المسبح على منصة الشيخ: لهذه الأسباب التطبيق الميداني يوقع معلمي «الخاصة» الجدد في صدمة مؤقتة

وصفَ معلم التربية الخاصة ميثم المسبّح الحالة التي يعيشها معلمو التربية الخاصة الجُدد في الميدان التعليمي بالصدمة المؤقتة إن صحّ التعبير نتيجةً للفارق الكبير بين الدراسة النظرية والتطبيق الميداني من حيثُ استيعاب الطلاب والحالات والمادة المنهجية والخطة العملية والميدان التعليمي.

وعادَ المسبّح بذاكرتهِ لبدايات توظيفهِ قبل تسعة عشر عامًا تقريبًا، حيثُ كانت سنة الدمج وتوزيع الحالات المختلفة على المدارس وتطبيق الدمج بصورة كبيرة على جميع المدارس في الرياض والشرقية والمدينة وغيرها من مدن المملكة، وكان مركز التربية الفكرية بالدمام الذي يعمل به متخصصًا في التخلف العقلي وغالبيتهُ من هذهِ الفئة، وهؤلاء يتمتعون بالقدرة على الدمج بصورة كبيرة، والمتبقي منهم فيما يُقارب الـ130 طالبًا ما بين متعددي العوائق من الصُّم والتخلف العقلي، وجزءٌ آخر منهم متلازمة داون وآخرون طلاب توحّد، وبحكم تخصصهِ الأساسي في الإعاقة السمعية فإنّ تدريسه لمتعددي العوائق من الصّم والتخلف العقلي كان يحملُ شيئًا من الصعوبة نظرًا لكونهِ كان يتعامل مع صُّم يتمتعون بذكاء جيّد وقدرة على الاستجابة والتواصل بصورة طبيعية، وهنا كانت بداية التحدي.

جاء ذلك خلال حوار “تجربة معلّم لذوي الإعاقة” على منصة الإنستغرام لمعلّم التربية الخاصة منير الشيخ الذي استضاف فيه معلّم التربية الخاصة بتخصص الإعاقة السمعية ميثم المسبّح.

وبيّن المسبّح أنّ التوجّه الأول الذي ابتدأه معهم بتعليم المهارات الأساسية جميعها ولكن بلغة الإشارة مع تعزيز مهاراتهِ وإمكانياتهِ كمعلّم لهذهِ الفئة الخاصة جدًا بأخذ الدورات التدريبية، والاطلاع أكثر والاستفادة من تجارب المعلمين السابقين لهُ في الميدان أمثال المعلم حسين حمّاد وبشير العلي وعماد العسيف، لاسيما في الثلاثة أشهر الأولى الصعبة، وكان طاقم التدريس حينها يضم 20% فقط من السعوديين، والبقية من الوافدين.

وذكرَ أنّ تجربتهُ في تعليم متعددي العوائق حملَت الكثير من التحديات، لكونهِ لم يمارس تخصّصه الأساسي في تعليم الصُّم سوى في مرحلة التطبيق فقط، إضافةً لوجود بعض الحالات الصعبة من الطلاب المنسيين إن صحّ التعبير نتيجةَ عدم التصرف الملائم معهم بما يتناسب وحالاتهم، مشيرًا إلى أنه قد صادفتهُ نماذج صعبة على مستوى التعليم الأكاديمي والتواصل والاستجابات.

واستعرضَ المسبّح أساسيات العمل كفريق لفئة التوحّد، ما بين مع معلّم الصف ومعلّم الفنية ومعلّم الرياضة لقياس مهاراتهِ الحركية ومعلّم النطق إن احتاج ذلك، فلا بُدّ من استخدام لغة الإشارة، وتوحيد الأهداف، وتوحيد التعزيز والإشادة والعقاب كذلك، فلا يغيبُ التعزيز والعقاب عند أحد المعلّمين ويتضح عند المعلم الآخر.

وأوضّحَ أنَّ تحديدَ الأهداف لفئة التوحّد يجيءُ بعد قياس السلوك التكيفي، حيثُ يتمّ إخضاع الطالب الجديد للملاحظة الجادة المستمرة لمعرفة حصيلته اللغوية الموجودة والسلوكيات التي اعتاد عليها سواء كانت إيجابية أو سلبية، بالتعاون مع المعلمين لتعميم الهدف المنشود، مبينًا أنه يتم تسجيل قياس السلوك التكيفي والاستقلالي والاجتماعي، ويتم عرضهُ في المذكرة على الأهالي للاطلاع عليها وتقييمها بحسب توافر هذه السلوكيات والمهارات لدى الطالب في منزلهِ أم لا وقوتها وضعفها، منوهًا بأنه من الممكن أن يتمّ ذلك بصورةٍ عكسية، بتعبئة ولي الأمر لها في المنزل، ثم يأتي دور المعلّم بعدهُ، وتعتمدُ الخطة التي سيتمُّ تطبيقها على الطالب ومدى استجابتهِ، ويتّضح نتاج المعلّم عادةً بعد مرور شهرين على الأكثر في تطبيق الخطة وممارستها، فتثبت السلوكيات وتخرج المهارات الأساسية الأكاديمية.

وركّز على أهمية التعزيز بطرقٍ شتى تتنوّع ما بين المادية واللفظية وغيرها، فالاحتضانِ مثلاً هو أكثرُ ما يتناسب من طرقٍ تعزيزية مع أطفال التوحد، فمشاعرُ أطفال التوحّد عجيبة جدًا، وتختلف بالفروق الفردية الطبيعية للتعبير عن الغضب أو الحزن أو الفرح، وإن كانوا يشتركون في سماتٍ رئيسية مثل ارتفاع الصوت والمزاجية لكن طريقة الاستجابة مختلفة.

وشدّد المسبّح على ضرورة أن يكون للأسرة دورها الفعّال في التواصل داخل الحلقة التعليمية، فمن المؤكد أنّ اطلاع ومتابعة ولي الأمر للخطة المتّبعة في المركز ولدى المعلم في التعامل ستحقق الأهداف المنشودة وستخلق الفرق، مبيّنًا أن والدي طفل التوحد يحتاجان للتدريب المنزلي الذي من الممكن أن يكتسباهُ من خلال مقاطع اليوتيوب التعليمية؛ ليتعرفا أكثر على المنهجية والإستراتيجيات التي يطبقها المعلّم في تعليم المهارات فتحصل الفائدة، فالرعاية المنزلية بالأكل والشرب فقط ليست كافية، وليس هناك أعلمُ من الوالدين بشؤون ابنهما التوحدي، ومن أبسط حقوق هذا الطفل أن يتعلّم وتنمى مهاراته من قِبل المحيطِ به من الأسرة والمدرسة أو المركز.

وعبّر المسبّح عن أسفه لما يحصل بحق أطفال التوحّد من خطأ جسيم، حين يتمُّ إلحاقهم بمعلّم خاص دون التأكد من مهارات هذا المعلم أو تخصّصه، فربّما لا علمَ لهُ مطلقاً بأطفال التوحّد كون تخصصهِ مختلفًا عن التربية الخاصة، وبالتالي فلن يتمكّن من تطبيق الإستراتيجيات ودعم المهارات والخطط المطلوبة للاستجابة الفعلية.

وأشادَ بأهمية العمل والتأهيل المهني، فهو مهمٌ جدًا مع فئة التوحد؛ لأنّه ينمّي الجانب الاجتماعي والجانب التواصلي لديهم وتقدير الذات، مؤكدًا أن الدولة حريصة على توفير المراكز الخاصة لهم بما يتناسب وإمكانياتهم.

وفضّل المسبح أن يمتدّ التواصل من قبل المعلّم مع هذهِ الفئة من الطلاب بالخصوص ولو بصورة جزئية بسيطة بعيدًا عن أسوار المركز لتحقيق الاطمئنان النفسي بين المعلم وطفل التوحّد، مبيّنًا أن أطفال التوحّد وغيرهم من ذوي الإعاقة يحتاجون للدعم الكبير من مجتمعهم ومعرفة كيفية التعامل، فهم طاقة عاطفية وإيجابية محفّزة لأسرهم ومجتمعهم حين تُدرك إمكانياتهم ومهاراتهم الغريبة وغير المحدودة.


error: المحتوي محمي