الوقت يتسارع، والظروف تمرّ بأكثر من حالة استثنائية، مما يتطلب وعيًا وطنيًا واجتماعيًا يعززه تفعيل الواقع العملي لمفهوم التعاون والتعاضد والتآلف، فالعالم لم تمرّ به – منذ عشرات السنين – أحوال كالتي تمرّ بها المعمورة حاليًا جرّاء الجائحة التي تأثرت بها مختلف نواحي الحياة في الكوكب الأخضر.
والشواهد في حجم الزخم الإعلامي تغني عن كل تفصيل، فأغلب معالم الحياة تحولت إلى التواصل والتفاعل عبر الواقع الافتراضي الذي يُعدّ إحدى النعم الكثيرة التي وهبها الله لبني آدم، وهم يعيشون بداية الدخول إلى مرحلة علمية وتكنولوجية غير مسبوقة، عبر إرهاصات الثورة الصناعية الرابعة.
وإن واقع ما طال المؤسسات التعليمية من آثار فرضت التعليم عن بعد كواقع جديد، هو أمر جديد أمام أجيال هذه المراحل الدراسية، ومع أنّ هذا النوع الجديد من التعليم لم يعهده المتعلمون ولم يألفوه، لكن مع ظروف هذه الجائحة، لابدّ من تذكر نصف البيت الشعري «وما حيلة المضطر إلا ركوبها».
وبعد ما قامت به وزارة التعليم من إعداد مجموعة من الخطط الإجرائية فيما يتعلق بالتقويم والاختبارات، جاء تأكيد «الوزارة» بأن تلك المعايير ستكون عادلة في حق الطلاب، وهو ما يفترض أنه يحقق بعض الاستقرار النفسي لأبنائنا وبناتنا من الطلبة والطالبات في مراحل التعليم العام وكذلك التعليم الجامعي وما يرتبط بذلك في الكليات المتنوعة.
لكن الحجم الأكبر من الضغط النفسي يقع على طالبات وطلاب الثانوية الذين يتخرجون خلال هذا الفصل الدراسي، حيث إنّ مرحلتهم هي المرحلة الأكثر حسمًا في حياتهم الدراسية، وهم بحاجة ماسة لأن يعرفوا الدرب الذي سيمرون فيه دون ضغوط نفسية.
وهنا رسالة توجه إلى مقام وزارة التعليم التي تقدم في مثل هذه الظروف الاستثنائية جهودًا كبيرة ومتميزة، لكن لسان حال الطلبة والطالبات، في المستوى الأخير من المرحلة الثانوية، يناشد «الوزارة» وضع اعتبار خاص يطمئنهم حول اختباراتهم التي جاء تأكيد «الوزارة» باعتماد أجندة الاختبارات النهائية التي أقرّت، ما لم يحدث أي تغيير آخر، وليت «الوزارة» تنهي هذا الملف كما قامت أغلب الجامعات بالإعلان عن ترتيباتها لهذا العام الدراسي.
أما الرسالة الثانية، فهي إلى هيئة تقويم التعليم والتدريب، حول الاختبار التحصيلي الذي تم تأجيله عن موعده السابق، وهنا الطلبة والطالبات بحاجة إلى رسائل إيجابية واضحة تساعد على تهيئة العوامل النفسية لديهم وتدفعهم باتجاه تحصيلهم الدراسي، إذ لا يمكن مساواة حال أولئك الذين كانت الظروف أمامهم طبيعية مع هؤلاء الذين يعيشون قلق هذا الواقع الاستثنائي الحرج من أبنائنا وبناتنا.
وتبقى الرسالة الثالثة، إلى جامعاتنا السعودية، حيث تجري الخطط المتعلقة بقبول الطلاب الجدد غالبًا وفق نظام النسب الموزونة التي تعينها كل جامعة حسب كل مسار تعليمي، وهنا يحتاج الأمر أيضًا إلى رفق وتشجيع الطالبات والطلبة مبكرًا، عبر تيسير عمليات الانضمام دون مبالغة في النسب التي تجري زيادتها عامًا بعد عام.
إننا في مملكة الإنسانية التي يحظى الجميع فيها بكل مستويات التشجيع والدافعية التي توفر الاستقرار النفسي والمعنوي، بما يعين بناتنا وأبناءنا على تحقيق طموحاتهم وأهدافهم التعليمية.
المصدر: آراء سعودية