الأسد الجريح

قلمي العزيز انفض غبار هجرك لقرطاسك، واحلل عقدة صمتك، واجعل الحبر ينقاد طوعاً لأناملك.

اكتب ما يُصلح ذاتك، وما يرضي ربك، دون خوفٍ ولا كللٍ ولا ملل، اكتب تلك الحقيقة التي أطمست، والروائع الباهرات التي هُمشت.

اكتب عن من أضاع بالتسويف والتشويق أعمارنا، عن من أشغلنا عن نعيمِ وجداننا، عن من جعلنا ننسى قيمنا وأهدافنا والعلةَ من خلقنا، عن الذي جعلنا نواكبُ جهلنا، ونتسارعُ إلى أهوائنا ورغباتنا.

اكتبُ عن أولئك الذين انشغلنا بهم عن إيماننا، عن أولئك الذين احتلوا الجزء الأكبر من وجودنا، عن أولئك الذين رفعناهم بجهلٍ منا حتى اعتقدوا بأنهم أفضل حالًا وأعلا شأنًا منا.

يا ترى أين هم الآن؟! لم لا أسمعُ لهم حثيثًا ولا نجوى، حينما ضاق بنا الفسيح، وأصابنا الهمُ والغم، حينما آلمنا مرضُ عزيزنا، وأبكانا فقد حبيبنا.

أوليسوا يرون أننا كُنا مخلصين لهم، وداعمين لمصالحهم، أين هم يا ترى..؟! هل هم بعيدون عنا فلا يسمعون، أم قريبون منا فلا يُجيبون!؟

أهم عاجزون حقًا، أم خائفون؟! أم أن مصالحهم لا تقتضي ظهورهم، أم أنهم اختبأوا حينما نهض الأسد الجريح!؟

نهض ليُسكت أفواههم، ليثبت عجزهم في معركة الحياة الحقيقية، نهض ليجعلنا نميز كل ما هو مهم، نهض ليخبرنا أنه لن يتركنا، بل لن يخذلنا، رغم أننا استهنا به، وحسبناه عن نفعنا عاجزًا، نهض ليخبرنا أنه لن يموت بل هو كالقيامة آتٍ.

نهض ليجعلنا نعيد حساباتنا، لنسأل أنفسنا، أين وقتنا الذي ضاع هباءً منثورًا؟!، أين شغفنا بفنهم وسحرهم؟!، أين تسويفنا الذي أضاع أعمالنا وأعمارنا؟!

نهض لِيُنعش آمالنا، ويجدد أحلامنا.


error: المحتوي محمي