هل فكرت أن تسأل نفسك إن كنت حققت نجاحًا أو نصف نجاح؟ قد يكون السؤال غريبًا نوعًا ما لكنه يستحق أن نتعمق في بعده الفلسفي قليلًا. لنفترض أننا سلّطنا الضوء على منظمتين: (أ) و(ب).
منظمة (أ)
تحقق أرباحًا سنوية، مبناها متواضع، لا تملك موقعًا إلكترونيًا، اعتمادها في تحقيق الأرباح مبني على سمعتها في السوق.
منظمة (ب)
أيضًا تحقق أرباحًا سنوية، مقرها في مبنى معروف ومختار بعناية، تملك موقعًا إلكترونيًا وحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، تحقيقها للأرباح يعمتد بشكل كبير على الجانب التنظيمي.
من خلال المعطيات المذكورة نجد أن منظمة (ب) على قدر أكبر من الحصول على حصة سوقية واجتذاب كفاءات أكثر قد يكون جزء منها من منظمة (أ) نظير ما قدمته من جهد تنظيمي جعلها تظهر كبيئة تنظيمية إيجابية ليس على الصعيد التوظيفي فقط بل على صعيد التقاول والشراكات والموردين ومزودي الخدمات وغيرها الكثير. ولكن بالمقابل إن لم تكن تملك القدرة والخبرة الكافية على إدارة الأعمال فستصبح محدودة الربح شأنها شأن المنظمة (أ)، ما يعني أن كلا النموذجين معرضان للمحدودية (نصف نجاح) رغم التميز التنظيمي الشكلي للمنظمة (ب).
في المقابل، لو ظهرت منظمة أخرى في السوق استقطبت كفاءات تعادل كفاءات منظمة (أ) وتبنّت الجانب التنظيمي للمنظمة (ب) مع اهتمام أكثر بالتفاصيل. ألن ينتج عن ذلك استحواذ هذه المنظمة على النصيب الأكبر من حصة السوق. كلما زاد الاهتمام بالتفاصيل كلما زادت قوة المنظمة.
في الجانب الآخر، لنفترض أننا حضرنا مؤتمراً أو محفلاً اجتماعياً وأثناء تجولنا رأينا شخصاً بلباس متواضع لا يتواكب مع مستوى المحفل بينما رأينا شخصاً آخر مهتمًا بتفاصيل مظهره الخارجي، الشخص ذو اللباس المتواضع سيكون محل اهتمام من يعرفونه مسبقاً، بينما الشخص المهتم بلباسه سيكون محل جذب الحاضرين ولا يعني ذلك أنه الأفضل ربما بمجرد الحديث معه نجد أنه شخص ذو إمكانيات متواضعه. في المقابل وجدنا شخص متميز بمظهر لبق ومفوه في حديثه ويملك خبرات ومهارات جديرة بالاهتمام. هذا النموذج الأخير هو من استطاع تحقيق نجاح كامل أما النموذجان الآخران فحققا نصف نجاح فقط.
الشاهد في كلا المثالين أن حدة المنافسة بين المنظمات على صعيد السوق، والأفراد على صعيد الحياة المهنية يستلزم عدم تجاهل أصغر التفاصيل لنتمكن من النجاح بشكل مستمر. في كثير من المواقف نسمع بعض التذمر من خسارة أحدهم وظيفة أو عدم الحصول على ترقية رغم وجود الكفاءة والخبرة، وقد يكون السبب في ذلك غياب المهارات الشخصية مثل محاكاة الآخرين بشكل احترافي، والاهتمام بالمظهر الخارجي، ومراعات لغة الجسد، والإنصات والتحدث بطريقة تلفت انتباه الآخرين بشكل إيجابي، وغيرها من جوانب كثيرة تجعله خارج دائرة المنافسة.
قد نملك الخبرة وقد نملك الكفاءة المهنية ولكن نفتقر لمهارة التواصل مع الآخرين وطرح أفكارنا بطريقة مفهومة وسلسة، ففقدان هذه التفاصيل ربما يجعلنا نحقق نصف نجاح فقط وربما يجعلنا خارج السوق فالمنافسة شرسة وتستوجب السعي نحو التطوير المستمر ليس على الصعيد المهني فقط بل على الصعيد الشخصي، لذلك أجد أن مقومات النجاح أشبه بالمثلث، وفقدان أحد أضلاعه يجعله معرضًا للسقوط ومن ثم الفشل في المنافسة والنجاح.
مثلث مقومات النجاح:
الكفاءة
الخبرة
المهارات الشخصية
ولك عزيزي القارئ أن تتخيل الافتقار لأي من هذه المقومات أو تكاملها على الصعيد المهني.