عُرِّف البلاء بأنه: محنة تنزل بالمرء ليُختبر بها.
وبأنه الحزن والغم، كأنه يبلي الجسم ويجهده.
ابتليته: اختبرته.
يكون منحة، ويكون محنة.
لا يتحقق الجمال في الابتلاء إلا إذا اقترن بالصبر.
ومن الابتلاءات العظيمة فقد الأحبة بأي صورة كان الفقد، فهو يقلب الحياة رأسًا على عقب، ويحيل اللحظات الجميلة إلى أحاسيس مرة، إن الشوق إليهم يؤلم الفؤاد ويشطره، ومن يدخل في دائرة الشوق للمفقود لا يهنأ بالعيش، يمرض… وقد ينهار ولا يقوى على الاستمرار في الحياة، ولولا لطف الله بعباده؛ لهلك كل من دخل في هذه الدائرة.
لله ذر الثكالى والفاقدين والفاقدات!
لله ذرك يا أم موسى!
بصبرك الجميل على الابتلاء، وبأدبك الراقي مع الله وثقتك به وأملك في زوال المحنة، ولسانك اللاهج بالدعاء.. سطَّرتِ أروع الملاحم وأعظمها.
إذ اختلف الفقد لديك… فهو لوليدٍ انفصل عن روحك في التو واللحظة، ثم خطف من بين يديكِ عنوة؛ لِيُغَيَبْ عن ناظريك عقدين من الزمن.
كان غياب موسى محنة قدرية كبرى لأبويه المُؤمِنَين، ثم كانت العودة منحة إلهية عظمى.
يقول ابن القيم رحمه الله: إذا طال عليك البلاء مع استمرار الدعاء فاعلم أن الله لا يريد إجابة دعوتك فقط! بل يريد أن يعطيك فوقها عطايا لم تطلبها أنت.
فما أجمل عطايا الرب التي صاحبت عودة موسى إلى حضن أمه وعائلته وأهله ومجتمعه! وُلد من جديد وعاد تتقدمه خصال الخير المزروعة في جيناته الموروثه، فاحفظه اللهم وبارك فيه، واجعله قرة عين لوالديه ووفقه وسدد خطاه.
عاد الذي غاب طفلاً، عاد مع من شاركه المحنة (نايف القرادي، ومحمد العماري) بفضل من الله – جلت قدرته – وبفضل الجهود المباركة للجهات الأمنية… وإلى عوائلهم (البيولوجية) عادوا رجالاً بعد عشرين عاماً ومنهم من زاد عليها.
موسى الخنيزي بعودته زغردت الدنيا برمتها فرحاً، وابتهجت القطيف وبيوتاتها تزفه في عرس قل نظيره.
مِحَنُ الزمانِ كثيرةٌ لا تنقضي
وسُــرورهُ يأتيــكَ كالأعيــادِ
الإمام الشافعي
كم هو مثير للاهتمام أن نقف على الدروس والعبر نستقيها من هذا الحدث العجيب في تفاصيله، الشائك في ملابسات قضيته والظروف الغامضة التي تكتنفها.
قضية كبيرة لقصة مؤلمة… مازالت فصولها سارية حتى كتابة هذه الأسطر.