكل وسلوكيات تربوية عند طلاب المدرسة الابتدائية التي يعمل فيها، وكيف يمكن مواجهتها، على مستوى توجيه الطلاب وأولياء الأمور.
ولفت آل سعيد إلى وجود مشكلة حقيقة عند الكثير من الأسر وهي أن يكون سوء سلوك الأبناء نتيجة وقوعهم ضحية لتعلم السلوك السيئ من والديهم اللذين يمثلان قدوة حية أمامهم ومنها يكتسب الطفل التواصل وكيفية التواصل مع الناس، وجميع المهارات السلوكية، وعليه عندما يواجه الطفل ازدواجية في التعامل مع المشاكل يكون لها انعكاس على تكوين شخصية الطفل.
ودعا إلى ضرورة وعي الوالدين بالفروقات الفردية فيما بين الإخوة وكذلك بين أبنائهم وأقاربهم واختلاف القدرات فيما بينهم، واختلاف استيعاب الأبناء في البيت عن المدرسة حيث يعتمد على هذه القدرات، مع مراعاة الأجواء التي تحيط بالطفل في البيت من شدة متابعة وقد يكون تحت التهديد، بينما في المدرسة يخضع لضغط الوقت وطريقة خاصة للمعلم مما يعرضه للخطأ.
وشدد على اهمية الوعي بالمعايير الشخصية والاجتماعية ومستوى التحصيل الدراسي للطفل عند الشروع في طلب استشارة من المختص لأي مشكلة سلوكية والحكم عليها هل هي طبيعية أو مرضية؟ وألا يتم الحكم عليها من موقف أو موقفين بل بتعددها بعد تكرارها، ومن ثم يطلب الحل من الاختصاصي، منوهًا بالدور الذي يعكسه الغذاء الصحي على سلوك الطفل.
وتحدث عن الخطوات التي يتم من خلالها دراسة الحالة السلوكية بعد تكرارها بصورة تسبب ألمًا وأذىً نفسيًا إلى الطفل والأسرة، وتكون دراسة الحالة بصورة جماعية ضمن فريق مختص تبدأ بعرضه على طبيب أطفال، للتأكد من سلامة الوظائف البيولوجية للجسم لديه، بعدها يتم تحويله إلى اختصاصي علاج سلوكي معرفي، والذي يقيّم حالته السلوكية والتعرف على حاجته لإجراء المقاييس الخاصة، وأخيرًا يأتي دور الطبيب النفسي الذي يشخص حالته هل يحتاج جلسات إرشادية فقط أو علاج دوائي فقط؟ مع الوعي بدور الدعم الأسري خلال جميع هذه المراحل إلى أن يتم تحسنه وشفاه.
وذكر الاختصاصي أنواع فرط الحركة التي تنقسم بين؛ المفرط والاندفاعية، والعدوانية، حيث لا يمكن إعطاء وصف واضح لها إلا بعد فحص الطفل ودراسة الحالة، التي يمكن من خلالها معرفة طبيعتها ومن ثم علاجها، نافيًا أن تكون العصبية وراثية لأنها سلوك مكتسب.
وتعددت المداخلات من المتابعين الذين طالبوا بتقديم حلول خاصة لبعض المشاكل السلوكية التي يتعرض لها الطفل ومنها؛ الكذب، والغيرة، والتأتأة، مشددًا على أهمية تعليم الطفل حل المشاكل التي يتعرض لها بصورة إبداعية، وتجاهل بعض المشكلات التي تختفي مع الوقت وفتحها لفت انتباه الطفل مما يؤثر على سلوكه العام.
وتوسع في الحديث عن مشكلة وجود طفل يعاني من التوحد في الأسرة، نتيجة لاضطراب بعض الحواس وليس مرضًا كما يعتقده البعض، والتي تكون بدرجات متفاوتة بين الأطفال، من شديدة وخفيفة، أو شبه توحد، مع الأخذ بأن يكون البعض له ذكاء خارق في بعض المهارات العقلية، مشيرًا إلى الدعم المادي الذي يقدم له من الدولة لتحسين مستواه الاجتماعي، كما أنه يستطيع الدراسة في مدارس الدمج التي تقدم له خدمات خاصة.
وأوصى آل سعيد في ختام حديثه بأن لكل بيت أسلوبًا وطريقة خاصة تكون بين الترهيب والتحفيز والترغيب، والطفل في السنوات السبع الأولى من عمره يكون في مرحلة تعلم والتي تعتبر دمجًا بين الإغراءات والتشجيع والمكافأة التي تحفز سلوكه الإيجابي.