أيها المؤمن إن هذا الشهر ليس للنوم والكسل والتلذذ بأنواع الأطعمة، وإنما هو شهر عبادة كما قال النبي (ص): “شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامته أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب…”.
ويقول (ص): “لَو يَعلَمُ العِبادُ ما في رَمَضانَ لَتَمَنَّت أن يَكونَ رَمَضانُ سَنَةً”.
هو شهر كريم من كريم لا نهاية لكرمه عز وجل، ولذا نلحظ الإمام السجاد سلام الله عليه الذي يعرف قدر هذا الشهر الكريم وأهميته من بين الشهور يقول:
“السَّلامُ عَلَيكَ مِن قَرينٍ جَلَّ قَدرُهُ مَوجوداً، وأفجَعَ فَقدُهُ مَفقوداً، ومَرجُوٍّ آلَمَ فِراقُهُ”.
فالذي يعرف هذا الشهر ومقامه هم أولياء الله المخلصون، وأما البعض الآخر من الناس، فاتخذوا هذا الشهر للأنس والسهر والراحة والاستجمام واللعب مع بعضهم البعض، وغفلوا عن عطاء هذا الشهر، فترى البعض منهم يسهر الليل وينام في النهار، ولا يؤدي صلاة الظهرين إلا مع صلاة المغرب!
أيها المؤمن اعلم أن هذه الفريضة أعظم منظِّم لحياتك العبادية، التي تشدك إلى خالقك لكن إذا لاحظت الشرط الأساس فيها وهو: “نية التقرب إلى الله تعالى” حيث لا يُقبل أي عمل دونها، بل يجب أن تُؤدى خالصة لله وبلا ضميمة أخرى إليها، ولا شك أن الإنسان إذا أدخل معها أي ضميمة أخرى أو قصد آخر، فقد فَقَدَ العمل قيمته العبادية مهما كان كبيراً، ولو بمستوى بذل النفس؛ لأن الأصل في الإسلام أن قيمة العمل تنشأ من الدوافع التي ينطلق منها العامل لا من المنافع التي ينتجها العمل روي عن النبي (ص) أنه قال: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى” وتقترن النية مع المحافظة على تأدية بقية العبادات لتكون أيها المؤمن عبدا خالصا لله تعالى.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين…