القرآن الكريم…
فضل قراءته..
في هذه الخاطرة سنتحدث عن فضل قراءة القرآن الكريم حيث تقدم في بعض الخواطر السابقة وقلنا إن القرآن هو الناموس الإلهي وأفضل دستور وجد في حياة البشرية حيث يضمن لهم حياة متكاملة ويأخذ بهم إلى السعادة الحقيقية لا يشعرون فيها بالنقص من حيث مسيرتهم حيث تكفل بإصلاح أمور دينهم ودنياهم بل ضمن لهم سعادة الآخرة والأولى فإذا لاحظنا آياته المباركة نرى كل آية منبع هداية ومعدن إرشاد ورحمة وبركة ولذلك مما ينبغي ممن تروقه هذه السعادة سعادة الأخرى والأولى أن يتعاهد كتاب الله المجيد – الذي عهده الله إلى خلقه – آناء ليله وأطراف نهاره وأن يجعل كل آية من آياته المباركة قيد ذاكرته وألا يخرجها من مزاج تفكيره ويجعل الكتاب المجيد مساراً مضيئاً له لكي ينال التجارة التي لا تبور.
قال تعالى:
{إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}.
روي عن الإمام الصّادق عليه السلام أنه قال: {القرآن عهد الله إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده، وأن يقرأ منه في كلّ يوم خمسين آية}.
وردت الأحاديث الكثيرة في فضل تلاوة كتاب الله جلّ وعلا.
لكل إنسان مؤمن درجة عند الله بما له من عمل صالح يقربه به إلى المولى عزّ وجلّ ولكن لقارئ القرآن درجة أعلى من كل آدمي ما خلا الأنبياء والرسل.
والأوصياء من آل محمد صلوات الله عليهم الذين طهرهم الله من كل رجس ودنس وجعلهم عدل كتابه المجيد.
قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.
روى الشيخ الكليني في الكافي الشريف بقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: “… إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ كَهَاتَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَ مُسَبِّحَتَيْهِ وَلَا أَقُولُ كَهَاتَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى فَتَسْبِقَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَا تَزِلُّوا وَلَا تَضِلُّوا وَلَا تَقَدَّمُوهُمْ فَتَضِلُّوا..”.
العترة الطاهرة صلوات الله وسلامه عليهم هم قُرَناء الكتاب وعدله وذلك حسب حديث (الثّقلين) المتواتر.
وكما عن المناوي فيض القدير (ج 3 ص 18 – 19). أنه قد أجمع المسلمون بكل طوائفهم ومذاهبهم على التسليم بصحة صدور الحديث عنه صلى الله عليه وآله.
فالقرآن الكريم والعترة الطاهرة هما معاً يشكّلان المصدرَين الأساسيين للمعارف الإسلامية بل هما المنبع الأصيل لتلك المعارف بعد رحيل الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله.
ولذلك يجب على المسلمين كافة إذا أرادوا أن يستقيموا على الطريقة – الإسلام –
والاستقامة عليها ولزومها والثبات على ما تقتضيه من الإيمان بالله وآياته وأن يبقَوا على الهَدي المحمدي أن يرجعوا إلى هذين المصدرين: كتاب الله والعترة الطاهرة من آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
وأما اتّباع أحدهما وترك الآخر فذلك مخالفة صريحة بما أتى به الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وبما أوصى به.
ومن هذا المنطلق بقيت العترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين يرشدون ويحثون المسلمين على فهم القرآن في ضوء تفسيرهم وبيانهم صلوات الله عليهم وألا يكون هناك استقلال بالفهم الشخصي، لماذا؟
لأنهم عدل القرآن وهم المرجع الشرعي الوحيد فقط – بموجب حديث الثَّقلين – الذي يؤخذ منهم تفسير كتاب وبيان مقاصده.
فمن كانوا كذلك لا ينبغي لنا أن نستغرب وكذلك لا غرابة أن تعطي العترة الطاهرة الاهتمام البالغ بالكتاب الكريم وتوجه الأنظار إليه كما اهتم كذلك الكتاب الكريم بالعترة النبوية الطاهرة ووجه الأنظار إليها صلوات الله عليهم بقوله: {إنّما يريدُ الله ليُذهب عنكم الرّجس أهل البيتِ ويطهّركم تطهيراً}.
وقال تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المَودَّة في القربى}.
فمنهم صلوات الله عليهم عرفنا إن درجة قراء القرآن لا يعلمها إلا الله فلا ينبغي منّا أن ننال من مكانتهم وحقوقهم التي كفلها الله لهم.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين والمرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن وحقوقهم، فإن لهم من الله لمكاناً).
فنرى الترغيب والحث على تلاوة القرآن من قبل الأئمة صلوات الله عليهم أجمين وبالخصوص في مرحلة الشباب وما ذلك إلا لجعله مرتبطاً بل مخالطاً لحمه بالقرآن لا يفترق عنه منذ نعومة شبابه وما ذلك إلا تثبيت لفطرته التي فطره الله عليها وعقيدته كي لا يزيغ عن الحق ويكون القرآن حجيزاً له بل يطلب من الله له حُلل الجنة بل ينال عزّا وهو يُلبّس تاج الكرامة على رأسه.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه، وجعله الله مع السفرة الكرام البررة، وكان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة ويقول: يا رب إن كل عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي فبلغ به كريم عطاياك، فيكسوه الله عز وجل حلتين من حلل الجنة، ويوضع على رأسه تاج الكرامة، ثم يقال: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يا رب قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا، قال: فيعطى الأمن بيمينه والخلد بيساره، ثم يدخل الجنة فيقال له: اقرأ آية واصعد درجة، ثم يقال له: بلغنا به وأرضيناك فيه فيقول: اللهم نعم، قال: ومن قرأه كثيراً وتعاهده (بمشقة) من شدة حفظه أعطاه الله أجر هذا مرتين).
من خلال النظر في روايات أهل البيت صلوات الله عليهم أيضا نرى الأهميّة العظمى للقرآن الكريم عندهم.
في المروي عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام نراه يقول في شأن القرآن وموجِّهاً أنظار المسلمين إلى أهميَّة هذا الناموس الإلهيّ: (اللهَ الله أيُّها النّاسُ فيما استحفَظَكم من كتابه).
وقال صلوات الله عليه في ذلك أيضاً:
(عَليكُم بكتاب الله فإنَّه الحَبلُ المتين، والنّورُ المبين، والشّفاءُ النّافع، والرِّيّ الناقِع، والعصمةُ للمتمسّك، والنّجاةُ للمتعلِّق، لا يَعْوَجُّ فيُقام، ولا يَزيغُ فَيُستَعتَب).
وقال صلوات الله عليه في ذلك أيضاً:
(تعلّموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقّهوا فيه فإنَّه ربيع القلوب).
وروى الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام أنه قال:
(يَنْبغي للمؤمن ألا يموت حتّى يَتعَلّم القرآنَ، أو يكونَ في تعلّمه).
والمروي عن الإمام زين العابدين وسيّد السّاجدين عليّ بن الحسين عليها السّلام يقول عن القرآن الكريم:
(لو ماتَ مَن بينَ المشرق والمغرِب لَما اْستوحشتُ، بعد أن يكون القرآن معي).
فكلما عاهد الإنسان القرآن وكثُرت قراءته للكتاب كلما ازداد درجة عند الله وأول درجات ذلك يبعده عن درجة الغافلين ثم بعد ذلك يكتب عند الله من الذاكرين إلى أن يصل إلى درجات العلا.
روي عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله أنه قال: (من قرأ عشر آيات في ليلة لم يُكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كُتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كُتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كُتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كُتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كُتب من المجتهدين، ومن قرأ ألف آية كُتب له قنطار، والقنطار خمسمائة ألف مثقال ذهباً والمثقال أربعة وعشرون قيراطاً، أصغرها مثل جبل أحد، وأكبرها ما بين السماء والأرض).
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: (من قرأ القرآن قائماً في صلاته كتب الله له بكل حرف مائة حسنة، ومن قرأه في صلاته جالساً كتب الله له بكل حرف خمسين حسنة، ومن قرأه في غير صلاته كتب الله له بكل حرف عشر حسنات).
وعنه (الإمام الباقر) عليه السلام أنه قال: (من قرأ مائة آية يصلي بها في ليلة كتب الله له بها قنوت ليلة، ومن قرأ مائتي آية في ليلة من غير صلاة الليل كتب الله له في اللوح قنطاراً من الحسنات، والقنطار ألف ومائتا أوقية والأوقية أعظم من جبل أحد).
وعنه (الإمام الباقر) عليه السلام أنه قال: “من قرأ القرآن فهو غني ولا فقر بعده وإلا ما به غنى”.
نعم حفظ القرآن الكريم في الصدور هو أمان للإنسان القارئ وله من الفضل ما لا تحصى درجاته ومع ذلك حتى لمن حفظه فيقرأ ناظراً للقرآن فهو أفضل درجة حيث له الأثر الكبير فمن ذلك هو أن يحفظ الله له بصره ويخفف له عن والديه وإن لم يكونا مسلمين مؤمنين.
روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: “من قرأ في المصحف نظراً متع ببصره، وخفف عن والديه وإن كانا كافرين”.
وحثت الشريعة المقدسة على تلاوة القرآن في البيوتات وجعل لها نصيباً من التلاوة لما له من الآثار العظيمة من البركات التي هي الخيرات ذكرتها الروايات الشريفة حيث إن ذلك هو ذكر الله سبحانه وتعالى بخلاف البيت الذي لا يقرأ فيه فلا تحله البركة بل تحل فيه النقيصة التي هي المضرة.
روي في عدة الداعي عن الإمام الرضا عليه السلام يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (اجعلوا لبيوتكم نصيباً من القرآن فإن البيت إذا قرئ فيه القرآن تيسر على أهله وكثر خيره وكان سكانه في زيادة وإذا لم يقرأ فيه القرآن ضيق على أهله وقل خيره وكان سكانه في نقصان).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (البيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزّ وجلّ فيه، تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض، وإن البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذكر الله عز وجل فيه، تقل بركته وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين).
(بسْمِ اللهِ كَلِمَةُ الْمُعْتَصِمينَ وَمَقالَةُ الْمُتَحَرِّزينَ، وَاَعُوذُ بِاللهِ تَعالى مِنْ جَوْرِ الْجائِرينَ، وَكَيْدِ الْحاسِدينَ وَبَغْيِ الظّالِمينَ، وَأحْمَدُهُ فَوْقَ حَمْدِ الْحامِدينَ.
اَللّهُمَّ اَنْتَ الْواحِدُ بِلا شَريكِ، وَالْمَلِكُ بِلا تَمْليك، لا تُضادُّ فى حُكْمِكَ وَلا تُنازَعُ في مُلْكِكَ.
أَسْأَلُكَ أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأنْ تُوزِعَنى مِنْ شُكْرِ نُعْماكَ ما تَبْلُغُ بي غايَةَ رِضاكَ، وَأنْ تُعينَني عَلى طاعَتِكَ وَلُزُومِ عِبادَتِكَ، وَاسْتِحْقاقِ مَثُوبَتِكَ بِلُطْفِ عِنايَتِكَ، وَتَرْحَمَني بِصَدّي عَنْ مَعاصيكَ ما أحْيَيْتَني، وَتُوَفِّقَني لِما يَنْفَعُني ما أبْقَيْتَني، وَأنْ تَشْرَحَ بِكِتابِكَ صَدْري، وَتَحُطَّ بِتِلاوَتِهِ وِزْري، وَتَمْنَحَنِيَ السَّلامَةَ في ديني وَنَفْسي، وَلا تُوحِشَ بي أهْلَ اُنْسي وَتُتِمَّ إحْسانَكَ فيما بَقِيَ مِنْ عُمْرى كَما أحْسَنْتَ فيما مَضى مِنْهُ، يا أرْحَمَ الرّاحِمينَ).
لسلامتك وسلامة عائلتك ومجتمعك ووطنك ابق في بيتك واتبع نصائح الجهات المسؤولة.