في شويكة القطيف.. المشعل يتدبر مفردة الإنسان في القرآن الكريم

بين السيد محي الدين المشعل أن التفسير الموضوعي يجب أن يبدأ الإنسان فيه من بداية القرآن لنهايته، كأن يبدأ من بداية سورة الفاتحة إلى نهايتها في كل السور، لأن بعض المضامين لا تكون بنفس اللفظ المراد، فمفردة الإنسان في بحثنا عن الإنسان في القرآن قد يذكر بلفظ نفسه.

وأوضح “المشعل” أن الباحث سيجد الكثير من القوانين مثل: خُلق “الإنسان ضعيفًا”، متسائلًا: “كيف نوظف هذا الضعف؟”، ليجيب: “بإيماننا بأن القوة لله، فمن خلال تتبعنا للآيات نصل لمجموعة من القوانين، فكل شيء في القرآن مرتبط بالإنسان، فالله جعله خليفة في الأرض، بل إن الوجود وما يحوي مسخر لخدمة الإنسان”.

جاء ذلك خلال استضافة مجلس البتول لتدبر القرآن الكريم بالقطيف، للعلامة السيد محي الدين المشعل من دولة البحرين، مساء الأربعاء 8 يوليو 2020م.

وذكر “المشعل”، خلال محاضرة بعنوان “الإنسان في القرآن”، أن القرآن حينما يتحدث عن مفردة، فإنما يتحدث عنها من خلال ما تحققه من هداية للإنسان كفرد وللمجتمع، وما تحققه من أهداف، مثلًا مفردة “الشمس”، حين يتحدث عنها الفيزيائيون يكون بلحاظ تخصصهم مثل الكتلة والغازات التي توجد فيها درجة حرارتها.

وأضاف أن الشعراء يعتبرونها من عوامل الجمال، كالوجه الجميل، بينما الفلكيون يتحدثون عن منازلها وأبراجها، لكن القرآن الكريم عندما يتحدث عنها في جميع آياته التي ذكرت فيها الشمس يكرها على أنها آية من آيات الله، وتحث على أن ينطلق الإنسان منها إلى خالقها وموجدها فيؤمن بكاملته المطلقة.

وتدبر “المشعل” قوله تعالى: “وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ”، مبينًا أن مفردة الشمس وجريانها في الآية الشريفة من الجانب القرآني، يدل على ما يتميز به الله من الحكمة والقدرة، مشيرًا إلى أن تفسير الطبطبائي عن الإنسان في القرآن، مكون من ثلاثة محاور وهي؛ الإنسان قبل هذه الدنيا، والإنسان في هذه الدنيا، وما تحدث عنه القرآن حول الإنسان ما بعد هذه الدنيا كالموت، والبرزخ، والقيامة، والجنة، والنار والخلود.

وأشار إلى بعض القوانين التي في القرآن الكريم، وكيفية توظيفها كي نكون قريبين لله أكثر، وعابدين بالشكل الذي يحبه الله، وكيف نكون في مصاف أولياء الله المحسنين والصادقين.

وتناول البحث عن الإنسان قبل هذه الدنيا، بمثال في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ}، مبينًا أن هذا قانون يمكن لنا أن نستفيد منه في هذه الدنيا، ونستشف منه أن هناك عالمين لا يمكن لنا أن نستشفهما في هذا الوجود، وما بعده فلا طريق لنا ولا سبيل لمعرفتهما، إلا بالوحي عند طريق الرسل والأنبياء، أو من خلال الآيات التي تتحدث عنه.

وأردف: “يمكن للإنسان الاستفادة منها لسعادته في الدارين الدنيا والآخرة، من خلال التدبر والفهم المعمق للقرآن الكريم”، ناهيًا عن أن نصل لحالة التخمة الفكرية، وإشباع الفضول العلمي فقط، وإنما يجب أن نقرأ القرآن ونتدبره ونفسره من أجل العمل، إذ لا فائدة من ذلك إذا لم يطبقه الإنسان على مستوى اعتقاده وسلوكه ولا يعمل بآياته.

وتحدث عن تقييم الملائكة لهذا الإنسان في قوله: “قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء”، موضحًا أن الأفعال المضارعة في القرآن تدل على الاستمرارية، فالملائكة تصفه هنا بأنه دائم الفساد، فإذا كان هناك شيء ضد مصلحته يمكن أن يظلم، يغصب، يقتل ويفسد في الأرض، فلابد لنا عندما نقرأ قاعدة كلية، سنجد لها مصاديق وتجليات في عالمنا الخارجي.

ونوه لأول قانون يجب أن نتعرف عليه وهو أننا لدينا قابلية الإفساد وسفك الدماء، متسائلًا: “كيف يمكن أن نتغلب على هذه الشهوات، والغرائز، والنفس الأمارة بالسوء؟”، مبينًا أنه في كتاب الله الكثير من العلاجات مثال قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ”، موضحًا لفته قرآنية تفسيرية، وهي أن القرآن الكريم يفسر بعضه بعضًا، يصدق بعضه بعضًا، وينطق بعضه بعضًا.

وعرف “هلوع” في اللغة بأنها شدة الحرص، ومعناها القرآني يتضح في نفس سياق الآية في قوله “إذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً”، وهذا أسلوب قرآني نجده في آيات كثيرة، فالآية تفسر بعضها بعضًا، مؤكدًا أنها صفة أوجدها الله في الإنسان، وهي صفة إيجابية، ولكن يمكن للإنسان أن يستخدمها ويوظفها في طريق خاطئ، داعيًا لتوظيفها على الطاعة وعدم المعصية بخلاف الجزع عند إصابته بمصيبة فيرجى منه أن يتوب إلى ربه ويعود إليه “وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا”، فإنها تدل على أن يكون حريصًا كل الحرص على هذه الطاعة.


error: المحتوي محمي