ليس بالغذاء والدواء يشفى الإنسان المريض، بل هناك سبيل يجب أن يشمل سلوك الشخص وحياته جنباً إلى جنب مع الغذاء وبعيداً عن الدواء، والسلوك الصحي – في الحقيقة – لا يتعلق بالمرض والمرضى فقط بل بالأصحاء كذلك.
اتباع العادات الغذائية التي لا تستند إلى أسس علمية تؤدي إلى نتائج سلبية تؤثر على صحة الإنسان وإصابته بالأمراض، فيما يساعد اتباع نظام غذائي صحي على التمتع بصحة جيدة والابتعاد عن براثن الأمراض والعلل.
لا يوجد هناك شك في أن الأطعمة المحضرة بطريقة جيدة يمكن أن تفقد جزءاً كبيراً من قيمتها الغذائية وتكون ضارة بالصحة عندما تغمر بالصلصات الدسمة أو الزبدة الذائبة أو القشدة الحامضية أو الجبن المعالج أو المايونيز الزاخر بالدهن، لفتح الشهية عنوة، فكر في تلك المضافات المصنعة ذات المحتوى العالي من الصوديوم، ومعززات النكهة والمواد الحافظة، والزيوت المهدرجة، والمستحلبات، والمحليات الاصطناعية، وشراب الذرة عالي الفركتوز، والتي أصبحت سمة من سمات أغذيتنا اليوم، تذكر أن تلك المضافات غير ملائمة أبداً للصحة وستدفع قيمتها من صحتك.
ما الذي نريد أن نقوله بهذه المقدمة؟ إننا نقول ببساطة، إن التعود على أمور بسيطة في حياتنا الغذائية قد يسبب لنا مشكلات صحية صعبة!
من هنا فإن التحدث عن العادات الغذائية السيئة في مجتمعنا السعودي أمر ليس بالسهل تقبله، دعوني أمر سريعاً على بعض ما نشهده:
أولاً – سوء التغذية التي تعانيها مملكتنا الحبيبة منها انتشار السمنة وارتفاع الأمراض المتعلقة بها، والوفيات الناجمة عنها.
ثانياً – فقر الدم الغذائي، أظهرت أرقام واحصائيات غير متوقعة انتشار الأنيميا في السعودية وخصوصاً النساء والأطفال.
هناك اتهام قوي أن المائدة السعودية تفتقر للتنوع الغذائي وتكاد لا تجد فيها العناصر الغذائية الضرورية للجسم، إذا كان هذا الاتهام صحيحاً فعلينا فعلاً مراجعة عاداتنا الغذائية بصورة جادة، وعلينا متابعة الأجيال القادمة من الأطفال الذين يشكلون أكثر من نصف مجتمعنا عدداً.
معظم العادات السلوكية تتكون في مرحلة الطفولة، وهذا يعني أن كل ما نأكله وما نميل إليه هو ما تعودنا عليه في أسرتنا الأولى، وللأسف الشديد بنظرة سريعة لعاداتنا الغذائية نجدها بعيدة كل البعد عما يجب أن تكون عليه.
تصحيح بعض العادات والسلوكيات الغذائية، مثل الأكل بين الوجبات أو عدم تنويع الأطعمة، أو تناول أطعمة ذات قيمة غذائية منخفضة، لتجنب الكثير من مشكلات سوء التغذية، الاهتمام بالتغذية السليمة منذ مرحلة الطفولة مع التركيز على الارتقاء بالعادات الصحية المرتبطة بالأغذية والصحة الشخصية، وعلى أهمية تناول الوجبات المنزلية لضمان التغذية السليمة والنظافة الصحية، ولتلافي حدوث التسممات الغذائية.
ولذلك لا بد من الاهتمام بتصحيح العادات والسلوكيات الغذائية في كثير من مظاهر الحياة، والمسألة ملقاة على عاتق الموروث الحضاري لأي مجتمع سواء شاب هذا الموروث بعض الأخطاء أو كان هناك سوء في التطبيق، إلا أن الأمر في نهاية المطاف يمثل الواقع المعاش لسلوك هذه الجماعة أو تلك من الناس.
ربما بدا أن تصحيح العادات الغذائية للوقاية من الأمراض والأخطار الصحية أمر محير ومعقد، ولكنه شديد البساطة إذا قورن بمحاولة اتباع نظام غذائي يقينا من الأمراض.
النظام الغذائي الغني بالعناصر المغذية سيساعد على منع حدوث أو تقليل من أخطار الإصابة بأي أمراض.
هذه باقة من التوجيهات نقدمها لكم من المتخصصين ونتائج تجاربهم:
• عدم تناول الطعام بين الوجبات الرئيسة لمساعدة الجسم على استهلاك الطاقة الغذائية المتناولة وعدم اختزانها في الجسم على صورة نسيج دهني، وعند الضرورة الملحة أو الشعور بالجوع تختار أنواع الأغذية مرتفعة القيمة الغذائية منخفضة المستوى الطاقي كالخضراوات والفواكه وعصائرها، والحليب واللبن الرائب.
• عدم تناول الطعام على سبيل التسلية أو المجاملة أو تمضية وقت الفراغ.
• عدم استكمال الوجبة الغذائية عند الوصول إلى مرحلة الشبع.
• مضغ الطعام مضغاً جيداً من العوامل المهمة الواقية من اضطرابات الجهاز الهضمي، حيث إن المضغ الجيد والبطيء يسمح بمزج الطعام باللعاب، الذي يسمح بتحويل النشا إلى سكريات أسهل هضماً، والمضغ الجيد يهيئ المعدة لإفراز العصائر الهاضمة، ويحول دون سرعة التهام الطعام والإفراط فيه دون وعي.
• احرص على أن تتناول احتياجاتك فقط من الطعام، والإفراط في الطعام يسبب العديد من الأمراض، وعلى رأسها اضطرابات الهضم والسمنة، وما يترتب عليهما من أمراض أخرى عديدة مثل السكري وضغط الدم وأمراض القلب والسرطان.
• احرص على أن تكون سلطة الخضراوات والفواكه الطازجة جزءاً أساسياً من وجبتك الغذائية مع التنويع في مكوناتها بصورة مستمرة، لأنها غنية بالألياف الغذائية التي تعطي حجماً للوجبة الغذائية، فتساعدك على الشعور بالشبع، وتمنع الإمساك ومضاعفاته، كما أنها غنية بالفيتامينات والمعادن التي تحمي من الأمراض.
• عدم شرب الماء بكمية كافية يعرض جسمك لتكاسل عمليات الهضم والاستقلاب الحيوية.
• من الحقائق المعروفة الآن أن الاستهلاك الزائد من ملح الطعام والمخللات تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين لديهم حساسية من الصوديوم، واعتدنا أن الملح لا يفارق المائدة، والكل يسأل أين الملاحة؟ حقيقة أننا نستهلك من الملح أكثر من حاجتنا بأضعاف كثيرة، وماذا تعني هذه الحقيقة؟!
• ينصح بألا تغادر منزلك في الصباح دون إفطار، ولا تدع مشاغلك تنسيك وجبة الغذاء في موعدها، ولا تنس تناول وجبة العشاء قبل النوم بحوالي ساعتين إلى ثلاث ساعات.
• الحد من استهلاك الأغذية المقلية خارج المنزل، وتطبيق الشروط الصحية على مستوى الاستخدام المنزلي حفاظاً على صحة وسلامة الأسرة.
• الحرص كل الحرص على تناول الغذاء الطازج وتجنب المعلبات أو الأغذية المحفوظة.
• حرص الأمهات على إعداد وتحضير الطعام داخل المنزل، والإشراف المباشر من الأبوين على تغذية أولادهم في البيت وخارجه يحقق التغذية الصحية والسلوك الغذائي الصحيح لهم.
• حتى لا نقع ضحية للأغذية الفاسدة، يلزم بنا التعرف على الأغذية التي نرغب شرائها، ومن محلات ذات السمعة الجيدة فأسواقنا تزخر بأصناف متعددة مستوردة من جميع أنحاء الأرض.
• التركيز على مادة غذائية واحدة يسبب أمراض سوء التغذية لأنها تفتقر إلى عناصر أخرى ضرورية للجسم.
• تجنب المشروبات الغازية والصناعية والعصائر المحفوظة والحلويات المصنعة، تلك أغذية غير متزنة تحتوي على كميات عالية من المحليات الاصطناعية والإضافات الضارة.
• إن نظام تناول ثلاث وجبات من الطعام في اليوم في وقت ثابت، هو أفضل نظام غذائي للجسم، حيث لا يسمح بترسيب الدهون في الجسم.
• تأثرنا بمطاعم الوجبات السريعة وللأسف الشديد فإن هذه الأماكن أصبحت أفضل مكان عند أطفالنا.
• التركيز على بعض الأطعمة وعدم التنويع لتحقيق التكامل الغذائي، فمعظم أو كثير من الأسر تعتمد على الأرز واللحوم وتغفل الخضراوات والفواكه.
• قد يعبّر أحد الوالدين أو كلاهما عن كرهه لمادة غذائية هامة أمام الطفل ولا يدرك مدى الأثر الذي يتركه في طفله كعنصر هام يكمل التغذية السليمة.
• الحرص على قراءة البيانات الموضحة على ملصقات العبوات الغذائية للتأكد من صلاحيتها ومكوناتها الغذائية.
• التركيز على مكونات غذائية على حساب مكونات غذائية أخرى لا يخدم الصحة العامة، إنما التركيز على التنوع، وهذا يعني ضرورة موازنة الغذاء.
• التثقيف الصحي الغذائي، هو نظام حياتي يمكن من خلاله تقوية أجسامنا وحمايتنا من الأمراض.
• التقليل من السكريات البسيطة والحرة أنسب للصحة وتدعم الجهاز المناعي.
• الإكثار من تناول الخضار والفواكه الغنية بالفيتامينات والمعادن أكثر نفعاً للصحة العامة.
الممارسات المتبعة لحفظ وتخزين الأغذية في البيوت ومدى سلامتها الصحية:
• تحفظ الأغذية الجافة والمعلبات في أدراج ودواليب المطبخ أو في غرفة خاصة بالتخزين.
• غسل المعلبات قبل حفظها بالماء والصابون.
• التأكد من فترات الصلاحية للأغذية المحفوظة قبل استعمالها.
• دعم مستوى المعرفة الغذائية لربات البيوت من حيث قراءة تاريخ الصلاحية والطرق السليمة في الحفظ والتخزين.
جميع ما ذكر مجرد عادات نستطيع بالإرادة والإصرار تجنبها، أن إرادتك أو إهمالك هما اللذان يعملان في إبقاء العادات السيئة أو استبدالها بعادات حسنة وفي توجيه صحتك إلى الرضا والارتياح.
وأخيراً، إذا ذهبنا إلى بائع الخضار والفواكه، فلنذكر أننا لا نجد عنده الغذاء وحده، وإنما نجد الدواء أيضاً، كنز دوائي نادر، رخيص الثمن، منحتنا الطبيعة إياه لأنه هو الأصل في بقائنا.
عالج عاداتك الغذائية بدقة وإحكام، وستجد في الأغذية الحية كل لقمة منها مجددة للجسم ومقوية له.
منصور الصلبوخ
اختصاصي تغذية وملوثات