في ظل الضائقة المالية الشديدة على الشركات و الأفراد، يراود البعض سؤال مهم و هو: هل الديون (القروض مقابل فوائد)، هي الحل المطلوب؟
الجواب:
لا، ليست هي الحل، بل هي الطريق إلى المزيد من المشاكل مستقبلاً.
و السؤال لماذا؟
الجواب:
عالمياً: الفوائد على القروض تتراكم لأنها تعادل ضعف معدل النمو الاقتصادي، هذا ما يفسر تضاعف الديون العالمية عاماً بعد عام.
على مستوى الشركات: تتعرض الشركات إلى سيل من القروض السخية في سنوات الرخاء بإغراء النمو والتوسع والكلفة المنخفضة للديون، هذا ما يسيل لعاب إدارة الشركات فتقدم على الاقتراض بصور مختلفة كسندات أو قروض لأجل محدد مقابل رهن المبيعات أو مقابل تحويل السندات المستحقة مستقبلاً إلى أسهم يملك فيها الطرف المقرض جزءاً من الشركة المقترضة.
وفي أغلب الأحيان، تقترض الشركة وتوسع نشاطها في سنوات الرخاء، ولكن حين تدور عجلة الزمن ويتعرض الاقتصاد إلى انكماش شديد وتقل السيولة المالية، وتنخفض قيمة الأصول المرهونة، تنخفض معها قيمة الشركة السوقية وتتعرض الشركة المقترضة إلى خيارات الإفلاس أو تكون عرضة للاستحواذ من قبل المقرضين الأساسيين أو الشركات الكبرى بأزهد الأثمان.
والخاسر الرئيسي هو المستثمرون الصغار الذين أعطوا ثقتهم بإدارة الشركة التي غلبها الجشع والطمع بالنمو السريع، فألقت نفسها في مخالب الديون.
أما على مستوى الأفراد: فيكفي أن نرى حال الأسر في بعض البلدان الغنية حالياً وهي في طوابير طويلة على موزعي الغذاء نتيجة البطالة التي بلغت عشرات الملايين خلال فترة تقل عن ثلاثة أشهر.
لقد بنى النظام الرأسمالي اقتصاد الأسر هناك على الاقتراض لشراء البيت والسيارة والتليفزيون مقابل أقساط شهرية مستحقة، لذا حين يتوقف الدخل الفردي كما هو حالياً، يصبح الشخص مفلساً أمام القروض البنكية المستحقة.
و لك أن تتساءل؛ كيف لاقتصاد الدول الغنية الرأسمالية أن يعرض حياة الأفراد إلى خطر الديون والإفلاس؟ والجواب أن الاستهلاك المفرط هو من يشغل عجلة الصناعة والتجارة ويدير الاقتصاد الرأسمالي لتجني الشركات وأصحاب الرساميل الأرباح الطائلة.
لذا فإن الفرد هناك لا يملك من الودائع والتوفير ما يحميه من تقلبات الاقتصاد الرأسمالي القاسية كالتسريح من الأعمال وخسارة الدخل الشهري الوحيد، إن الاغراء بالاستهلاك تحت سيل الدعاية المستمر يجعل الفرد في لهث مستمر لشراء الجديد بشراهة، خاصة في ظل توفر فرص الإقراض الميسر من البنوك.
لذا فإن نصيحتي للجميع من أفراد وشركات أن يتجنبوا الديون (القروض مقابل فوائد)، وأن لا ينساقوا خلف إغراءات المقرضين لأن الزمن يدور والاقتصاد يتقلب والمقرضون لا يقبلون بأنصاف الحلول.
الله الله في أنفسكم ارحموها ولا تعرضوها لوطأة الديون.
أما كيف تتوسع الشركات وينمو الاقتصاد، فهناك طرق أخرى أكثر أمناً وأقل خطراً، نناقشها مستقبلاً بمشيئة الله.