حدثان أمنيان مهمان وقعا في السعودية في غضون أيام قصيرة. عملٌ إرهابي في مدينة سيهات بالمنطقة الشرقية، حيث قتل اثنان من رجال الأمن، بعد أن هاجمتهم مجموعة مسلحة ولاذت بالفرار. والثاني، إعلان وزارة الداخلية السعودية عن “خلية الحرازات” التي ضمت 46 فردا ألقي القبض عليهم، وهي الخلية المسؤولة عن اعتداء الحرم النبوي الشريف في يوليو 2016.
بالرغم من الاختلاف الفكري والمذهبي بين المجموعتين، إلا أن المشترك بينهما هو حمل السلاح، وتوسل العنف طريقا لفرض الأفكار، والخروج على القانون وسلطة “الدولة”.
الإرهاب لا يرتبط بمذهب معين، بل هو سلوك إقصائي تمارسه جماعات ذات تفكير أحادي، راديكالي، لا يؤمن بأحقية الآخر في الاختلاف، أو بالحوار مسلكا للتواصل والتغيير والإصلاح.
الموقف من العنف يجب أن يكون واضحا، دون مواربة أو تردد. لأن خطر رفع السلاح تجاه رجال الأمن والمواطنين، يتعدى الأهداف التي تعلن عنها الجماعات الأصولية، وينذر بتقويض السلم الأهلي، ونشر النزاعات المجتمعية والمذهبية.
على ذات المستوى من الخطورة تأتي مسألة “الطائفية”، بوصفها إرهابا رمزيا وفكري، يؤسس للعنف المادي، ويعطي الشرعية لتكفير وإقصاء المختلف وتدنيسه.
مواقع التواصل الاجتماعي نجدها بعد كل عمل إرهابي في السعودية، تزدحم بكثير من التغريدات المحرضة على الآخر، والتي تسعى إلى دفع مكونات المجتمع المختلفة إلى الصدام فيما بينها.
تغريدات بالمئات في “تويتر” تحرضُ أصحاب كل مذهب على الآخر، وتنسب الإرهاب لمنطقة دون أخرى، وتسائل مثقفي وعلماء الدين في منطقة ما عن موقفهم تجاه الإرهاب الحاصل من أبناء مكونهم المذهبي!. وهي التساؤلات التي تأخذ طابعا طائفيا وعنصريا، من شأنه أن يزيد من منسوب الاحتقان المجتمعي.
المثقفون عليهم أن ينتبهوا إلى لعبة “المُساءلة الطائفية”، وأن لا يقعوا في شراكها. لأنها لعبة تروم الانتصار لـ”المذهب” عوض الانتصار لـ”الوطن”، ويريد أصحابها تقديم ذواتهم وكأنهم اصحاب الفكر والدم النقي!.
إنه لمن الغريب أن يُنسب الإرهاب لمدينة معينة، أو مذهب، أو يطالب أهل بريدة أو القطيف أو الرياض أو أبها، يطالبون بإعلان براءتهم من الإرهاب في كل مرة يخرج فيها أحد أبناء هذه المدن شاهرا بندقيته العمياء تجاه المواطنين، مكررين مواقف واضحة أعلنوها مرارا وتكرارا. كما يشتهي المحرضون في “تويتر”.
إن المنطق الشائع في الشبكات الاجتماعية، منطق شعبوي، غرائزي، يجعل الفرد غريق “الهويات الفرعية” الضيقة.
الرؤية السليمة تقتضي أن نرفض العنصرية والطائفية والتحريض، في ذات الوقت الذي نرفض فيه الإرهاب والعنف. وإلا سنكون مساهمين في إذكاء نار النزاعات، عوض العمل على إخمادها.