من صباح يوم الثلاثاء من الشهر الكريم ١٤٤١ هجري، اشتدت النفس ألماً وكان حجر يصحبه سيل تدحرج من أعلى الجبال وارتطم فينا عن نبأ وفاة صديق الصبا “الشاب المرحوم خالد الفوير” أبو محمد، رحيله أشعل الذكريات من الصحبة الجميلة التي تحمل النبل الإنساني، وحب الخير وصاحب مواقف مع نبيلة مع أصحابه.
رجل صاحب نخوة وشجاعة، ودع الدنيا بصمت ورحل بهدوء، منذ الصبا كان جارنا في القديح الفريق الجنوبي، وكنا أحياناً نجلس مع إخوته وهو معنا إلى الصباح في الشهر الكريم حتى نرى خيوط الشمس قد لامستنا.
وازدادت المعرفة مع المرحوم في عمل رحلات الصيد للطيور الموسمية، فكان صاحب مهارة وشجاعة في قيادة الرحلات البرية، وبعد الانتهاء من كل رحلة صيد نتوجه إلى السباحة في آبار الماء الطبيعية من عين الرواسية وعين اللبانية وعين ساداس.
ويشتعل فتيل الذكريات حين يحكي الكل أحلامه المستقبلية ونحن جالسين وملتفين حول لعبة الأربعة تربحوا المسابقات الثقافية، ولم يكتف بهذا المقدار من تجهيز الجلسة في بيتهم، بل يستأذن منا ويذهب إلى عمل البطاطس المقلية لجميع الحضور ويقدمها لنا، ونعاود للعب مرة أخرى.
فما أجمل الصبر وشكر النعم من المرحوم التي تحلى بها المرحوم “أبو محمد”، حيث تحلى بالإيمان في ما كتبه الله على العبد، فكان صابرا مؤمنا في قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}، فقد فوض أمره إلى الله فيما كتبه له، فكان المرحوم يغسل الإرهاق والتعب إلى من حوله بروحه المرحة والشجاعة والعطاء.
سجل المرحوم أبو محمد صوتاً له صدى بالكرم والشجاعة والخلق النبيلة، الموت هو حقيقة مطلقة في الحياة، مصير كل شخص، مشاعر الحزن تكون قوية خصوصاً على الأقرباء من الفقيد، فنحن ودائع في هذه الحياة نسير فيها ولا نعلم متى يسترد الله الوديعة، أسأل الله العلي القدير العلي القدير أن يربط على أبناء الفقيد وعائلة الفقيد بالصبر والسلوان، ويسكنه فسيح جناته، بصلاة على محمد وآل محمد.