طابت أوقاتكم بكل خير أحبتي الكرام..
دار نقاش في أحد المجالس وكان بطله رجل وقور من كبار السن، فأحببت مشاركتكم هذا الحوار.
الرجل الوقور: من المؤسف انتشار ظاهرة الغيبة والترويج لها بعدة مسميات، فالبعض لا هم له سوى نشر عيوب الآخرين وقد يصل الأمر إلى اختلاق القصص الكاذبة بدافع الغيرة أو التنافس معه في أحد المجالات لإيهام الآخرين بكماله ونقص الطرف المقابل، تحت مسمى (التحذير).
– فقاطعه أحد الحضور: ولكن لا غيبة لفاسق كما يقال في الشرع؟
– أما اختلاق القصص فهو بهتان، وأما الفاسق فهو المجاهر بالمعصية متعمداً أمام مجتمعه وشيوع فعله أمام من يتحدثون عنه، وليس بمجرد السمع من الآخرين إضافة إلى ذلك عدم اغتيابه بما لا يشمل تجاهروه بفسقه في بقية الموارد، وأما في حال اشتهار توبته فالأمر يختلف فلا تصح غيبته تحت مسمى (هذا كان).
وللأسف فإن البعض يغوص في تاريخ الآخرين لإبراز عيوبهم لدوافع نفسية.
فقال أحد الحضور: أحد الأصدقاء لا يتقبل النصيحة فأضطر إلى نقده في غيابه؟
– فرد الرجل الوقور بعد تبسم: عدم تقبله النصح لا يستوجب غيبته وإبراز عيوبه، ومن الملاحظ في عصر التكنولوجيا الغيبة بمسمى النقد في وسائل التواصل الاجتماعي.
فالنقد يكون للفكرة أو النظرية وفق أسس علمية وعقلية لا للشخص نفسه بدافع التسقيط ومحاربة المنجزين.
ومن المعيب حدوث هذا الفعل في بعض مجموعات الواتساب بمشاركة البعض قولاً أو صمتاً.
وفجأة دخل أحد الأشخاص وقاطع الحديث، فما كان من أحد الحضور إلا التبسم في وجهه قائلاً: دعنا نستكمل الموضوع عزيزي أولاً.
– أحد الموجودين: في بعض الأحيان يكون الدافع العبرة والموعظة بسرد سلبيات الآخرين؟
فتبسم قائلاً: وما الدافع لذكر أسمائهم؟
– ولكن عندما يظهر الإنسان مظلوميته لا مانع في ذلك؟
بشروط منها: المظلومية المتفق عليها، وإصرار الظالم على فعله ومعرفة المجتمعين بالظلامة معرفة تامة، فالبعض يعاني عقدة المظلومية.
وعندها تحدث أحد الشباب قائلاً: وهل آبائي على باطل عندما يذكرون عيوب الآخرين؟
هذه هي التربية الصامتة.
– فقاطعه أحدهم: في بعض الأحيان يكون الدافع إضاعة الوقت والتسلية بدلاً من السكوت والالتهاء بالهواتف.
فتبسم الرجل الوقور قائلاً: هذا دليل الفقر المعرفي.
ولكنه باغتنا بسؤال: لماذا لا نقوم بإظهار الجوانب الإيجابية للآخرين بدلاً من إظهار الجانب السلبي؟ أم أننا نفتقر الإيجابية في شخصياتنا؟
– ولكن ما الرابط بين أكل لحم الميت وبين أكل لحم المستغاب؟
كلاهما لا يستطيع الدفاع عن نفسه.