وصفت الدكتورة ليلى أبو السعود نفسها بـ” عدو نجاحها الحقيقي من البداية”، مفسرةً ذلك بأنها كانت تصارعُ رغبتها الحقيقية بدخول مجال التصميم، وبين إثبات ذاتها في حقل الطب الميداني الذي وضعهُ التفوق في طريقها غصبًا لا رضًا عنها عام 2007، وأنّ تلك الدائرة ناتجة عن كلام الناس والخوف من الفشل وهي في الحقيقة وهمٌ يخلقهُ الإنسان لنفسه، فنجاحها الذي تلمسهْ الآن بيديها على تصاميمها المعروفة وثقتها بقدراتها ونفسها لم يأتِ إلا حينما آمنت برغبتها وميولها إلى دخول عالم التصميم.
وعادت أبو السعود بذاكرتها لسنة تخرجها عام 2007م، حيثُ لم تكن لديها صورة واضحة للطريق الذي تود أن تسلكهُ كما هو حال المتخرجات معها، ولذلك فقد جعلت الخيارات أمامها مفتوحة، فقدّمت في إدارة الأعمال والمجالات الصحية، والتصميم الداخلي، وكذلك قدمت أوراقها لشركة أرامكو، فكانت النتيجة أمامها خيارين لا ثالث لهما، حيثُ قُبلت في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وكذلك تم قبولها في البعثة لجامعة البحرين بمجال الطب أيضًا، فاختارت الالتحاق بجامعة البحرين بحكم أن أختها من طلبة الجامعة، ولكونها المنطقة الأقرب لها.
التصميم
وذكرت أبو السعود أنّ بحثها غير المجدي لفستان ليلة العمر في عام 2010 كان بوابة دخولها هذا العالم، فالمعروض في السوق لم يرق لها تمامًا 100%، مما اضطرها للبحث عبر الأونلاين؛ لتتفاجأ حينها بأعداد المصممين غير المعروفين لدينا، ولتصبح تلك الضالة من الفستان الذي تبحثُ عشرات الفساتين المحيّرة لها، ولتبدأ بالبحث في هذا العالم وكتابة الملاحظات، والتخيّل للتصاميم والابتكارات.
التطبيقي
وأوضحت أنَّ آخر عامين جامعيين كانا هما الفيصل الحقيقي ما بين الطب والتصميم، فقد جعلتها أيام الامتياز التطبيقي في المستشفى ترى الحياة المهنية لهذا المجال واقعية كما هي، وأدركت أنها ليست الحياة التي تريدها، وقد كان لديها الاتجاه الداخلي الواضح الذي يخبرها أنّ خطها هو التصميم الذي كانت تخجل من البوح به للآخرين، مع وجود حديثٍ داخلي يصارعها بأنّهُ مجرد هواية لا أقل ولا أكثر.
استراحة مقاتل
ووصفت سنوات الطب بالأثمن في سنوات حياتها، لكنها وضعت لنفسها خطة بعد تخرجها من سنوات دراستها المتتالية، فأعطت لنفسِها مهلة عامٍ كامل لتستريح استراحة المقاتل، وتضعُ في ذات الوقت أهدافها بعد أن استطاعت في الثلاث سنوات السابقة أن تصنع لنفسها على استحياء قاعدة من الزبائن الذين وثقوا بها، فإن تحققت الأهداف ستستمر في التصميم، وإلا ستعودُ لرائحة المستشفيات من جديد، فالجمع بين مهنتين والتوفيق بينهما كان أمرًا مستحيلاً من وجهة نظرها.
وبيّنت أنّها بدأت حياتها في التصميم على خجل، لكنّ هناك من وثق بها كأختها وصديقاتها اللواتي أودعتهن تجاربها الصغيرة الواعدة، فكلّ فستان صنعته كانت تراهُ أجمل من سابقه، بعد وضع الكثير من الملاحظات، وتخيل الابتكارات، وطورّت نفسها وبدأت بالاطلاع والقراءة عن أنواع القماش وفنّ التصميم، وزادت رصيد المعرفة لديها إلى أن تمكنت بعد جهد وإصرار من التغلّب على كل المعوقات وأن تمتلك الجرأة لتطلق على نفسها لقب مصمّمة بعد أول مجموعة لها.
FIRST COLLECTION
وتحدثت أبو السعود عن تجربته الأولى التي وصفتها بالتجربة الحذرة جدًا، فقد كانت تستغرق في الفستان الواحد أكثر مما ينبغي، وبحكم تفرغها فقد أرادت لنفسها البداية القوية، فسافرت للخارج وتعاملت مع عارضة عالمية، ومصورين مختصين، وبمجرّد خروج المجموعة الأولى للعرض تأكّدَ كلّ من حولها أن الموضوع كان جادًا.
ودانت بالفضل لدعمِ خطيبها لها منذُ بداية بوحها لهُ برغبتها في الدخول لعالم التصميم، ثمّ دعم أسرتها لها بعدما رأوا إصرارها وتعبها ونجاح مجموعتها الأولى، بل إنّ كل من كانوا يحذرونها من المجازفة مسبقًا واحتمالية الخسارة في عالم الأعمال وضمان الوظيفة وثبات مدخولها، أصبحوا الآن يدعمونها ويعتبرونها مصدر قوة وشجاعة وجرأة لهذه المهنة التي أكسبتها الشغف وجعلتها تنتظرُ الغد للعمل والتطوير وإيجاد الذات، وهذا ما لم تجدهُ في تطبيق الطب.
صعوبات
وعددّت الصعوبات التي واجهتها بدخولها عالم ريادة الأعمال، ففي عام 2010 الذي بدأت فيه الخوض في فن التصميم وريادة الأعمال، لم يكن هناك ما يسمى جدوى أعمال، كما لم تكن هناك جهة حكومية تأخذ بأيدي الراغبين في السير بطريق الأعمال، لذا فقد كانت تحاول أن تكون حذرة أغلب الوقت متسلحة بالقراءة والاطلاع على كل ما يخص التصميم.
ونفت أن يكون المصمم قادرًا بمفردهِ على تطوير ذاتهِ وعملهِ باعتمادهِ على نفسهِ فقط، مؤكده أنه لابد أن يكون هناك فريق كامل يمكنه من خلالهِ أن يبدع ويبتكر في عملهِ أكثر.
منهجية
وشرحت المنهجية التي يتحدد بها سعر الفستان قائلة: “يتحدّدُ سعر الفستان بناءً على فكرتهِ وتصميمه ونوع القماش المستخدم، والعمل اليدوي فيه من شك وتطريز وغيره، بالإضافة لوجود عوامل أخرى هي سعر السوق وقيمة ساعة المصمم، وقيمة ساعة المنفذ، ولقد وقعتُ في الأخطاء في بداياتي نتيجة عدم احتسابي قيمة ساعة المصمم، فالتغييرات المستمرة التي تطلبها الزبونة للفستان فيها هدرٌ لوقت المصمم الذي لم أكن أحتسبهُ ضمن قيمة الفستان، لكنّي مع الوقت أدركت ذلك، وللمصمم بعد احتساب كل ما ذُكر أن يحدّد لنفسه النسبة بـ المائة التي تناسبهُ ويرى أنها كافية من غيرِ ظلمٍ لنفسه ولا للزبونة”.
مصاعبُ لا تزال
وعبرت أبو السعود عن استيائها من تلك الصعوبة التي لا تزال تواجهها في مجالها، وهي عدم توفر وكالات عالمية في منطقتنا لتوفير العارضات العالميات المتخصصات، فالموجودات الآن هُنّ هاويات أو أجانب، ولذلك فهي تضطرُّ سنويًا في كل كولكيشن جديد أن تسافر من أجل التعامل مع عارضة أزياء مختصة ومصوّر مختص لهذه المهنة أيضًا.
مبدعٌ محظوظ
ووسمت المبدع الآن في عصرنا بالمحظوظ، فالجهات الحكومية بكل من فيها من مختصين وأصحاب خبرة يرسمون له الخريطة للسير في الطريق الصحيح، ويقدمون لهُ الدورات والدعم المناسب، كما تتوفر اليوم مكاتب استشارية لريادة الأعمال تعالج نقص العاملين وتقدم الدعم اللازم لهم.
عام 2020
وعاتبت الإعلام الذي قد يغفل عن تسليط الضوء على الإبداع والابتكارات في هذا المجال، ففي هذا العام 2020 حققت أبو السعود إنجازًا عظيمًا بأن مجموعتها الجديدة ظهرت في موقع أمريكي عالمي متخصص في عرض فساتين الزفاف، حيث يعرض تصاميم المصممين من جميع أنحاء العالم، وقد نشرت خبرًا عن هذا النجاح المشرّف للمنطقة، لكنها لم تجد تسليطًا إعلاميًا عليه.
جاء الحديثُ عن الجمال والتصاميم مع الدكتورة ليلى أبو السعود على منصة المدرب محمد الخنيزي عبر أثير قناتهِ الخاصة بتطبيق الإنستغرام.