من الخويلدية.. خلال 9 أعوام.. عدسة الأمرد تطارد 155 طائرًا وتنتهي بـ 70 ألف صورة

اقتنى كاميرته الأولى الفيلمية (24 صورة) منذ أن كان عمره 10 أعوام، بدأ تصوير كل شيء أكان في المدرسة أو المنزل، ولا يزال يحتفظ بتلك الصور، ليقتني بعد 4 أعوام كاميرةً فيلمية أخرى (36 صورة) التي كانت انطلاقة جديدة لتوثيق الرحلات مع الأصدقاء والمناسبات الخاصة والعامة، إضافة إلى تصوير الأطفال، ليستمر في استخدام الكاميرا الفيلمية حتى أيام الجامعة مع ظهور الكاميرات الرقمية، والتي كانت بداياته بكاميرا من نوع كوداك.

هو الفنان الفوتوغرافي علي منصور الأمرد – 42 عامًا – الذي ينحدر من بلدة الخويلدية بمحافظة القطيف – بكالوريوس علوم حاسب آلي، وهو عضو مؤسس ورئيس سابق لجماعة ألق الفوتوغرافية بالخويلدية عام 2012 م، وعضو مؤسس لمجموعة رصد وحماية الطيور 2016 م.

الانطلاقة الاحترافية
بدأت انطلاقة الفنان الفوتوغرافي علي الأمرد في عالم الفن الفوتوغرافي الحقيقي عام 2008، مع اقتنائه لكاميرا نيكون ‬ D80، حيث بدأ بتعلم أساسيات التصوير وفنون التكوين تعلمًا ذاتيًا من خلال قراءة الكتب المختصة ومتابعة الفوتوغرافيين في عالم المنتديات على الإنترنت، حيث كان المحتوى الإلكتروني في بداية ازدهاره ورغم محدوديته – خصوصًا العربي – إلا أنه كان مفيدًا لانطلاقته – بحسب تعبيره – وكان حينها يقوم بتصوير كل شيء بدءًا من تصوير الطبيعة ومرورًا بتصوير حياة الناس وانتهاءً بتصوير الحياة الصامتة.

تصوير الطيور
يقول “الأمرد”: “علاقتي بالطيور منذ الصغر، ولكنها كانت مقتصرة على طيور الزينة وتربيتها في المنزل ليس إلا، حتى أراد الله في شهر مارس 2012 م أن تكون لي تجربة ميدانية لتصوير الطيور في طبيعتها ضمن ورشة مع جماعة التصوير الضوئي بالقطيف وفي هذه الورشة هالني ما رأيت فعلًا”.

ويضيف: “كنت أظن أن الطيور التي نراها لا تتعدى العصافير الدورية والبلابل وحمام النخيل والنوارس وبعض الطيور الدخيلة الأخرى، ولكني تفاجأت بوجود أنواع أخرى لم أعرف عنها شيئًا، وهذا كان فتيل اهتمامي بالطيور”.

وأردف: “وفي عام 2014 م وبعد تأسيس جماعة ألق الفوتوغرافية، أقمنا محاضرة لتصوير الطيور استضفنا فيها الباحث والأستاذ محمد الزاير – والذي أعتبره أستاذي الأول – حيث أعاد في تلك المحاضرة صياغة اهتمامي وفهمي للطيور من مجرد التصوير إلى الاهتمام الحقيقي بهذا المكون الرئيسي لمنظومتنا البيئية”.

وتابع: “وضع لي أسسًا علمية لفهم عالم الطيور وتصنيفه، ناهيك عن أساسيات تصوير الطيور، ومع القراءة واقتناء العديد من الكتب المختصة بعالم الطيور العربية منها والأجنبية تعلقت كثيرًا بعالم الطيور وما زلت أتعلم أسرارها وأخلاقيات التعامل معها”.

واستطرد: “وفي شهر أبريل 2016 انضممت مع مجموعة رصد وحماية الطيور كعضو مؤسس مع كوكبة من المهتمين والراصدين المتميزين لنساهم معًا في رصد وتوثيق الطيور والحفاظ عليها”.

عدة التصوير وأسلوبه
وذكر “الأمرد”: “بخصوص عدة التصوير المستخدمة، تدرجت في تطويرها مع السنين وحسب الحاجة، في بداية الانطلاق 2012م بدأت بعدسة نيكون 70-200م مع اكستندر 2‪x‬ (محول يقوم بمضاعفة البعد البؤري) مع كاميرا نيكون D800‪ ‬ وبعد ثلاث سنوات في 2014 قمت بتطوير العدة إلى عدسة نيكون 300م واكستدر 4.1 مع كاميرا نيكون الرياضية ‪D300s

وأضاف: “وفي عام 2018م اقتنيت عدسة نيكون 200-500م مع كاميرا نيكون D500 ‪ ‬ وما زلت أستخدمها حتى الآن، وأغلب تصويري هو من النوع المتحرك – أي التصوير من داخل السيارة – وبعض الأحيان أستخدم زيًا للتخفي أو أختبئ داخل خيمة تخفٍ للحصول على صور للطيور شديدة الحذر أكثر قربًا، وللحصول على صور يكون الطير فيها هادئًا دون توتر أو خوف، وهنالك أساليب وأفكار أخرى لا يسع المجال لذكرها”.‬

وعن الطيور التي تم تصويرها قال “الأمرد”: “بحمد الله وتوفيقاته خلال الـ 9 أعوام تم تصوير أكثر من 155 نوعًا من الطيور المحلية والمهاجرة والمقيمة، وأمتلك أرشيف صور يزيد على 70 ألف صورة لهذه الطيور، ولكني لا أنشر إلا نادرًا لعدم تفرغي أولًا ولعدم اهتمامي بالنشر الإلكتروني ثانيًا، ولأنني لا أرغب في نشر الصور إلا بلمسات فنية خاصة، خصوصًا أن الفضاء الإلكتروني عاليًا ومحليًا يغص بالصور التوثيقية للطيور”.

تصوير الطيور سرق كل اهتماماته
وأوضح: “تصوير الطيور سرق مني كل اهتماماتي الأخرى في التصوير الفوتوغرافي”، وفي مواسم هجرة الطيور أصحو قبل شروق الشمس بساعة – في إجازة نهاية الأسبوع – لحمل عدتي وأتوجه إلى تلك المناطق الزراعية والتي تبعد عن القطيف أكثر من 70 كيلومترًا، فأبحث عن طيوري الجميلة بين أغصان الأشجار وبين الأحراش، وأقتنص الفرص لتصويرها علمًا بأنه لا أوفق في التقاط حتى صورة واحدة في بعض الأيام بسبب عدم وجود الطيور أو لسوء الظروف المناخية، ولكني أعود إلى المنزل قبل الزوال وأنا سعيد بهذا البحث”.

وتابع: “فلم تعد الصورة كل همي، فمجرد النظر إلى الطيور ومتابعة سلوكها وحياتها وطيرانها يعطيني طاقة إيجابية كبيرة، كما أنه يعطيك خبرة في التعامل مع الطيور والتقرب منها دون تخويفها والتنبؤ المسبق بردود فعلها، والتي تختلف من طير إلى آخر وما إذا كان عاتقًا أو بالغًا وحتى اختيار وقت التصوير له أثر على فعل الطير”.

وعن أقرب الصور إلى قلبه، أكد “الأمرد” أن جميع الصور قريبة لقلبه، لافتًا إلى أن قيمة الصورة بالنسبة له ليس في جمال اللقطة وإنما في جمال اللحظة، فوراء كل صورة لحظات من الذكرى الجميلة أو المغامرات المتعبة.

وقال: “فتصوير الطيور يحتاج إلى توفيق من الله أولًا ثم إلى صبر كبير، حيث إن بعض الطيور بحاجة إلى ساعات انتظار حتى تصل إلى صورة، وبعضها بحاجة إلى أساليب مبتكرة وأخلاقية لكسب ثقته والتقرب منه، ولكن يمكنني القول إن أقرب الطيور إلى قلبي طائر الصرد المقنع “الحسيني” وطائر الرفراف الشائع”.

المشاركات الفوتوغرافية
وعن مشاركاته في المعارض الفوتوغرافية المختصة بالطيور تعد محدودة جدًا، حيث قال “الأمرد” إن أول معرض شارك به هو معرض “حركة” لجماعة التصوير الضوئي بالقطيف في 2013م على صالة نادي الفنون، حيث تم طباعة عمله واختياره كأحد الأعمال المهداة إلى داعمي المعرض، وعن آخر معرض شارك فيه هو معرض “أمم أمثالكم” لمجموعة رصد وحماية الطيور في 2019م والذي أقيم على قاعة الفنون البصرية بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء”.

أما بخصوص المسابقات العالمية، فأوضح أنه مبتعد عنها تمامًا، مشيرًا إلى أنه “كانت له تجربة محدودة في عام 2015 في تصوير حياة الناس – كان هدفها تقييم أعماله – وفاز فيها بحمد الله بميدالية ذهبية وأخرى فضية وتوقف بعد ذلك عن المشاركة تمامًا لأسباب واقتناعات خاصة”.

دعوة قبل الختام
وفي الختام، قدم “الأمرد” شكره لصحيفة «القطيف اليوم» على هذه الالتفاتة الجميلة ودعمها المتواصل للمصورين الفوتوغرافيين في المنطقة وإبراز اهتمامات أبناء الوطن المختلفة.

ودعا من خلال الصحيفة جميع أبناء المنطقة إلى الاهتمام بالبيئة وبجميع مكوناتها الرئيسية وعلى رأسها الطيور، وقال: “كل أملي بإيقاف الصيد الجائر والعبثي والتجارة بالطيور المهاجرة، وكذلك التوقف عن بيع أعشاش البلبل وفراخها في الأسواق”.

وأضاف: “كل هذه التصرفات مضرة جدًا وآثارها السلبية كبيرة جدًا على البيئة والتوازن الطبيعي وبالتالي علينا نحن البشر، يمكنكم البحث في الإنترنت لقراءة الدراسات العلمية لتقييم هذا الخطر، فهذه أرضنا ونحن كفء للحفاظ عليها وإعادة الجمال فيها”.


error: المحتوي محمي