استضاف منتدى الخط الحضاري ضمن موسمه الثقافي الحالي الذي شهد العديد من المحاضرات والأمسيات الأدبية والثقافية؛ الدكتور سعيد بن عطية أبو عالي مدير عام التعليم بالمنطقة الشرقية الأسبق ونائب رئيس النادي الأدبي بالمنطقة سابقًا في محاضرة بعنوان “ذكريات وتجارب”.
المحاضرة أدارها الشاعر مصطفى أبو الرز عضو اتحاد الكتاب والأدباء العرب وحضرها جمهور غفير من الأدباء والمثقفين والمفكرين والتربويين، وبدأت بكلمة راعي المنتدى فؤاد نصر الله الذي رحب بالضيف وبالحضور جميعا.
وأوضح مدير المحاضرة أبو الرز الدور الريادي الذي يقوم به المنتدى وغيره من الفعاليات الثقافية بالمحافظة، منوهًا بالدور الإيجابي الذي يقوم به المنتدى والذي يؤكد المكانة المهمة للمحافظة في مجال الفكر والثقافة والأدب وأنها المكانة التي عرفت بها منذ مئات السنين؛ حيث كانت ولا تزال – كما وصفها مدير الأمسية – واحة للأدب والثقافة كما هي واحة للنخيل والخضرة والماء والوجه الحسن.
وأشار إلى أن موضوع المحاضرة باعتباره حديثًا عن السيرة الذاتية فهو من الموضوعات المهمة التي لم تنل حقها على المنابر وفي المناسبات على أهميتها في تجسير العلاقة بين الأجيال ونقل الخبرات والتجارب الإدارية والتربوية وحتى الإبداعية والأدبية وغيرها، فيما بينها وهو الموضوع الذي يستحق المزيد من الجهود سواء في التأليف في مجال السيرة الذاتية أو بالحديث عن التجارب في المنابر والمنتديات الثقافية، داعيًا الرعيل الأول من أصحاب التجارب إلى تدوين تجاربهم لتستفيد منها الأجيال.
وفي حديثه عن الدكتور أبو عالي أكد أبو الرز على عصامية الرجل وقوة إرادته وتصميمه ودلل على تميز هذه الشخصية بعدد من المناقب والقبم العليا؛ في مقدمتها الوطنية والانتماء والإخلاص والريادة في الأفكار التربوية والإدارية وإنجازاته التي تؤكد انتماءه لهذا الوطن من الماء إلى الماء.
وذكر عددًا من التوجهات الإيجابية في ميدان التعليم والتي توضّح الإنجازات التي بدأت في الفترة التي تحمّل فيها الضيف مسؤولية الإدارة العامة للتعليم بالمنطقة الشرقية وفي مقدمتها ما أسماه مدرسة الحي الابتدائية والاهتمام بتدريب المعلمين وكذلك إعطاء الأنشطة الصفية الأهمية التي تستحقها باعتبارها لا تقل تأثيرًا عن التعلم الصفي في بناء شخصية الطالب من جوانبها المختلفة واكتشاف المواهب وتنميتها. ورعايتها.
بدوره، تحدث ضيف المنتدى عن تجربته وحكى أنه عندما كان طالبًا تنقل بين التعلم غير النظامي والمدرسة النظامية الابتدائية، وبيّن كيف عُيّن معلمًا بعد حصوله على الشهادة الابتدائية في سن الثانية عشرة وكيف حصل بعد ذلك على شهادة المرحلة المتوسطة ثم المرحلة الثانوية عن طريق المنازل أثناء عمله في التعليم قبل أن يترك الوظيفة ليعود إلى مقاعد الراية طالبًا في قسم اللغة الإنجليزية بالجامعة للحصول على البكالوريوس، ثم ابتعاثه بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية لينال درجتي الماجستير والدكتوراه بناء على نصيحة الأمير خالد بن فهد بن خالد الذي كان وكيلًا لوزارة المعارف حينئذ بعد أن كان ينوي إكمال دراسته في المملكة المتحدة.
وعن سيرته العملية بعد عودته من أمريكا فتحدث عن عمله مدرسًا في الجامعة، ثم وكيلًا لعمادة القبول لشؤون الطلاب ثم اختياره مع اثنين آخرين من أساتذة الجامعات لتولي إدارة المناطق الكبرى التعليمية الثلاث في المملكة وهي المناطق الغربية والوسطى والشرقية حيث تولى مسؤولياته كمدير عام للتعليم في الأخيرة، فكانت مسؤوليات الإدارة العامة للتعليم بالمنطقة الشرقية في ذلك الوقت تمتد من بيرين على أطراف الربع الخالي إلى طريف على حدود الأردن شمالًا، ذاكرًا أثناء الحديث عن هذه المرحلة الكثير من التحديات والصعوبات التي تم التغلب عليها في سبيل تحقيق توجهات ولاة الأمر – أيدهم الله – في نشر التعليم في جميع مناطق المملكة بما في ذلك الهجر والبادية إضافة إلى الحاضرة إلى جانب رفع مستوى أداء المؤسسة التعليمية بجميع المجالات، كما ذكر عددًا من المواقف الطريفة التي واجهها أثناء هذه المهمة في مثل تلك الظروف والأحوال، كما تحدث عن مسيرة التعليم واعتزازه الكبير بأسماء العديد من المربين الأوائل وروّاد التعليم من المواطنين ومن أبناء المنطقة والمحافظة أيضًا ودورهم في كل ما تحقق من إنجازات.
وفي مجال الحديث عن التجارب الإدارية ذكر المحاضر أن المبادرة إلى اتخاذ القرار وممارسة الصلاحيات في الوقت المناسب هي في مقدمة أسباب النجاح وأن المعيار الأهم في كل ذلك ينبغي أن يكون هو تحقيق المصلحة العامة وقضاء حوائج الناس المشروعة والعمل بروح النظام الذي يضمن تحقيق هذه المصالح وليس التقيد بحرفية بعض الأنظمة التي قد تكون سببًا في تعطيلها أو تأجيلها.
وشهد اللقاء بعد ذلك عددًا من ًالمداخلات التي شارك بها الحضور والتي ألقت مزيدًا من الأضواء على تجربة الضيف لا سيما أن أكثر الذين قدموا مداخلاتهم هم من شهدوا أحداث هذه المرحلة، ومن بينهم محمد رضا نصر الله عضو مجلس الشورى السابق وخليل الفزيع رئيس تحرير جريدة اليوم الأسبق والمعلمون محمد الدعلوج وحسن الزائر وهلال الحبيل وعلوي الخباز وعبد الله القديحي والشيخ منصور طاهر الجشي وآخرون، وبعد أن رد الدكتور أبو علي على المداخلات كرم المنتدى عددًا من المعلمين الرواد الأوائل المتقاعدين وهم المعلمون سعيد سلمان عبد الهادي وعلي أبو السعود وصالح الرويشد وعلي الخنيزي وعبد الله الوزان وحسن السنان وعايدي الفرا وهلال حبيل ورضي الخلف وعبد الحميد محمد حسين.
وقدم جميع الحضور شكرهم لراعي المنتدى على حسن التنظيم والاختيار، متمنين لمنتدى الخط الحضاري المزيد من التوفيق في أداء رسالته للمنطقة والوطن.