وأخيراً تصاعد الدخان الأبيض من القطيف

‏اعتاد الكاثوليك على طقوس الدخان الأبيض أو الأسود المرافق لانتخاب بابا جديد ليتزعم المسيحيين الكاثوليك حول العالم، فخروج الدخان الأبيض‏ من سقف كنيسة سيبستينا في روما مؤشر على نجاح العملية الانتخابية لبابا جديد للفاتيكان، وخروج الدخان الأسود دليل على عدم الاتفاق بين الكرادلة!

العجيب أن البطاقات الانتخابية التي يستخدمها الكرادلة تحرق بعد الاقتراع في المجمع البابوي وتخلط مع الزنك والكبريت ليكون الدخان أبيض ‏أو استخدام المواد الكربونية لجعل الدخان أسود في حالة فشل الانتخابات، ويكون الحرق في موقدين حديدين‏ ‏موصولين بمدخنة عالية في أطراف الكنيسة بحيث تكون ظاهرة للجمهور في الخارج انتظاراً للفرج ومعرفة نتيجة الانتخابات البابوية!

ولكن في القطيف ‏وبعيداً عن الكنيسة لا يخرج منها ولا يعرف أهل المنطقة إلا الدخان الأبيض الذي يدل على أن الفرج دائماً أمامهم، وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله هو ديدنهم.

إن الدخان المتصاعد من القطيف كما أسلفنا هو دائماً أبيض اللون ليقين ‏أهل المنطقة بأن الله لا يضيع العبد وقت الشدائد والمحن والمصائب، فتصاعد الدخان الأبيض في القطيف لا يحتاج إلى بطاقات انتخابية من الكرادلة وخلطها مع الزنك والكبريت وإن كانت القطيف تدين بالمسيحية النسطورية ‏التي تعتبر أن المسيح هو بشر (جوهر إنساني) يوحي إليه (جوهر إلهي وهي الكلمة).

وإن مريم ابنة عمران العذراء هي أم لنبي الله ‏عيسى عليه السلام، كما أن التفاؤل واليقين في الخلاص من المحن ‏موروثة من راهبهم في دارين (جزيرة تاروت)، الذي بشر بقرب الفرج وخروج النبي محمد عليه الصلاة والسلام وعلامات النبوة بين كتفيه، بينما غيرها غارق في الجهل ‏والوثنية تعبد اللات والعزى ‏وهبل.

في القطيف لا تحتاج إلى موقد حديدي بل لديها ‏الكثير من الفخاريات والنحاسيات الدلمونية التي يصنع منها ماء الزهر وزيته، بالإضافة إلى البخار المتصاعد كالدخان الأبيض ‏النقي الخالص من ثاني أكسيد الكربون.

وقد قالت الأسطورة السومرية إن دلمون هي المثال الكامل للحضارة وإنها المكان المناسب للحياة الأبدية، ‏هذا غير زهرة الخلود التي قطعها “جلجامش” من أعماق الخليج ليسعد بالخلود في دلمون المقدسة بعد بحث وعناء طويل.

نعم تصاعد الدخان الأبيض من القطيف الحبيبة إعلان بخلوها من المرض، والتي هي تتابع للأسطورة “إنكي وننهرساج”، لتؤكد قدسية أرض دلمون الطهور التي لا يفترس فيها الأسد ولا ينعق فيها الغراب، إذ يعيش الإنسان فيها حياة خالية من التعقيد والأوجاع والأمراض.


error: المحتوي محمي