حالة تمرد

أحييك أيها الساهر ليلا مع فلسفة العشق والقلم فالليل أبو الأسرار ومطلب أي عاشق وكاتب, تأبطت ورقتي قبل فجر هذا اليوم وانزويت في مكتبتي بعيدة عن الضجيج, فلدي من البوح الطافح بالكثير من ألمي ما عساي أقول أكثر مما قلت, ولكني سأحتسي قهوتي في رواق مكتبتي حيث قررت أن أغير عادات يومي أن أستيقظ دون شربها فما استطعت ذلك, لا علينا حيث يجاذبني هوى القطيف بقوة هذا الفجر وتزداد جمالا يوما بعد يوم,ويزداد عشقي لها حيث أشعر بها تسكن روحي ولا أخجل أن أخاطبها بلقب معشوقتي.

في لحظة من الدفء الجميل أذوب عشقا في صوت مدينتي ويجتاحني حبها بكل مفاصلي,ومن أجل القطيف أمارس لغة عذبة هامسة تبعث مع كلمات الحزن سعادة و جمالا, عفوا يا قارئ العزيز هكذا هي حروفي السمراء تنضج كلما زارتني حُمى البوح, أمور كثيرة توجد في خاطري أريد أن أبوح بها وأحكيها, ولكن المشكلة أنني عاجزة عن القول فأنت أيها القارئ ممنوع من إبداء الرأي والتعبير وربما التعليق دون إذن ولأكتفي بهذا التلميح ولن أزيد, حيث إنني في حالة تمرد ومع ذلك يسرني حضورك هنا وتعليقك أعتز به.
أغمضت عيني لأمسح آثار ليلة من الأرق شعرت حينها بغيوم المشاعر تحيط بي, وأسأل الله من هذا المقال لأنه ممنوع أن تبدي رأيك حتى لو من خلال مشاعرك وأحاسيسك, دع حرفي يتبعك وأنت تقرأه قد تصل إلى سره, وأعذرني إن أرهقتك فلسفتي لكنك سوف تتمتع بها حتى النخاع, وبدأت أعي بعض الأمور سألت نفسي بعض الأسئلة وعادت أسئلتي تتكرر وتلح ولعلني أفهم من تكرارها الحياة أكثر.
ما الذي يختبئ وراء مقالي هذا؟ بالطبع هناك تمرد قوي يمارس سلطته على مقالي لحظة شروعي بكتابته, وتداهمني الحيرة كلما انتهيت من كتابة فكرة وترافقني الحيرة أيضا كلما داهمتني فكرة أخرى, وعندما أكتب أحاول من خلالها نقل الشحنات الجميلة التي في دواخلي بعض المقالات التي فيها خفايا وأسرار واجعل القارئ شريكا لي في تمتعي بهذه الرحلة الفكرية, حيث تتوهج مشاعري بين ضلوعي وتكون دهشتي بمشاعري الصادقة لا تتوقف عند قلبي فقط.
سيكون للقطيف حديث الذاكرة, لحظة شرود مباغتة أخذتني الفكرة لرأس القلم وكتب عني, فلدي بعض الخجل وبعض الجرأة وبعض الاختباء بين شقوق الفجر, حيث رحل القمر وبدأ الفجر يقترب من الأرض واعدا إياي بالعودة لي, حتى تتبلور لدي الأفكار وتتضح المعاني الساكنة بداخلي لأنثر حبري على أوراقي المترنحة وبداخلي سؤال : إلى متى سأمارس القمع لمشاعري فأنا هنا على حافة التمرد, لحظة يا قارئ ما لك قد أدرت وجهك عني فالتمرد موهبة لا تتوفر للجميع, والتمرد أيضا لا يفنى ولا يستحدث ولكن يتغير من شكل لآخر سأواصل الكتابة والتمرد لعلني سأدمنه حد الإتقان, ومع هذا الاعتراف النبيل لابد لي من أن أشعر بمرارة شديدة لها وقعها السلبي على قلبي, ولكني أتوقع مع نهاية مقالي سأكون أكثر إيجابية وأحاول أن أتخلص من تمردي هنا.

لقارئي العزيز أن يعرف إنني أقدم إليه في هذا المقال من الإيحاءات أكثر مما أقدم من المعاني الثابتة, و هنا أدعوك بل أرجوك أن تجرب استيعابها, من هنا تراني استلهم كلمات وأفكار جال بعضها في صدور غير صدورنا, وعذري في ذلك إنني أؤمن بعقلية القارئ وألتمس فيه سعة الخيال, أقول ذلك وذاكرتي تعج بالكثير من البهاء الثقافي,أحاول أن يعتلي مقالي سحب السماء واغرق معه في تفاصيل التفاصيل, حيث المقال القوي هو الذي يترك صداه في فكر القارئ ويترك عطره في سمائه دون تبخر, أحاول أن أجذب القارئ كي أبقيه عالقا في شباك مقالي.

وأنا أكتب أقرأ بصوت أقرب إلى الهمس قد يلفني الصمت بحضور قلمي وورقتي, أحمل في جعبتي كنز من الذكريات ويدعمني حب أرضي وعرضي, أدرك أسماء تصعد وأخرى تتعثر, ولم تبدل معدني الأوسمة والشهادات التقديرية, أعيش بضمير حي وقلب أبيض وحب الناس , هناك قصص وأسماء وأحداث وهناك كلام يباح وسر يكتم, وحديث قد أعود لأكتبه ذات يوم و أشعر بان العالم أسرة واحدة والكلمة بيت دافئ, يبدو إنه هرمون المحبة يرسم التواصل وله باع في سوق المقال, وفي كل مرة أكتشف فيه مخاضا إنسانيا وهالة فكرية رائعة تتخندق في ثنايا المقال.

هناك نماذج بشرية يمكن أن تشكل عائلة قطيفية بسيطة مثلي, تمثل شريحة اجتماعية تحكمها مجموعة من العلاقات ذات أبعاد رمزية بأفكار وقيم رائعة تشغل الإنسان بالوجود والحياة, حيث أعايش نماذج وشخوصا وأحداثا غير ورقية أراها بالقطيف من حولي, هناك وجوه تتحدث بالأماني والأمل وفيه من يبتسم ويتبسم وآخرون ينهكه القلق وتجاعيده, أعتقد إنك أدركت إن التمرد لا يمت بي بصلة هذا رأيك المتواضع أشكرك عليه.
خطر ببالي جميع عناوين وأسماء رافقت سنوات عمري واحتلت ركنا لا ينسى من ذاكرتي , لأستعيد بعض هدوئي والقلق الذي لازمني وكأنني تلميذة تخوض امتحانا لأول مرة وقد تبخرت أفكاري, حيث أحتسي القهوة تلك الوحيدة التي تستعبدني وتلازمني حتى ينتابني الحرج بلا أدنى مبرر.
لا أعرف ما الذي أرغب بكتابته هنا فأفكاري تتطاير, رغم إني كتبت مرارا وتكرارا لا أظن إن هذا المقال يحتاج إلى تعليق أو تعقيب, لنعتبر كلمات مقالي أصداف في قاع البحر بحاجة للغوص لانتشالها دون تنسيق ,وستلاحظون بسهولة إن مقالي غير منسجم ومشتت سأترككم مع هذا المقال المبعثر جدا والذي يأبى إلا أن يظهر نفسه علنا وللملأ , أعذروني أحاول أن تعتلي أفكاري وعليك تذكره بأن تسمح لوقع تلك الكلمات وكأنها جنيهات ذهب في وزنها أو أحذية بالية =عفوا= في قيمتها فليعذرني القارئ لتمردي الغير مألوف.
ماذا تقولون عن ذاكرتي إنها قوية أعاني منها كثيرا أريد أن أفقد الذاكرة للحظة واحدة وأن أنسى من أنا, تلك فضفضة مع نفسي أو إحدى فقرات مذكراتي التي اعتدت كتابتها حيث أكتب أشياء تعيش بداخلي وتسكنني, كنت قد اخترت عنوانا لهذا المقال تحت عنوان حروف سمراء بلا عنوان إلا أنني وبعد الانتهاء من كتابته قررت أن يكون عنوانه حالة تمرد خوفا على القارئ من التيه والضياع بين السطور, وقد لا أكون أنا المعنية بما جاء هنا ولكني سأكون البطلة.
إن ما يدمي القلب يدمي القلم ألا توافقني الرأي أيها القارئ إن السؤال قد يعني الخيال , أحاول أن أتجاوز التصنيف إلى ما هو أفضل وأن أهتم بما سأكتب لاحقا, وأجد نفسي محرجة في بعض الأحداث وحتى في بعض المقالات, حتى إني أقول صادقة أخفقت في بعض الجوانب من الكتابة قد لا يلاحظه القارئ, وفي ذات الوقت لا أستعين باستجلاب عطف القاريء من خلال بعض المقالات الحزينة, هكذا أنا أحلم بسماء أشد زرقة وبياض رغم بكاء البراءة هنا.

يا عزيزي القارئ أشعر إني سأفقد شيئا أكبر مني وأخشى ما أخشى أن أخشى إني فقط أهذي! يا إلهي أخشى أن أفقد حيائي في زمن تجرد أصحابه من الحياء والعياذ بالله, هناك الكثير من الأشياء في حياتنا لها معزة خاصة عندها تقدير بداخلنا, ومن شدة تمسكنا بها أخشى أن يأتي يوم ونفقدها, أخشى أن افقد الحب والقدرة على العطاء في حياتي.
دعوني أصرخ لوحدي إحساس عميق بالتأمل الحقيقي لهذا الوجود المجاني, لحظة يا عزيزي هل بكيت يوما من خشية الله وخفت فقد حبه سبحانه؟ حتما سنخسر الكثير عند فقدنا حب الله لا سمح الله, لنحافظ على ذاك الحب بالتوبة والمغفرة الصادقة ومجاهدة النفس.
هناك إحساس غامض يأخذني من زاوية لزاوية, ويضغط بكل قواه على حزن يكاد يخرج من صدري ويلف جسدي ويصرخ,هناك ذكريات لم تعد مجرد ذكريات عابرة وتسرق من ليلي سكونه, ألا توافقني الرأي في إن تفاصيل التفاصيل تجعلك لا تصدق بسهولة إنك أمام واقع خيالي, أريد أن أكون ذاتي بكل إحساسي وأرضى عن نفسي , فالحياة مليئة بالعثرات والحجارة أحاول أن لا نتعثر بها.
إحدى صديقاتي حذرتني كثيرا من الكتابة قالت لي حينها إنها مرض لا يمكن الشفاء منه, لم أصدقها وقتها فاضطررت للكتابة سرا وتحت إسم قوت القلوب إرضاء لغرور قلمي, وها أنا ناسكة في معبد الكتابة الفلسفية حيث أعشق هذا النوع من الكتابة وحتما ستكون لي صلاة مطولة في محراب الكتابة فقليلا من الصبر معي, سأحاول أن أكتب مقالات جميلة تشبه الحياة فالحياة بالنسبة لي جميلة تسعدني وتقلقني أيضا, لذلك أقول بصوت مهموس أكثر وأحب التركيز على هاجسي كصاحبة قلم أكتشف بساطتي وعفويتي من خلاله إلى الجانب الجرأة الأدبية, وأدرك إن ثقافة المرء تعلمه كيف يحافظ على مشاعر غيره,اعتبرها يا قارئ فلسفة واقعية تتجسد بكلمات سردية حميمية رشيقة وما دمت ضيفي هنا حتما تستحقها ,وأنا بدوري أعانق كلماتي سماء الإبداع.
كان لابد أن تخرج الأصوات الحرة من عقالها لتعبر عن مشاعرها الصادقة بأسلوب ليس من الضرورة به تمرد كما جاء هنا, وهنا لن أتجرد من أنوثتي حيث ألبس عباءة الإنسان, فلكي نحب لابد أن نعرف جيدا ماهية الإنسانية داخلنا, وفي مرحلة متقدمة من الإنسانية فقط نقوى على الحب.
أيها العائد من زمن البوح الجميل لننسى مواجعنا وأتمنى أن يمن الله علينا بما ينسينا تلك المواجع لتزدهر قلوبنا أصواتنا ولا تشيخ,وأنا اليوم وبعد ذلك العمر الممتلئ لم يعد يعنيني إثبات شيئا لأحد, يكفي مقالي هذا بحروفه وحبره الأسود خالي من الحقد والكراهية والنفاق, ولن أحاول أن أكون ضحية قلمي وأشاركه في فكرة لمصلحة شخصية أبدا.
شكرا لقبولك تمردي بين سطوري وأنا أعتقد إننا عندما نتقن الوجع نتقن الكتابة ويتقننا التمرد, ليس بالضرورة أن أقع في حالة حب أو كره لأكتب, ليس صعبا أن نتمرد ولكن الصعب أن نكتب بمثل هذا الإتقان من التمرد, فقد بتنا ندٌعي الإنسانية وهي براء منا, ولا نجد غير صوت الحقد والأنانية والكره أين الحب من الناس, وأنا أكتب أجد تشخيصا لأنانية متفردة في بعض البشر.
أنتظرك لاحقا يا قارئ هنا بابتسامة هادئة كعادتك, أردت أن أنهي الحديث مشيرة بالاكتفاء, لك حق في الإقامة هنا مجانا وأنا في رحلة سفر مع قلمي الذي تمرد علي وتوقف عن الكتابة فجأة.


error: المحتوي محمي