العمل الخيري.. المؤسسية بديل

ظل العمل الخيري في كثير من البلدان ومنها بلادنا لسنوات يتسم بالفردية والمبادرات الشخصية باعتباره عملاً إيمانيًا نابعًا من الشرع الحنيف الذي أمر المؤمنين بالتكافل والتعاون والإيثار، وأن يحب المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه، وأن لا يبيت مؤمن وجاره جائع..

ومع نمو المجتمعات، لم يعد العمل الفردي ملائمًا لهذه المرحلة، بل غدا التوجه نحو مأسسة هذا العمل ضرورة تقتضيها المرحلة وبذلك بدأت بعض الجماعات والأفراد ينادون لتشكيل الجمعيات الأهلية الخيرية والتطوعية التي تحكمها أنظمة ولوائح داخلية ويتم تسجيلها لدى الجهات المختصة وصولاً إلى ما هي عليه الآن من المؤسسية والانتشار والتنوع والشمول النوعي والجغرافي بحيث تنتشر الجمعيات الخيرية والأهلية والتطوعية المتخصصة في كافة المجالات وكافة المناطق الجغرافية في المملكة لتلبي احتياجات المواطنين، كما أنها تلبي حاجة المدن والهجر والبادية بفضل من الله ثم بما تلقاه من عناية ولاة الأمر وبما يضربون من المثل والقدوة بأنفسهم من البذل في أبواب الخير ليقتدي بهم المواطنون الذين أثبتت الوقائع دائمًا حرصهم على أداء واجبهم الديني والاجتماعي والوطني، كما يتجلى ذلك باتساع دائرة المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات تجاه الفئات المحتاجة وتعمق هذه الثقافة وانتشارها، كما يتجلى أيضًا في النهج العلمي الذي تنهجه هذه المؤسسات والجمعيات التي أصبحت تقودها اليوم وجوه شابة تحرص على تحقيق أهدافها بالسبل العلمية والتقنية وإدارة عالية للوقت والجهد والاستثمار الأمثل للموارد من جهة والمحافظة على حقوق المستفيدين وكرامتهم وحصولهم على الخدمة دون عناء أو تكلفة.

ومن يطلع على عناوين أوراق العمل المقدمة للقاء السنوي الرابع عشر للجهات الخيرية الذي عقد هذا الأسبوع في الدمام، برعاية سمو أمير المنطقة الشرقية، وأسماء المشاركين من الباحثين والأكاديميين وأعداد الجهات المشاركة من المنطقة وخارجها، وكذلك محتوى المعرض المصاحب، الذي يضم العديد من التجارب الناجحة بقصد التعريف بها والاستفادة منها من قبل الجهات الخيرية واستنساخها في مؤسسات جديدة مما يعمم الفائدة ويعظم منجزات هذا القطاع الاجتماعي الحيوي الهام. وإذا كان التحول نحو التنمية الاجتماعية بديلاً للمساعدات المباشرة هو طابع هذه المرحلة من العمل الخيري محليًا وعالميًا، فإن عقد اللقاء تحت عنوان «العلاقات العامة والإعلام في العمل الخيري» يأتي في الوقت المناسب باعتبار هذا الدور مؤثرًا في تحقيق التحول المنشود، وفي جميع الأحوال فإن العمل الخيري يؤكد كل يوم دوره الهام في تحقيق التنمية الوطنية الشاملة باعتبار التنمية الاجتماعية إحدى ركائزها الأساسية وهي كذلك أحد ملامح خطط التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 والتي تتوالى بشائر تحقيقها يومًا بعد يوم.

اليوم


error: المحتوي محمي