بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، باسم الله على ديني وأهلي ووطني، باسم الله الكهف الحصين، وغياث المضطر المستكين، “والحمد لله الذي يؤمن الخائفين”، ربِ إنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين.
طال الفراق وضاقت علينا الأرضُ برحبها، واشتاقت القلوب لأحبتها، ورُفِعت أكفُ الدعاء في بقاع الأرض تضرعاً وخيفة، يرجون الوصال ولم شمل الأحبة، وكشف الضر ورفع البلاء ولباس الصحة والعافية.
تغيرت أحوال الوجود بين رياح وأمطار وعواصف وكأنما الكون كله سُخِر لأجلنا وكأنما عناية الله تحيطنا من كل جانب، كيف لا وهو الذي “أقرب إلينا من حبل الوريد”، كيف لا وهو الذي “إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون”، وبعد قرابة الـ 40 يوماً من البلاء، نامت العيون الراجية لرحمة الله، الموقنة بالفرج القريب، واستيقظت على النبأ السعيد “رُفِع الحجر جزئياً وأبشروا بالفرج”.
سجد الوجود لله شكراً، وازداد الحنين، وحان الوصال، وهرولت القلوب الوالهة، قفوا لحظة هُنيئة! مهلاً أيها القلب المهرول لوصال الأحبة كالفراش المبثوث، والخارج من المنازل كالجراد المنتشر، هكذا صاح جرسُ إنذار فطرة العقل متسائلاً: هل زال الخطرُ حقاً؟ أم رُميت الكُرة رميت علينا؟! وهل رفعُ الحظر يعني زوال الخطر؟!
للتو أنعش اللهُ قلب الوطن، فكُن حذراً يا ثمرة فؤادي “وابن الوطن” ولا ترمي “بتوصيات وتعليمات أهل العلم” وراء ظهركِ، نعم رُفِع الحظر ولله الحمد وشكراً لتلك الجهود العظيمة، والجنود المجندة المعروفة والخفية، شكراً لكل الصامدين في الميدان، والذين كاد أن ينهكهم التعب لولا أن “ربطنا على قلوبهم”.
نعم رُفع الحجر ولكننا ما زلنا بحاجة لأن نحذر، فما دام الخطر ما زال موجوداً ومحيطاً في الوطن نحتاج أن نحذر، لأننا جسدٌ واحد نتأذى إذا تأذى سائره، أُذِنَ بالخروج ولكن علينا أن نأخذ التعليمات بعين الاعتبار ونتعاون على استمرار السلامة والوقاية من الخطر، فقطيفنا ما زالت في فترة النقاهة، ولن نقر ونطمئن حتى نرى كل الوطن قد قام بالسلامة.
نعم، فهناك من عمِل وما زال يعمل، بل وسخر كل شيء لأجلنا، ونحن أبناء الوطن كلنا ما زلنا “مسئولون” ما دامت “كرة المسؤولية” في ملعبنا، نعم فنحن مسؤولون “يد وحدة ما تصفق”.
أُحد والكارِثة!
قال تعالى: {… حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا..} “24 يونس”.
ذكرني ما يجري “بمعركة أُحد”، حين ظن المسلمون أن النصر قد حصل، فانتشروا يجمعون غنائم الفرح، وتركوا تعليمات النبي الأكرم (ص) ظناً منهم بأن الخطر قد زال، ولكن ماذا حصل؟!
لستُ أبثُ المكنون لأرعب البشر، وأفسِد الفرح، ولكن لـنتواصى ونذكر بعضنا البعض بمواصلة الدرب، والحذر كي لا نندفع فنقع في الخطر، لنأخذ “العِبرة” كي لا تكُثر “العَبرة”، نحن نريدها فرحة تامة وصحة وسلامة دائمة تعود فيها الحياة لطبيعتها، فنخرج عندها دون خوف أو حذر.
وها نحن ضيوف الرحمن في هذا الشهر العظيم، لنكثر أحبتي من الصدقة لدفع البلاء وإطفاء غضب الرب.
ربِ احمنا واصرف عنا كل سوء يا رب، خرجنا من حولنا وقوتنا ولجأنا لحولك وقوتك، فاحفظ “أمي القطيف.. وأبي الوطن” من كل سوء يا لا إله إلا أنت، يا خفي الألطاف يا ولي الأعراف نجنا مما نحذر منه ونخاف بحق محمد وآله الأطهار، واكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحضوره وعجل لنا ظهوره، إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً برحمتك يا أرحم الراحمين.